السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
عساكم من عوّاده جميعا ....
تمهيد ..
( رأيي صواب قابل للخطأ و رأي غيري خطأ قابل للصواب ) ...
(يعتبر الحياد من مقومات نجاح القراءات الفنية الأدبية تحديدا و يتمثل في التركيز على النص و استخدام الأدوات الفنية المناسبة مع إمكانية المزج بين أكثر من أداة فيما يحقق الوضوح و يقرب الصورة للمتلقي في قالب فني لا يقل جودة و تشويقا عن النص الشعري المقروء .)
[poem=font="Simplified Arabic,4,#000000,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
ياعوالي نجد من جور الزمان اذريني =واحفضي لي هيبتي مابين ذيك وذيه
جيت من حر السموم ولاهبه شاويني=اطوي الــبيدا وادوّر في ذراك الفيه[/poem]
(يا) لا يمكن أن تكون للمناداة بمعناها التقليدي أي الإستدعاء مع أنها تبدو كذلك و للوهلة الأولى خاصة في هذا الموضع من القصيدة حيث الإبتداء و ذلك لأنها ارتبطت بها معانٍ تظلّمية و استعطافية من واقع عايشه الشاعر حسب قصيدته و كذلك لأن النداء دائما يكون للسامع ,,,
إذا ما هي هذه (يا) ؟
أرى ـ وجهة نظر ـ أنها (يا) مشاكاة و تعبير عن حال بصوت مرتفع !!
و هي ندائية إستدعائية إن نظرنا لـ ( عوالي نجد ) على أنها استعارة و رمزية عن شخوص لهم وضعهم الإجتماعي في عوالي نجد فقط إذ ناداهم الشاعر تحديدا و ضمنيا بنجدته و حمايته (من جور الزمان) هذه التركيبة الرائعة و المستهلكة معا والتي صوّر بها حجم المعاناة و شدة وطأتها , و ( اذريني ) التي تكتب (أذريني) بهمزة الوصل لأنها لا تنطق بوصل كلمتها بماقبلها و المخفية تدوينا لسلامة الشطر مع أن لي في المفردة رأي آخر حيث أنها لم تحقق الطاقة الدلالية لها مما أوهن الشطر , فبمقارنتها بالمفردة المتممة للبيت الثاني (الفيّة) فإنها لا تحقق الغرض فمن يريد أن يتذرّى لا يبحث عن فيّه !
و تكررت أفعال بصيغة الأمر أو الرجاء ( أذريني , أحفظي ) و تكرار الصيغة كتكرار المفردة أو المعنى يهدف للتأكيد على المقصود , (مابين ذيك و ذيه) اسمَي إشارة (تلك وهذه) و هما مثيران للتساؤل بهذه الهيئة من التواجد و بتقدم (مابين) عليهما في السياق البنائي القائم , هل يُقصد بحفظ الهيبة بين وضعين متباينين حول المستَنْجَد به أم بين ما المُستنجِد فيه و ما قدم منه ؟... كما أرى أنه قد جانبه الصواب في الانتقاء أو ما يعرف بالطاقة الدلالية للمفردة ( هيبتي ) إذ أن الهيبة ذاتية النشوء و ما حولها ليس إلا أدوات مساعدة فكيف يطلب من الآخر أن يحفظ له هيبته ؟ فلو استبدلت بـ ( حريتي , فكرتي ) أو فيما معناهما لكانت أوفـَق ... و جمالية الانتقال للبيت الثاني تمثلت في سلاسة التحول و رشاقته بين طاقات الفعل الصرفية من الأمر إلى الماضي ( أذريني , جيت ) مما أبرز قوة اللحمة البنائية بينهما , ناهيك عن تماسكهما و ترابطهما معنويا , (حر السموم و لاهبه) لم تستقم في التركيب اللغوي العام للجملة حيث تزاحمت المفردات المتشابهة أو القريبة التشابه ولأن بعضها يفي بالغرض فلو أُكتُفي به لأخذ الشاعر مندوحة من البناء الكلمي لمفردات أخرى تبث صورا جمالية و تثري البيت بأخيلة تعبيرية تساعد في بلورة الفكرة الشعرية , و لكن اختلاف الطاقة الصرفية في أفعال الشطر الثاني ( أطوي , ادوّر) المستمرة الديناميكية أحدثت ما يشبه الهزة بين طرفي البيت من حيث التناقض بين المكانية و الزمانية فيه, فهناك (جاء ) الماضية و هنا (أطوي,ادوّر) المضارعة . أما فيما يتعلق بالفيّة و هي الظل للشيء و بها يستراح من حرارة أشعة الشمس و لكنها لا تستخدم في اللهجات الدارجة للتعبير كمكان يُتذرّى به أو كمصد للسموم أو لرياح ! و كذلك لفظة (ذراك) لا تنسجم مع لفظة (الفية) مبنىً و معنى . مع أنني لا أضيّق واسعا فربما تستخدم وفق ما أورده الشاعر و لكنني لا أجدها فيما أعرفه في كثير من اللهجات فكتبت رايي و ليس الأرجح بالضرورة .
