إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصتي مع أم أمريكية!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصتي مع أم أمريكية!

    [align=center]
    فيض الضمير
    قصتي مع أم أمريكية!
    د. محمد أبو بكر حميد

    في يوم 21 مارس الماضي قدم الأبناء والبنات في كثير من ديار المسلمين هدايا لأمهاتهم، واحتفلوا بطريقة أو بأخرى بما يسمى في ديار الغرب (عيد الأم) ويطلق عليه البعض في ديارنا ممن يريدونه أن يكون مقبولاً شرعياً (يوم الأم) وفي بيتي قادت ابنتي الوسطى آمنة حملة جمع تبرعات من أخيها وأخواتها لشراء هدية لأمهم والاحتفال بهذا اليوم، فماطلت بعدة حجج حتى انقضى يوم 21 مارس وبعده بيومين شاركتهم في شراء عشاء عائلي - دون هدايا - سعدت به أمهم ثم كان لي معهم حديث هذا مفاده قلت لهم إذا كان الغرب قد اعتاد - وهذا من تقاليد ثقافته - أن يحدد أياماً معينة لقضايا معينة أو لأشخاص معينين ويعتبرها أعياداً، فإن هذا لا يوجد في ثقافتنا نحن المسلمين لأنه يخالف معتقداتنا التي يجب أن تنعكس على سلوكنا وعلى موقفنا من الحياة والأحياء.
    وإذا أخذنا مثال يوم (عيد الأم) عند الغربيين، وبحثنا عن الحكمة في تحديد يوم واحد للأم في السنة على ضوء واقع حياتهم ومكانة الأم فيها، لوجدنا ما يبرر ذلك. والذين درسوا في أوروبا أو أمريكا وعاشوا فيها لسنوات يعرفون جيداً مدى حاجة الأم هناك ليوم واحد في السنة فقط يتذكرها فيه أبناؤها وبناتها، بل يجب أن يكون لديهم يوم آخر للأب أيضاً.
    والحقيقة المرة وراء ذلك تكمن في أن الكثير من الآباء والأمهات إذا طعنوا في السن ولا يملكون المال الكافي لتوظيف من يخدمهم في بيوتهم يرسلهم أولادهم وبناتهم إلى الملاجئ ودور العجزة ثم يتصدق عليهم أبناؤهم وبناتهم بزيارات متباعدة - إن هم ذكروهم - وفي يوم 21 مارس يقدمون هدية اقتضاها التقليد - وليس البر - لأمهاتهم في أماكن وجودهن.وقد عشت بنفسي في مرحلة دراسة الماجستير بأمريكا قصة امرأة طاعنة في السن تعيش وحيدةً في بيتها، عرفتها من خلال المرأة التي كانت تقوم بطباعة البحث الذي كنت أعده، وكانت تخدمها لساعات محدودة في اليوم وتتقاضى أجرها بالساعة، وقد عجبت - بفطرة المسلم - بعد انقضاء أكثر من شهر على ترددي على بيتها في أوقات مختلفة، أن لها أبناء وبنات في المدينة نفسها ولكني لم أشاهد أحداً منهم يزور أمه المُسِنَّة المقعدة!ومع الأيام أنست بي السيدة العجوز بعدما رأتني وقد رق قلبي لحالها - أقودها في عربتها المتحركة إلى حديقة بيتها لترى ضوء الشمس المحرومة منها.. أثر فيها فعلي ذلك، وأكبرت تضحيتي بوقتي مجاناً في بلاد يبيع الناس فيها الزمن بالساعة ويفعل ذلك حتى الأبناء لأمهاتهم! وروت لي قصة عقوق أولادها لها الذين لا يزورونها إلا نادراً، وقالت والدمع يلمع على عينيها إنها إذا طمعت في زيارات متكررة من أحدهم لا بد أن ترشيه بهدية عينية أو نقدية ليحدث ذلك.وعرفت مني السيدة العجوز (جورجي) أنني مسلم لما رأتني أصلي، وطلبت أن تبقى سجادتي مبسوطة على الزاوية التي كنت أصلي عليها ولا تطوى أبداً، وكان ذلك مدخلاً للحديث معها عن الإسلام، فقد سألتني عن معاملة الوالدين في البلاد العربية، فحدثتها عن بر الوالدين في الإسلام، وترجمت لها معاني بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تخص الوالدين، مثل قوله تعالىوَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24). فصمتت وطلبت مني أن أحضر لها مصحفاً، فأحضرت كتاب ترجمة معاني القرآن بالإنجليزية، وبحثت لها عن هذه الآية فقرأتها، فأجهشت بالبكاء، وقالت : يكفيني من قرآنكم هذه الآية لو عمل أبناؤنا بما فيها لما احتجنا ليوم واحد في السنة نجعله عيداً للأم لأن الإسلام جعل كل يوم عيداً للأم حين يبر الأبناء والديهم بهذا الشكل الذي يصفه القرآن.