[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله أوقاتكم جميعا بكل خير وسعادة[/align]
[align=justify]دعونا نبتعد عن الشعر والأدب والموروث قليلا لنناقش قضية اجتماعية تهم شريحة كبيرة من مجتمعنا الخليجي على وجه الخصوص وتحمل بين طياتها تباينا كبيرا واختلافا واضحا في وجهات النظر بين المعسكرين المعنيين بهذه القضية، فكلا الطرفين يسوق الأدلة والبراهين التي تدعم موقفه وتثبت سلامة منهجه .
يقول تعالى في كتابه العزيز :
( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعدلوا ) النساء (3)
وفي الحديث الشريف عن عبدالله رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
( من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) مختصر صحيح البخاري (414)
اذا هناك حديث شريف يسمح بالزواج في حالة الاستطاعة، وهناك نص قرآني واذن شرعي يسمح بتعدد الزوجات مشروطا بالعدل والمساواة وبحد أقصى أربع زوجات .
وقضية تعدد الزوجات ارتبطت بالجنس البشري منذ عصور قديمة وبصور مختلفة حتى جاء الاسلام فأرسى قواعد وشروط هذا التعدد ، إلا أن المرأة بطبيعتها الأنثوية وحبها التفرد بامتلاك زوجها على اعتبار أن هذه مملكتها الخاصة ترفض هذ المشاركة رفضا قاطعا حتى وان كانت مسموحا بها شرعا وتوفرت فيها شروط التعدد الشرعية ، كما أن المرأة تحمل بين جوانحها حساسية شديدة من هذا الموضوع وتناقضا غريبا لهذه القضية بالذات فهي حتى وإن وافقت تحت أي ضغط على السماح لزوجها بأخذ الثانية إلا أنها سرعان ما تنقلب على أعقابها ويتبدل موقفها بالرفض القاطع لهذه الشراكة مهما كانت النتائج والمغريات مما ينتج عنه مشاكل كثيرة خصوصا أون الزوجة الثانية ليس لها ذنب فيما يحدث من تغيير للمواقف كما أن الزوج يقع في حيرة بسبب هذا التناقض بين الموافقة بالأمس والرفض اليوم والذي سينتج عنه بلا شك مشاكل لا تحمد عقباها وغالبا ما يدفع ثمنها الأسرة بكاملها خصوصا الأبناء والزوجة الأولى .
ومن صور هذا التناقض العجيب في قرارات المرأة قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام حين قامت زوجته سارة المصابة بالعقم بتزويجه من هاجر وبعد أن أنجبت له اسماعيل عليهما السلام طلبت سارة من سيدنا ابراهيم أن يبعد هاجر وابنها عن الديار فأخذهم إلى مكة .
وهناك الكثير من القصص المشابهه في وقتنا الحاضر والتي توافق فيها المرأة وتسمح لزوجها بأخذ الثانية وبعد فترة قصيرة تعود للرفض مهما كانت النتائج المترتبة على هذا التناقض في القرارات .
وفي ماضينا القريب وعلى عهد الأجداد كانت قضية تعدد الزوجات متفشية في مجتمعاتنا القبلية ومقبولة بصورة كبيرة لدى نساء ذلك الوقت وتخلو من التعقيدات الحالية ، فبالأمس كانت المرأة البدوية بالذات همها الأول هو الستر في ظل رجل خصوصا وأن ذلك الوقت اشتهر بندرة الرجال الذين تأكلهم المعارك والحروب باستمرار ، كما أن جل اهتمام المرأة آنذاك ونتيجة لضيق العيش هو الحصول على متطلباتها الضرورية من مأكل وملبس والقيام بواجباتها اليومية المعتادة وإنجاب الأبناء ، كما أن لصرامة أسرتها دورا كبيرا في تقبلها لواقع الأمور فلا يمكن استقبالها عندهم بسهولة بسبب الزواج من ثانية ولتأكد المرأة من جواب أهلها الصارم كانت تتقبل هذه الشراكة حتى وإن كان على مضض ، كما أن لخوفها على أبنائها وحرصها الشديد على البقاء معهم أيضا دورا كبيرا في تقبلها لهذا الأمر وبقائها في بيت زوجها .