أما الصور الجمالية في هذين البيتين فتمثلت في الرمزية (عوالي نجد) التي تتضح لمن يدرك المصطلحات الشعبية أنها قد تكون إشارة لديار الشاعر و رموزها حيث أنها في عالية نجد الجنوبية و لا يُتحقق من ذلك إلا بتفكيك الرمز نوويا انطلاقا من المفردة (عوالي), و ليس بالضرورة صحة هذا المذهب . و كذلك الصورة ذات النبض الحركي الذي جعل آلية البيت مستساغة و المتمثلة في (أطوي , أدوّر) كما أضفت عليها مفردة (البيدا) وقعا موسيقيا و خلفية صحراوية عززتا حركية المشهد ..
هذه نظرة فنية مقتضبة للجانب البنائي و الفني لبيتين فقط من بداية القصيدة , آمل أنها رسمت تصورا مبدئيا لقراءة ما بعدها ...
أما ما يتعلق بالخوض في المعنى العام فله مبحث و آلية أخرى تحتاج لإستيضاح بعض المعطيات من الشاعر و من يجزم بفهم قطعي لمعنى أي قصيدة فهو واهم ...
تحياتي للجميع
عساكم من عوّاده جميعا ....
تمهيد ..
( رأيي صواب قابل للخطأ و رأي غيري خطأ قابل للصواب ) ...
(يعتبر الحياد من مقومات نجاح القراءات الفنية الأدبية تحديدا و يتمثل في التركيز على النص و استخدام الأدوات الفنية المناسبة مع إمكانية المزج بين أكثر من أداة فيما يحقق الوضوح و يقرب الصورة للمتلقي في قالب فني لا يقل جودة و تشويقا عن النص الشعري المقروء .)
[poem=font="Simplified Arabic,4,#000000,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
ياعوالي نجد من جور الزمان اذريني =واحفضي لي هيبتي مابين ذيك وذيه
جيت من حر السموم ولاهبه شاويني=اطوي الــبيدا وادوّر في ذراك الفيه[/poem]
(يا) لا يمكن أن تكون للمناداة بمعناها التقليدي أي الإستدعاء مع أنها تبدو كذلك و للوهلة الأولى خاصة في هذا الموضع من القصيدة حيث الإبتداء و ذلك لأنها ارتبطت بها معانٍ تظلّمية و استعطافية من واقع عايشه الشاعر حسب قصيدته و كذلك لأن النداء دائما يكون للسامع ,,,
إذا ما هي هذه (يا) ؟
أرى ـ وجهة نظر ـ أنها (يا) مشاكاة و تعبير عن حال بصوت مرتفع !!
و هي ندائية إستدعائية إن نظرنا لـ ( عوالي نجد ) على أنها استعارة و رمزية عن شخوص لهم وضعهم الإجتماعي في عوالي نجد فقط إذ ناداهم الشاعر تحديدا و ضمنيا بنجدته و حمايته (من جور الزمان) هذه التركيبة الرائعة و المستهلكة معا والتي صوّر بها حجم المعاناة و شدة وطأتها , و ( اذريني ) التي تكتب (أذريني) بهمزة الوصل لأنها لا تنطق بوصل كلمتها بماقبلها و المخفية تدوينا لسلامة الشطر مع أن لي في المفردة رأي آخر حيث أنها لم تحقق الطاقة الدلالية لها مما أوهن الشطر , فبمقارنتها بالمفردة المتممة للبيت الثاني (الفيّة) فإنها لا تحقق الغرض فمن يريد أن يتذرّى لا يبحث عن فيّه !
