موضوع منقول لأهميته وتوقيت مناسبته, وكل عام وانتم بخير
[align=center]
بــــــــسم اللــــــــه الرحـــــــــمن الرحـــــــــيم
أحكام وآداب العيد[/align]
شرع الله لعباده دينًا قِيَمًا، فلم يدع أمرًا إلا وبيَّن لهم فيه حكمه، وأرشدهم إلى منهج قويم، يضبط سلوكهم، ويُعينهم على إعمار ما استخلفهم فيه، فجاء شرعًا يوازن بين حياة الدنيا وحياة الآخرة، ويلبي حاجات الروح والجسد معًا .
ومشروعية العيد لم تخرج عن هذه القاعدة، إذ جاء الشرع الحنيف بأحكام خاصة به، توجِّه سلوك المسلم في هذه المناسبة وفق شرع الله وسَنَنَه، وفيما يلي إطلالة عاجلة على بعض الأحكام والآداب المتعلقة بمشروعية العيد .
حرمة صوم يوم العيد
وهو أول أيام العيد، لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه أنه صلى قبل الخطبة ثم خطب الناس، فقال: " يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نُسُكَكَم " .
الإكثار من التكبير
لقوله تعالى: { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ** (البقرة: 185) والتكبير يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر حتى صلاة العيد، ويكون عامًا في الأماكن كلها، ولا تكبير في عيد الفطر عقب الصلوات المفروضة,أما في يوم الأضحي فالتكبير من فجر يوم عرفة إلي ما بعد صلاة عصر آخر ايام التشريق.
الاغتسال للعيد
والتنظُّف له؛ وقد ثبت أن ابن عمر رضي الله عنه كان يفعل ذلك، وهو معروف باتباعه للسُّنَّة والالتزام بها
الطعام
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات " [رواه البخاري ].
قال المهلب: « الحكمة في الأكل قبل الصلاة: أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة » [فتح الباري: 2-447 ]
وعن بريدة رضي الله عنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته " [حسن. رواه الترمذي وابن ماجه ].
المشي
ويُستحب أن يخرج إلى صلاة العيد ماشيًا، لحديث عليٍّ رضي الله عنه، قال: " من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً، وأن تأكل شيئاً قبل أن تخرج " رواه الترمذي وحسَّنه .
خروج النساء
ولا بأس بخروج النساء يوم العيد لحضور الصلاة وشهود الخطبة، واستحب ذلك بعض أهل العلم. وكل ذلك مشروط بأمن الفتنة؛ ودليل ذلك ما رواه مسلم عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: " أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، وذوات الخُدُور، فأما الحُيَّضُ فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين " والعواتق: جمع عاتق، وهي المرأة الشابة غير المتزوجة؛ والخدر: سِتْرٌ يُمَدُّ للفتاة في ناحية البيت، ثم أُطلق على كلُّ ما يواري من بَيْتٍ ونحوه خِدْرًا، والجمع خُدُورٌ، والمقصود هنا النساء الملازمات للبيوت .
وينبغي التنبُّه هنا، أن على المرأة في العيد وفي غيره، أن لا تخرج متطيبة متعطرة، أو مرتدية ثيابًا ملفتة للانتباه، أو لباسًا غير شرعي، ونذكِّر هنا بقوله تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ** .
التهنئة
ثم لا بأس بالتهنئة في العيد، كأن يقول لمن لقيه: تقبَّل الله منا ومنكم، وأعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة، وعيدكم مبارك، ونحو ذلك؛ لحديث أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه أنهم كانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال الإمام أحمد : إسناد حديث أبي أُمامة إسناد جيد. قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وقد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخَّص فيه الأئمة من بعدهم، كـ أحمد وغيره".
قال جبير بن نفير: « كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك » [فتح الباري ( 2-446 ) ].
لبس الجديد
ويُستحب كذلك لبس أفضل الثياب، لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته " رواه أبو داود . ويوم العيد يشبه يوم الجمعة من حيث المعنى، فكان من السُّنَّة فعل ذلك .
أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( أخذ عمر جبة من استبرق، تباع في السوق، فأخذها، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم :" إنما هذه لباس من لا خلاق له "، فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها عمر، فأتى بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنك قلت: ( إنما هذه لباس من لا خلاق له ) وأرسلت إليَّ بهذه الجبة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "تبيعها أو تصيب بها حاجتك " ) ) [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد ].
قال الإمام السندي: « منه عُلم أن التجمل يوم العيد كان عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم ، فعُلم بقاؤها ». [حاشية السندي على النسائي 13-181 ].
وكان ابن عمر: يلبس أحسن ثيابه في العيدين. [فتح الباري 2-439 ]
مخالفة الطريق
من السُّنَّة أن يخرج إلى العيد من طريق ويعود من غيره، لفعله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه جابر رضي الله عنه، قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " رواه البخاري .
وقد ذكر أهل العلم لذلك عللاً كثيرة، منها: إظهار شعيرة الله بالذهاب والإياب لأداء هذه الفريضة، ومنها إغاظة المنافقين، ومنها السلام على أهل الطريقين، ومنها شهادة سكان الطريقين من الجن والإنس، ومنها التفاؤل بالخير بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، ومنها قضاء حاجة من له حاجة في الطريقين؛ ولا مانع من صحة كل ما ذكروه من العلل، كما أنه لا مانع أن تكون هناك علل أخرى .
صيغ التكبير
"الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد". [رواه ابن أبي شيبة وصححه الألباني ].
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد". [عن ابن مسعود وابن عباس بسند صحيح ]
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا". [رواه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان ]
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجلّ، الله أكبر على ما هدانا" [رواه البيهقي، وصحح إسناده الألباني عن ابن عباس ]
لا يصلى قبل العيد شيئ
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يصلي يوم الفطر ركعتين، لم يصلّ قبلها ولا بعدها " [رواه البخاري ]
قال ابن حجر في "الفتح" ( 2-476 ): " « والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها، خلافًا لمن قاسها على الجمعة ».
وعن أبي سعيد الخدري: « كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئًا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين » [رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني ]
لا أذان ولا إقامة للعيدين
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة. [رواه مسلم ]
وعن ابن عباس وجابر رضي الله عنهم قالا: ( لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى ). [رواه البخاري ]
قال ابن القيم في "زاد المعاد" ( 1-442 ): « وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان، ولا إقامة، ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك ».
قال الصنعاني في "سبل السلام" ( 2-67 ): « وهو دليل على عدم شرعيتهما في صلاة العيد فإنها بدعة».
القراءة في صلاة العيد
يستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) كما في صحيح مسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ فَقَالَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . " صحيح مسلم 891
وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية كما كان يقرأ بهما في الجمعة فقد جاء عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ . " صحيح مسلم 878
وقال سمرة رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ( سبح اسم ربك الأعلى ) و (هل أتاك حديث الغاشية ) رواه أحمد وغير وهو صحيح الإرواء 3/116
الاستماع لخطبة العيد
قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الكافي ص 234 .فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتي الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء .. ثم قال :-
الرابع : أنهما سنة لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما ، لما روى عبد الله بن السائب قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد ، فلما قضى الصلاة قال : ( إنا نخطب من أراد أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب ) .
وقال النووي رحمه الله في كتابه المجموع شرح المهذب ص 23 :
ويستحب للناس استماع الخطبة ، وليست الخطبة ولا استماعها شرطاً لصحة صلاة العيد ، لكن قال الشافعي : لو ترك استماع خطبة العيد أو الكسوف أو الاستسقاء أو خطب الحج أو تكلم فيها أو انصرف وتركها كرهته ولا إعادة عليه .