وبعد ذلك اليوم انشغلت السيدة جورجي بالبحث في القرآن عن الآيات التي تخص الوالدين وساعدتها على حصرها، فلاحظت بنفسها أن مكانة الوالدين في القرآن تأتي مباشرة في الآيات بعد التحذير من الشرك بالله (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)(36)سورة النساء، (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)151)سورة الأنعام، وطلبت أن يكتب حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجنة تحت أقدام الأمهات) بخط جميل كبير ويوضع في إطار ويعلق في صالونها، وبعد تعليقه قالت لي ليس لأبناء وبنات المسلمين حجةً في عقوق والديهم وبين أيديهم القرآن وأحاديث رسولهم، لقد جعل الإسلام من الأم والأب جنتين تمشيان على الأرض، السعيد من أدركهما براً وطاعةً وهذا أعظم احتفال يمارسه المسلم يومياً، وهو تذكرة مرور مباركة لدخول جنة الله).وسخرت بمرارة عندما قلت لها إن الكثير من المسلمين يحتفلون بعيد الأم في 21 مارس، فضحكت وقالت: هذا (عيد الخائبين) الذين لم يبروا والديهم طوال العام فجعلوا للأم يوماً واحداً يتخلصون فيه من واجب أيام السنة كلها.فلا تتبعونا وتقلدونا في أسوأ ما عندنا. وأضافت السيدة العجوز لو علمت كل أم أمريكية مقهورةً مثلي من أبنائها بما جاء في دينكم عن بر الوالدين لأسلمت فوراً.. حسبنا من الإسلام أن رعى هذا الجانب الذي أهملناه).
    ورأيتها بعد ذلك تهتم بمسألة (التوحيد) في الإسلام التي ارتبط بها بر الوالدين، وأبلغتها أن المسلمين يؤمنون بعيسى عليه السلام وبكل الأنبياء وأن خلافنا معهم في فكرة تأليه عيسى وفكرة التثليث، ودعوتها لقراءة سورة مريم والأجزاء الخاصة بعيسى عليه السلام في سورة آل عمران وفهمت أننا نؤمن بعودة عيسى عليه السلام إلى الأرض ولكننا لا نؤمن بأنه صلب، ودللتها على الآيات الخاصة بذلك ثم رأيتها تقف طويلا عند قوله تعالىإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(55)سورة آل عمران، فقالت بعد تفكير: إن القرآن اختصر مشكلة المسيحية كلها في هذه الآية، ولما طلبت المزيد من المعرفة في هذا الموضوع أعطيتها دليل نبوة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل، ودليل إيماننا بعيسى في القرآن في أشرطة سلسلة أحاديث علمية للداعية الإسلامي جمال بدوي باللغة الإنجليزية في موضوع Mohammed in the bible وموضوع jesus in the quran.
    وبعدها قالت لي أنا مؤمنة بأن الله واحد، ومن قديم كان يخامرني الشك في فكرة إلوهية عيسى، والآن أؤمن بأنه بشر ونبي من أنبياء الله، ويكفيني إيمانا برسالة محمد ما جاء في القرآن وفي أحاديثه عن بر الوالدين، وأضافت بحماس حتى ذكر عيسى في القرآن جاء مرتبطاً ببر الوالدين بعد التأكيد على بشريته وعبوديته الله ونبوته، وقرأت علي ترجمة قوله تعالىقَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32)، ثم عقبت بقولها إن الجبار الشقي هو العاق لوالديه وما أكثرهم في عالمنا) فقلت لها: (وفي عالمنا أيضاً للأسف)!!ورفضت أن تعلن إسلامها أمام الناس، وقالت أنا مقعدة ورجال الكنيسة يتعهدونني بالرعاية والناس من حولي جميعا سينقطعون عن زيارتي بمن فيهم أبنائي لو أعلنت أني مسلمة، وأنا بحاجة إليهم حتى لا أموت وحيدة.وبعد أقل من شهر من هذا الحديث انتهيت من الماجستير وعدت إلى جدة، فكانت تصلني منها بمعدل رسالة أو رسالتين كل أسبوع على مدى ثلاثة أشهر، وقبل عودتي إلى أمريكا بأسبوع وصلتني رسالة من ممرضتها تبلغني أن السيدة جورجي في المستشفى وأنها تسأل كل يوم عن موعد عودتي، وأن ترجمة القرآن إلى جوار سريرها، وكلما افتقدت زيارة أولادها لها قالت ( ليتني ولدت مسلمةً لوجدت أبناءً يهتمون بي ويدعونني كما يأمرهم قرآنهم ونبيهم بذلك).
    وعجلت بعودتي، ومن مطار واشنطن، وقبل أن أصل إليها بساعات فقط أبلغتني ممرضتها أن جورجي ماتت وهي تسأل عني، وأن آخر ما قالته متى يصل محمد)!! ابني محمد المسلم! وبكيت يومها بحرقة أمام الهاتف العمومي بالمطار، ولم أتمالك نفسي مما لفت أنظار الناس إليَّ، فقد كانت أماً عظيمة تفيض بحراً من حنان لكنها لم تجد أبناءً يتطهرون فيه ويعبرون بزورقه إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.ودعوت الله من كل قلبي وبكل جوارحي أن يتقبلها مسلمةً برحمته، ويسكنها جنته، فقد ماتت وهي تشهد له بالتوحيد ولنبيه بالرسالة.. رحمها الله.
    [/align]