أما المرأة اليوم فدافعها للزواج هو الجانب الشرعي وانجاب الأبناء وتكوين أسرة لإنها لم تعد تعاني من تلك المشاكل السابقة المرتبطة بضيق العيش ، بل أنها اليوم تنعم بالكثير من الرفاهية ، فالكثير منهن اليوم متعلمات وموظفات ولديهن دخل يغنيهن عن حاجة الرجل ، كذلك الأسرة اليوم افتقدت لكثير من القرارات الصارمة وأصبحت هشة مما شكل دعما وسندا للمرأة في جميع النزاعات الأسرية ، ناهيك عن القوانين الحالية فيما يتعلق بالنفقة والحضانة والتي تنصف المرأة وتحفظ لها كثيرا من الحقوق ، كل ذلك شجع المرأة على مبدأ الرفض لهذه الشراكة والاصرار على التفرد بامتلاك الزوج والنظر لمن يقدم على هذه الخطوة بمنظار الخيانة العظمى .
ولو بحثنا عن الدوافع التي يسوقها الراغبين بتعدد الزوجات من الرجال لوجد بعضا منها كالآتي :
1 - الرغبة في انجاب الأولاد لمن كتب الله على زوجاتهم العقم .
2 - الرغبة في انجاب الأولاد لمن كتب الله أن تكون ذريتهم اناث .
3 - الرغبة في انجاب المزيد من الأبناء .
4 - اشباع الرغبة الجنسية .
5 - التجديد وكسر الروتين بطريقة شرعية .
6 - فرض السيطرة ومبدأ الرجل الآمر الناهي .
7 - التباهي بالفحولة الزائدة .
بينما نجد أن اسباب الرفض لدى النساء تتبلور في عدة نقاط منها :
1 - الغيرة الشديدة في الطبيعة الانسانية والأنثوية على وجه الخصوص في رفض المشاركة في الملك .
2 - الخوف من الاهمال وجنوح الزوج للجديدة واستحواذها على قلبه .
3 - تنظر المرأة لهذا الزواج على أنه خطرا شديدا يهدد استقرار المملكة الخاصة بها .
4 - تنظر المرأة لهذا الأمر على أنه خيانة عظمى لا تغتفر .
5 - تنظر المرأة لهذا الأمر على أنه اهانة كبيرة لكرامتها وتقليل من مكانتها لدى زوجها ومعارفها .
6 - الخوف من عدم تطبيق مبدأ العدل والمساواة والإيمان الكامل باستحالة تطبيقه .
اخوتي الكرام بعد هذه المقدمة ومن خلال هذا المتصفح أضع بين أيديكم هذه القضية وأنا هنا لست مفتيا أو مصلحا اجتماعيا وانما أحببت أن أستشف آرائكم الموقرة حول هذه المفارقات في قضية تعدد الزوجات وأسبابها ودوافعها ونتائجها ، كذلك أطرح عليكم تساؤلات قد تساعد في تحليل هذه المفارقات :
هل هناك فعلا رجلا يستطيع تطبيق الشروط الشرعية ويقيم العدل والمساواة الواجي توافرها في حالة تعدد الزوجات !!؟؟
هل هناك امرأة تقبل وتوافق على وجود الزوجة الثانية في حياة زوجها في حال تم تطبيق الشروط الشرعية كاملة ولا تتراجع عن موافقتها وقبولها !!؟؟
هل يبذل الرجل اليوم قدرا كبيرا من الجهد في ارساء مبدأ العدل والمساواة الواجب توافره بين زوجاته !!؟؟
هل تبذل المرأة اليوم قدرا كبيرا من الجهد في معاونة زوجها على تطبيق العدل والمساواة من خلال الايثار وعدم اثارة المشاكل بينها وبين شريكتها الأخرى !!؟؟[/align]
[align=center]أخوكم ومغليكم
[/align]
تعليق