وفي الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين 5/192 :قوله : ( كخطبتي الجمعة ) أي يخطب خطبتين على الخلاف الذي أشرنا إليه سابقاً ، كخطبتي الجمعة في الأحكام حتى في تحريم الكلام ، لا في وجوب الحضور ، فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى : ( يا آيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) وخطبتا العيد لا يجب الحضور إليهما ، بل للإنسان أن ينصرف ، لكن إذا بقي يجب عليه أن لا يكلم أحداً ، وهذا ما يشير إليه قول المؤلف : ( كخطبتي الجمعة ) .
وقال بعض أهل العلم ، لا يجب الإنصات لخطبتي العيدين ، لأنه لو وجب الإنصات لوجب الحضور ، ولحرم الإنصراف ، فكما كان الإنصراف جائزاً .. فالاستماع ليس بواجب .
ولكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلام التشويش على الحاضرين حَرُم الكلام من أجل التشويش ، لا من أجل الاستماع ، بناء على هذا لو كان مع الإنسان كتاب أثناء خطبة الإمام خطبة العيد فإنه يجوز أن يراجعه ، لأنه لا يشوش على أحد . أما عل
تنبيهات على بعض المنكرات
بعض الناس يعتقدون مشروعية إحياء ليلة العيد ، ويتناقلون في ذلك حديثا لا يصح ، وهو أن من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب وهذا الحديث جاء من طريقين ، أحدهما ضعيف والآخر ضعيف جدا ، فلا يشرع تخصيص ليلة العيد بذلك من بين سائر الليالي ، وأما من كان يقوم سائر الليالي فلا حرج أن يقوم في ليلة العيد و أيضا اختلاط النساء بالرجال في بعض المصليات والشوارع وغيرها ، ومن المحزن أن يحدث هذا في أقدس البقاع ؛ في المساجد بل المسجد الحرام ، فإن كثيرا من النساء - هداهن الله - يخرجن متجملات متعطرات ، سافرات ، متبرجات ، ويحدث في المسجد زحام شديد ، وفي ذلك من الفتنة والخطر العظيم ما لا يخفى ، ولهذا لا بد للقائمين على ترتيب صلاة العيد من تخصيص أبواب ومسارات خاصة للنساء وأن يتأخّر خروج الرجال حتى ينصرف النساء .
تقبل الله منا و منكم
[align=center]
بــــــــسم اللــــــــه الرحـــــــــمن الرحـــــــــيم
أحكام وآداب العيد[/align]
شرع الله لعباده دينًا قِيَمًا، فلم يدع أمرًا إلا وبيَّن لهم فيه حكمه، وأرشدهم إلى منهج قويم، يضبط سلوكهم، ويُعينهم على إعمار ما استخلفهم فيه، فجاء شرعًا يوازن بين حياة الدنيا وحياة الآخرة، ويلبي حاجات الروح والجسد معًا .
ومشروعية العيد لم تخرج عن هذه القاعدة، إذ جاء الشرع الحنيف بأحكام خاصة به، توجِّه سلوك المسلم في هذه المناسبة وفق شرع الله وسَنَنَه، وفيما يلي إطلالة عاجلة على بعض الأحكام والآداب المتعلقة بمشروعية العيد .
حرمة صوم يوم العيد
وهو أول أيام العيد، لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه أنه صلى قبل الخطبة ثم خطب الناس، فقال: " يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نُسُكَكَم " .
الإكثار من التكبير
لقوله تعالى: { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ** (البقرة: 185) والتكبير يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر حتى صلاة العيد، ويكون عامًا في الأماكن كلها، ولا تكبير في عيد الفطر عقب الصلوات المفروضة,أما في يوم الأضحي فالتكبير من فجر يوم عرفة إلي ما بعد صلاة عصر آخر ايام التشريق.
الاغتسال للعيد
والتنظُّف له؛ وقد ثبت أن ابن عمر رضي الله عنه كان يفعل ذلك، وهو معروف باتباعه للسُّنَّة والالتزام بها
الطعام
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات " [رواه البخاري ].
قال المهلب: « الحكمة في الأكل قبل الصلاة: أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة » [فتح الباري: 2-447 ]
وعن بريدة رضي الله عنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته " [حسن. رواه الترمذي وابن ماجه ].