و تكررت أفعال بصيغة الأمر أو الرجاء ( أذريني , أحفظي ) و تكرار الصيغة كتكرار المفردة أو المعنى يهدف للتأكيد على المقصود , (مابين ذيك و ذيه) اسمَي إشارة (تلك وهذه) و هما مثيران للتساؤل بهذه الهيئة من التواجد و بتقدم (مابين) عليهما في السياق البنائي القائم , هل يُقصد بحفظ الهيبة بين وضعين متباينين حول المستَنْجَد به أم بين ما المُستنجِد فيه و ما قدم منه ؟... كما أرى أنه قد جانبه الصواب في الانتقاء أو ما يعرف بالطاقة الدلالية للمفردة ( هيبتي ) إذ أن الهيبة ذاتية النشوء و ما حولها ليس إلا أدوات مساعدة فكيف يطلب من الآخر أن يحفظ له هيبته ؟ فلو استبدلت بـ ( حريتي , فكرتي ) أو فيما معناهما لكانت أوفـَق ... و جمالية الانتقال للبيت الثاني تمثلت في سلاسة التحول و رشاقته بين طاقات الفعل الصرفية من الأمر إلى الماضي ( أذريني , جيت ) مما أبرز قوة اللحمة البنائية بينهما , ناهيك عن تماسكهما و ترابطهما معنويا , (حر السموم و لاهبه) لم تستقم في التركيب اللغوي العام للجملة حيث تزاحمت المفردات المتشابهة أو القريبة التشابه ولأن بعضها يفي بالغرض فلو أُكتُفي به لأخذ الشاعر مندوحة من البناء الكلمي لمفردات أخرى تبث صورا جمالية و تثري البيت بأخيلة تعبيرية تساعد في بلورة الفكرة الشعرية , و لكن اختلاف الطاقة الصرفية في أفعال الشطر الثاني ( أطوي , ادوّر) المستمرة الديناميكية أحدثت ما يشبه الهزة بين طرفي البيت من حيث التناقض بين المكانية و الزمانية فيه, فهناك (جاء ) الماضية و هنا (أطوي,ادوّر) المضارعة . أما فيما يتعلق بالفيّة و هي الظل للشيء و بها يستراح من حرارة أشعة الشمس و لكنها لا تستخدم في اللهجات الدارجة للتعبير كمكان يُتذرّى به أو كمصد للسموم أو لرياح ! و كذلك لفظة (ذراك) لا تنسجم مع لفظة (الفية) مبنىً و معنى . مع أنني لا أضيّق واسعا فربما تستخدم وفق ما أورده الشاعر و لكنني لا أجدها فيما أعرفه في كثير من اللهجات فكتبت رايي و ليس الأرجح بالضرورة .
أما الصور الجمالية في هذين البيتين فتمثلت في الرمزية (عوالي نجد) التي تتضح لمن يدرك المصطلحات الشعبية أنها قد تكون إشارة لديار الشاعر و رموزها حيث أنها في عالية نجد الجنوبية و لا يُتحقق من ذلك إلا بتفكيك الرمز نوويا انطلاقا من المفردة (عوالي), و ليس بالضرورة صحة هذا المذهب . و كذلك الصورة ذات النبض الحركي الذي جعل آلية البيت مستساغة و المتمثلة في (أطوي , أدوّر) كما أضفت عليها مفردة (البيدا) وقعا موسيقيا و خلفية صحراوية عززتا حركية المشهد ..
هذه نظرة فنية مقتضبة للجانب البنائي و الفني لبيتين فقط من بداية القصيدة , آمل أنها رسمت تصورا مبدئيا لقراءة ما بعدها ...
أما ما يتعلق بالخوض في المعنى العام فله مبحث و آلية أخرى تحتاج لإستيضاح بعض المعطيات من الشاعر و من يجزم بفهم قطعي لمعنى أي قصيدة فهو واهم ...
تحياتي للجميع
تعليق