1 أُطـاعِنُ خَـيْلا مِـنْ فَوارِسِـها الدَّهْـرُ
وَحِـيدًا ومـا قَـوْلي كَـذا ومَعي الصَّبرُ
2 وأَشْــجَعُ منّـي كُـلَّ يَـوْمٍ سَـلامتي
ومــا ثَبَتَـتْ إِلا وفـي نفسِـها أَمْـرُ
3 تَمَرَّسْــتُ بِالآفــاتِ حـتى تَرَكْتُهـا
تَقُـولُ أَمـاتَ المَـوْتُ أمْ ذُعِـرَ الذُّعْرُ
4 وأَقْــدَمْتُ إقْــدامَ الأَتِـيِّ كـأَنَّ لـي
سـوَى مُهْجَـتي أو كـانَ لي عِنْدَها وِتْرُ
5 ذَرِ النَّفْسَ تَــأخُذْ وُسْـعَها قَبْـلَ بيْنِهـا
فمُفْــتَرِقٌ جــارانِ دارُهُمـا العُمْـرُ
6 وَلا تحْسَــبنَّ المَجْــدَ زِقًّــا وقيْنَـةً
فَمـا المَجْـدُ إلا السَّـيْفُ والفَتْكـة البِكْرُ
7 وتَضْـرِيبُ أعنـاقِ المُلُـوكِ وأَن تُـرَى
لَـكَ الهَبَـواتُ السُّـودُ والعَسْـكَرُ المَجْرُ
8 وتَــرْكُكَ فــي الدُّنْيـا دَوِيًّـا كأَنمـا
تَــداوَلَ سَـمْعَ المَـرْء أُنْمُلُـهُ العَشْـرُ
9 إِذا الفَضْـلُ لـم يَرْفَعكَ عَن شُكْرِ ناقصٍ
عـلى هِبَـةٍ فـالفَضْلُ فيمَـنْ لهُ الشُّكرُ
10 ومَـنْ يُنْفِـق السَّـاعاتِ فـي جَمْعِ مالِهِ
مَخافَــةَ فَقْــر فـالَّذي فَعَـلَ الفَقْـرُ !!!!
11 عَــلَيَّ لأَهْــلِ الجَـورِ كُـلُّ طِمِـرَّةٍ
عليهـا غُـلامٌ مِـلءُ حَيزومِـهِ غِمْـرُ
12 يُديــرُ بِــأَطْرافِ الرمــاحِ عَلَيْهِـمِ
كُـؤُوسَ المَنايـا حـيثُ لا تُشتَهَي الخَمْرُ
13 وكـم مِـنْ جِبـالٍ جُبْتُ تَشْهَدُ أَنَّني الـ
جِبــالُ وبَحْـرٍ شـاهِدٍ أَنَّنـي البَحْـرُ !!
14 وخــرْقٍ مَكــانُ العِيسِ منـهُ مَكانُنـا
مِـنَ العِيسِ فيـهِ واسـطُ الكورِ والظَّهْر
15 يَخِــدْن بِنــا فــي جَـوْزِه وكأَنَّنـا
عــلى كُـرَةٍ أَو أَرْضُـهُ مَعَنـا سَـفرُ
16 وَيَـــوْمٍ وَصَلْنــاهُ بِليْــلٍ كأَنَّمــا
عـلى أُفْقِـهِ مِـن بَرْقِـهِ حُـلَلٌ حُـمْرُ
17 وَلَيْـــلٍ وَصَلْنــاهُ بِيَــوْمٍ كأَنَّمــا
عـلى مَتْنِـهِ مِـنْ دَجْنِـهِ حُـلَلٌ خُضْرُ
18 وغيْــثٍ ظَنَنَّــا تَحْتَــهُ أَنَّ عـامرًا
عَـلا لـم يَمُـتْ أَو في السحابِ له قَبْرُ
19 أو ابْـنَ ابْنِـهِ البـاقي عَـليَّ بْـنَ أَحمَدٍ
يَجُـودُ بِـهِ لـو لـم أَجُـزْ ويَدي صِفْرُ
20 وإنَّ ســحابًا جَــوْدُهُ مِثْــلُ جُـودِهِ
سـحابٌ عـلى كُـلِّ السَّـحابِ لَهُ فَخْرُ
21 فَتًــى لا يَضُـمُّ القَلْـبُ هِمَّـاتِ قَلْبِـهِ
ولَـوْ ضَمَّهـا قَلْـبٌ لَمـا ضَمَّـهُ صَدْرُ !!!!