المشي
ويُستحب أن يخرج إلى صلاة العيد ماشيًا، لحديث عليٍّ رضي الله عنه، قال: " من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً، وأن تأكل شيئاً قبل أن تخرج " رواه الترمذي وحسَّنه .
خروج النساء
ولا بأس بخروج النساء يوم العيد لحضور الصلاة وشهود الخطبة، واستحب ذلك بعض أهل العلم. وكل ذلك مشروط بأمن الفتنة؛ ودليل ذلك ما رواه مسلم عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: " أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، وذوات الخُدُور، فأما الحُيَّضُ فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين " والعواتق: جمع عاتق، وهي المرأة الشابة غير المتزوجة؛ والخدر: سِتْرٌ يُمَدُّ للفتاة في ناحية البيت، ثم أُطلق على كلُّ ما يواري من بَيْتٍ ونحوه خِدْرًا، والجمع خُدُورٌ، والمقصود هنا النساء الملازمات للبيوت .
وينبغي التنبُّه هنا، أن على المرأة في العيد وفي غيره، أن لا تخرج متطيبة متعطرة، أو مرتدية ثيابًا ملفتة للانتباه، أو لباسًا غير شرعي، ونذكِّر هنا بقوله تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ** .
التهنئة
ثم لا بأس بالتهنئة في العيد، كأن يقول لمن لقيه: تقبَّل الله منا ومنكم، وأعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة، وعيدكم مبارك، ونحو ذلك؛ لحديث أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه أنهم كانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال الإمام أحمد : إسناد حديث أبي أُمامة إسناد جيد. قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وقد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخَّص فيه الأئمة من بعدهم، كـ أحمد وغيره".
قال جبير بن نفير: « كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك » [فتح الباري ( 2-446 ) ].
لبس الجديد
ويُستحب كذلك لبس أفضل الثياب، لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته " رواه أبو داود . ويوم العيد يشبه يوم الجمعة من حيث المعنى، فكان من السُّنَّة فعل ذلك .
أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( أخذ عمر جبة من استبرق، تباع في السوق، فأخذها، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم :" إنما هذه لباس من لا خلاق له "، فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها عمر، فأتى بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنك قلت: ( إنما هذه لباس من لا خلاق له ) وأرسلت إليَّ بهذه الجبة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "تبيعها أو تصيب بها حاجتك " ) ) [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد ].
قال الإمام السندي: « منه عُلم أن التجمل يوم العيد كان عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم ، فعُلم بقاؤها ». [حاشية السندي على النسائي 13-181 ].
وكان ابن عمر: يلبس أحسن ثيابه في العيدين. [فتح الباري 2-439 ]
مخالفة الطريق
من السُّنَّة أن يخرج إلى العيد من طريق ويعود من غيره، لفعله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه جابر رضي الله عنه، قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " رواه البخاري .
وقد ذكر أهل العلم لذلك عللاً كثيرة، منها: إظهار شعيرة الله بالذهاب والإياب لأداء هذه الفريضة، ومنها إغاظة المنافقين، ومنها السلام على أهل الطريقين، ومنها شهادة سكان الطريقين من الجن والإنس، ومنها التفاؤل بالخير بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، ومنها قضاء حاجة من له حاجة في الطريقين؛ ولا مانع من صحة كل ما ذكروه من العلل، كما أنه لا مانع أن تكون هناك علل أخرى .
صيغ التكبير
"الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد". [رواه ابن أبي شيبة وصححه الألباني ].
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد". [عن ابن مسعود وابن عباس بسند صحيح ]
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا". [رواه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان ]
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجلّ، الله أكبر على ما هدانا" [رواه البيهقي، وصحح إسناده الألباني عن ابن عباس ]
لا يصلى قبل العيد شيئ
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يصلي يوم الفطر ركعتين، لم يصلّ قبلها ولا بعدها " [رواه البخاري ]
قال ابن حجر في "الفتح" ( 2-476 ): " « والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها، خلافًا لمن قاسها على الجمعة ».
