شقائق النعمان يا أبي
نَـــظرتُ إلى ألوان الحقل المغمورة بلون أرجواني وكأنَّه يَـــتماوج
ليفتح أحضانه لأحلامي وحَــفيف شقائق النعمان يشبه صوت قَـلم
الرصاص وهو يَــرسم على الأوراق البيضاء حكايات حُـب وهَـمس
حنون..
أنصتتُ !... صَـمتت روحي للحَظات، كأنَّ الكون أنهى مشواره الطويل
وأنا أقف في جنة مَـــليئة بشقائق النعمان...
تذكرتُ يوم حملتُ زهرة من بستان جدتي فرأيت وجهاً جَــميلاً ضحك
لي وداعبني....
تحدثنا وغَــفوت تحت أشعة الشمس الدافئة والزهرة عَــــلى خدي كأنها زهرة
سحرية طبعت على خدي من لونها الأحمر ...
فكانت شقائق النعمان السحرية المُضرجة بحُمرة الحَـــياء المُـغتصب من خدود
عذراء حالمة ..
رأيت السماء تَـبتسم لها ولي كأننا طفلتان في حقل فسيح ملأناه عطراً يضوع بأريج
الضحى المشرق في ذاك الصباح..
سارعت إلى أحضان أبي وهو مُمسك ببندقية الصيد العتيقة التي يعتز بها والأماني
تتطاير بأن يصطاد شيئاً وهو ابن المدينة البعيد عن أجواء الريف كانت ضَـحكاته
وهو يحضنني كضحكة زهرة شقائق النعمان ...
لامست بزهرتي بندقيته فوقعت أوراقها على الأرض، نظرت إليها وبكيت!..
لملمتُ أوراقها وكأنَّــــها أماني طفلة نثرتها ريح قوية ،بكيتُ وجَـفَّفت الشمس
دموعي المتناثرة على خدي لتحملها كما قطرة الماء إلى غُــيوم محمَّلة
بعبق روح زهرة شقائق النعمان وسمعت صَــــــوت طلقة نارية قوية
أرعبتني وزادت خَـوفي خوفاً فلم أشعر بقدمي إلا ويدا أبي تحملاني
حيث بيت جدتي القديم وهو يقول:" لن تأتي معي للصيد مرة ثانية
يا طفلتي!..
قلبك رقيق كَـــزهرة شقائق النعمان سيرافقني أخوك فهو صبي وقوي" ..
وضعت كَـفي على عيني خجلا، نزلتُ عن يديه ورفضت العودة لبيت جدتي
رميتُ عنق زهرة شقائق النعمان وأمسكت بندقية أبي ومشيت مَــعه نترقب
العصافير كي يُــكمل صيد ما يريد ...
كأنَّني لا زلت طفلة وها أنا أقف في حقل شقائق النعمان يا أبي....
بقلم وردة الضحى
ضحى عبدالرؤوف المل
نُشِرت بجريدة الأنشاء طرابلس
في 9-10-2009
تعليق