    .




    .
    قلـب الذيــب





    [poem=font="Simplified Arabic,4,#8D1302,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ = فلا يغر بطيب العيش إنسانُ
    هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ = من سره زمن ساءتهُ أزمانُ
    وهذه الدار لا تُبقي على أحدٍ= ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ [/poem]


    [align=center]أبو البقاء الرندي[/align]



    إضغط هنا لديواني الإلكتروني:

    saeedalhumali@hotmail.com

  • #2
    وكلما افتقدت زيارة أولادها لها قالت ( ليتني ولدت مسلمةً لوجدت أبناءً يهتمون بي ويدعونني كما يأمرهم قرآنهم ونبيهم بذلك).

    قصة لاتخلو من العبرة والموعظة
    تسلم يمناك اخي سعيد على هذا النقل
    لاهنت
    وياليتهم يعرفون حقيقة الاسلام ومايأمربه من بر واحسان ومن تواد وتراحم وكل مافيه من الامور النافعة في الدنيا والاخرة وماينهى عنه من اشياء تسبب الضرر و الخسار دنيا ودين ياليتهم بس يعرفون وحتما سيسلمون

    تعليق


    • #3
      الشاعر الفاضل سعيد الحمالى

      [align=center]موضوع جدا شيق ومفيد


      فيه من الفوائد مانجهله فى خضم حياتنا ولا نلتفت اليه

      خصوصا اننا الان نتسابق للاحتفال بيوم الام


      جزاك الله خير على هالموضوع

      وجعله فى ميزان حسناتك




      لك تقديرى


      اختك


      سكووون[/align]
      http://skooon2007.maktoobblog.com/

      تعليق


      • #4
        الأعزاء نايف وسكون


        شكرا لتواجدكم النقي واحيي فيكم هذه المشاعر النبيله
        قلـب الذيــب





        [poem=font="Simplified Arabic,4,#8D1302,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
        لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ = فلا يغر بطيب العيش إنسانُ
        هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ = من سره زمن ساءتهُ أزمانُ
        وهذه الدار لا تُبقي على أحدٍ= ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ [/poem]


        [align=center]أبو البقاء الرندي[/align]



        إضغط هنا لديواني الإلكتروني:

        saeedalhumali@hotmail.com

        تعليق

        يعمل...
        X