وعن أبي سعيد الخدري: « كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئًا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين » [رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني ]
لا أذان ولا إقامة للعيدين
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة. [رواه مسلم ]
وعن ابن عباس وجابر رضي الله عنهم قالا: ( لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى ). [رواه البخاري ]
قال ابن القيم في "زاد المعاد" ( 1-442 ): « وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان، ولا إقامة، ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك ».
قال الصنعاني في "سبل السلام" ( 2-67 ): « وهو دليل على عدم شرعيتهما في صلاة العيد فإنها بدعة».
القراءة في صلاة العيد
يستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) كما في صحيح مسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ فَقَالَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . " صحيح مسلم 891
وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية كما كان يقرأ بهما في الجمعة فقد جاء عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ . " صحيح مسلم 878
وقال سمرة رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ( سبح اسم ربك الأعلى ) و (هل أتاك حديث الغاشية ) رواه أحمد وغير وهو صحيح الإرواء 3/116
الاستماع لخطبة العيد
قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الكافي ص 234 .فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتي الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء .. ثم قال :-
الرابع : أنهما سنة لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما ، لما روى عبد الله بن السائب قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد ، فلما قضى الصلاة قال : ( إنا نخطب من أراد أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب ) .
وقال النووي رحمه الله في كتابه المجموع شرح المهذب ص 23 :
ويستحب للناس استماع الخطبة ، وليست الخطبة ولا استماعها شرطاً لصحة صلاة العيد ، لكن قال الشافعي : لو ترك استماع خطبة العيد أو الكسوف أو الاستسقاء أو خطب الحج أو تكلم فيها أو انصرف وتركها كرهته ولا إعادة عليه .
وفي الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين 5/192 :قوله : ( كخطبتي الجمعة ) أي يخطب خطبتين على الخلاف الذي أشرنا إليه سابقاً ، كخطبتي الجمعة في الأحكام حتى في تحريم الكلام ، لا في وجوب الحضور ، فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى : ( يا آيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) وخطبتا العيد لا يجب الحضور إليهما ، بل للإنسان أن ينصرف ، لكن إذا بقي يجب عليه أن لا يكلم أحداً ، وهذا ما يشير إليه قول المؤلف : ( كخطبتي الجمعة ) .
وقال بعض أهل العلم ، لا يجب الإنصات لخطبتي العيدين ، لأنه لو وجب الإنصات لوجب الحضور ، ولحرم الإنصراف ، فكما كان الإنصراف جائزاً .. فالاستماع ليس بواجب .
ولكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلام التشويش على الحاضرين حَرُم الكلام من أجل التشويش ، لا من أجل الاستماع ، بناء على هذا لو كان مع الإنسان كتاب أثناء خطبة الإمام خطبة العيد فإنه يجوز أن يراجعه ، لأنه لا يشوش على أحد . أما عل
تنبيهات على بعض المنكرات
بعض الناس يعتقدون مشروعية إحياء ليلة العيد ، ويتناقلون في ذلك حديثا لا يصح ، وهو أن من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب وهذا الحديث جاء من طريقين ، أحدهما ضعيف والآخر ضعيف جدا ، فلا يشرع تخصيص ليلة العيد بذلك من بين سائر الليالي ، وأما من كان يقوم سائر الليالي فلا حرج أن يقوم في ليلة العيد و أيضا اختلاط النساء بالرجال في بعض المصليات والشوارع وغيرها ، ومن المحزن أن يحدث هذا في أقدس البقاع ؛ في المساجد بل المسجد الحرام ، فإن كثيرا من النساء - هداهن الله - يخرجن متجملات متعطرات ، سافرات ، متبرجات ، ويحدث في المسجد زحام شديد ، وفي ذلك من الفتنة والخطر العظيم ما لا يخفى ، ولهذا لا بد للقائمين على ترتيب صلاة العيد من تخصيص أبواب ومسارات خاصة للنساء وأن يتأخّر خروج الرجال حتى ينصرف النساء .
تقبل الله منا و منكم
تعليق