22 وَلا يَنْفَــعُ الإِمكــانُ لَـوْلا سـخاؤُهُ
وهَـلْ نـافِعٌ لَـوْلا الأكُـفُّ القَنا السُّمرُ !!!!!!!!!!
23 قِـرانٌ تَلاقَـى الصَّلْـتُ فيـهِ وعـامِرٌ
كمــا يَتَلاقَــى الهِنْـدُوانِيُّ والنَّصْـرُ
24 فجــاءَ بِـهِ صَلْـتَ الجـبَينِ مُعَظَّمًـا
تَـرَى النـاسَ قُـلاًّ حَوْلَـهُ وهُـمُ كُـثْرُ
25 مُفَــدًّى بِآبــاءِ الرِّجــالِ سـمَيذَعًا
هُـوَ الكَـرَمُ المَـدُّ الـذي مـا لَهُ جَزرُ
26 ومـا زلْـتُ حـتَّى قـادني الشَّوقُ نَحوَه
يُسـايِرُني فـي كُـلِّ رَكْـبٍ لَـهُ ذِكْـرُ
27 وأَسْــتَكْبِرُ الأَخْبــارَ قَبْــلَ لِقائِــهِ
فلَمَّــا التَقَيْنـا صَغَّـرَ الخـبَرَ الخُـبْرُ
28 إليـك طَعَنَّـا فـي مـدى كُلِّ صفْصَفٍ
بِكُــلّ وآةٍ كُــلُّ مــا لَقِيـتْ نَحْـرُ
29 إذا وَرِمَـتْ مِـن لَسْـعةٍ مَرِحـتْ لهـا
كـأنَّ نَـوالا صـرَّ فـي جِلْدِهـا النِّبْرُ
30 فجئْنـاك دُونَ الشَّـمَس والبَدر في النّوَى
ودُونَـكَ فـي أحـوالِكَ الشَّـمس والبَدْرُ
31 كــأَنَّكَ بَــردُ المـاءِ لا عَيش دُونَـهُ
ولـو كُـنْتَ بَـردَ المـاءِ لم يَكُنِ العِشْرُ
32 دَعـاني إِلَيْـكَ العِلْـمُ والحِـلْمُ والحِجَى
وهـذا الكَـلامُ النَّظْـمُ والنـائِلُ النَّـثْرُ
33 ومـا قلـتُ مِـنْ شِـعْرٍ تَكـادُ بُيوتُـهُ
إِذا كُـتِبَت يبْيَـضُّ مِـنْ نُورِهـا الحِبْرُ
34 كــأًنَّ المَعـاني فـي فَصاحَـةِ لَفْظهـا
نجــومُ الثُّريَّــا أَو خَـلائِقُك الزُّهْـرُ
35 وجَــنَّبَني قُــرْبَ السـلاطينِ مَقْتُهـا
ومـا يَقْتَضينـي مِـن جَماجِمِهـا النَّسرُ
36 وإِنِّـي رأَيـتُ الضُّـرَّ أحسَـنَ مَنْظَـرًا
وأَهْـوَنَ مِـن مَـرْأَى صَغـيرٍ بِـهِ كِبْرُ
37 لِســاني وَعَيْنــي والفُـؤَادُ وَهِمَّتـي
أَوُدُّ اللَّـواتي ذا اسـمُها منـكَ والشَّـطْرُ
38 وَمـا أَنـا وَحـدي قلْـتُ ذا الشِّـعْرَ كُلهُ
ولكِـنْ لِشِـعْري فيـكَ مِـنْ نَفْسِهِ شِعْرُ
39 وَمـا ذا الـذي فيـهِ مِـنَ الحسنِ رَوْنَقًا
ولكِـن بَـدا فـي وَجهِـهِ نَحْـوَكَ البِشْرُ
40 وإِنّــي ولــو نِلْـتَ السـماءَ لَعـالِمٌ
بـأنّك مـا نِلْـتَ الـذي يوجـبُ القدْرُ
41 أَزالَــتْ بِــكَ الأيَّـامُ عَتْبـي كأَنمـا
بَنُوهـا لَهـا ذنْـبٌ وأَنْـتَ لَهـا عُـذرُ !!!
المتنبي
تعليق