إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقدمة في الصيد 0

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقدمة في الصيد 0

    أن للصيد فوائد جمة ومنافع كثيرة منها ما يكون على البدن ومنها ما يكون على النفس ومنها ما يكون على العقل وتلك الثلاث هي ما تستقيم بها حياة البشر , وقد ذم بعض من لا علم عنده ولا تجربة أهل الصيد والقنص ذماً جارحا , وذلك لقلة علمه بما في الصيد والقنص من فائدة ومنافع لو كان في حدود ما يرضي الله سبحانه وتعالى . ومن ما يجهله كثير من الناس أن كثير من خيرة البشر من الرسل والأنبياء والصالحين قد مارسوا الصيد والقنص منذ خلق الله البشر , حيث أن أول الصناعات الضرورية للبشر الصيد ثم البناء ثم الفلاحة، وذلك لأنه لو أن رجلاً سقط إلى أرض ليس بها أنيس ولا زرع لم تكن له همة إلا حفظ جسمه ونفسه بالغذاء الذي به قوامه، فليس يفكر إلا فيما يصيده، فإذا صاد وتغذى فليس يفكر بعد ذلك إلا فيما يستظل به ويستكن فيه وهو البناء، فإذا تم له فكر حينئذ فيما يزرعه ويغرسه . وقد ورد عن ابن عباس ( إنما سمي أصحاب المسيح الحواريين لبياض ثيابهم وكانوا صيادين . ) والأمثلة على هذا الكلام كثيرة لا حصر لها . وأنه لا يكاد يحب الصيد ويؤثره إلا رجلان متباينان في الحال، متقاربان في علو الهمة، إما ملك ذو ثروة، أو زاهد ذو قناعة، وكلاهما يرمي إليه من طريق الهمة، إما لما تداوله الملوك من الطلب، وحب الغلبة والظفر، وموقع ذلك من نفوسهم، أو للطرب واللذة والابتهاج بظاهر العتاد والعدة. والفقير الزاهد لظلف نفسه عن دنيّ المكاسب، ورغبتها عن مصرع المطالب وحقنه ماء وجهه عن غضاضة المهن، وتقاضي أجرة العمل، فمن هذه الطبقة من يقتات من صيده ما يكفيه، ويتصدق بما يفضل عنه، توقياً من المعاملة والمبايعة، ومنهم من يبيع ما فضل عن قوته، ويعود بثمنه في سائر مصلحته. يقول العرب : يغدو للصيد اثنان متفاوتان، صعلوك منسحق الأطمار، وملك جبار، فينكفئ الصعلوك غانماً، وينكفئ الملك غارماً، وإنما يشتركان في لذة الظفر. ولا مؤونة أغلظ على ذي المروءة من تكلف آلات الصيد لأنها خيل وفهود وكلاب وآلات تحتاج في كل قليل إلى تجديد. ومن هاهنا قيل إنه لا يشغف بالصيد إلا سخيّ . قال شاعر : أبلغ سليمانَ أني عنه فـي سَـعةٍ وفي غنىً غير أني لستُ ذا مالِ ... شحا بنفسي أنـي لا أرى أحـداً يموت هُزلاً ولا يبقى على حالِ ومن منافع الصيد تعويد النفس على الصبر حتى الظفر والبذل من أجل النيل والتعود على الخشونة وصلف العيش في الخلاء مما يجعل المرء يقدر النعم التي تحيط به في الحضر والتي قد ينساها مع التعود على رغد العيش , كذلك فالصيد يستوجب الخروج للبرية مما يجعل السمع والبصر صافية ويشحذها شحذاً تام , ناهيك عن الهواء النقي الذي يندر وجوده في الحضر خصوصاً في وقتنا المعاصر مع كثرة مسببات التلوث , ومع كل ذلك فطرد الصيد يعلم المرء العيافة والقيافة وقص الأثر وهي ما لم يعد يتمتع بها سوى القلة القليلة في زماننا هذا مع أنها مطلب بشري يجعل من صاحبها ذكي فطن ويسهل له سبل التعايش السوي . وقلما رأيت صائداً إلا تبينت فيه من سيما القناعة، وعلامة الزهد والصيانة، ما لا تتبينه في غيره من سائر المخالطين للناس، ولا تكاد تسمع منه ولا عنه ما تسمعه من سائرهم وعنهم . ومن جميل ما سمعته في مدح الصيد : قيل لبعض من كان مدمناً على الصيد من حكماء الملوك، أنك قد أدمنت هذا وهو خير الملاهي وفيه مشغلة عن مهم الأمور ومراعاة الملك . فقال : إن للملك في مداومة الصيد حظوظاً كثيرة أقلها تبينه في أصحابه مواقع العمارة من بلاده في النقصان والزيادة فيه، فأن رأى من ذلك ما يسره بعثه الاغتباط على الزيادة فيه وأن رأى ما ينكره جرد عنايته له ووفرها على تلافيه، فلم يستتر منه خلل، ورأس الملك العمارة، ولم يخرج ملك لصيد فرجع بغير فائدة، أما دوابه فيمرنها ويكف من غرب جماحها، وأما شهوته فينسئها، وأما فضول بدنه فيذيبها، وأما مراود مفاصله فيسلسها، وأما أن يكون قد طويت عنه حال مظلوم فيتمكن من لقائه، ويبوح إليه بمظلمته، فيسلم من مأثمه. وأما أن ينكفئ بصيد يتفاءل بالظفر به إلى خصال كثيرة لا يخيل ما فيها من الربح . قال الشاعر : لا أستـلـذ الـعـيش لـم أدأب لـه________ طلباً وسعياً في الهواجـر والغـلـس وأرى حـــراماً أن يواتيني الغنـى_______ حتى يحـــاوَل بالعناء ويُلتـمَـس فـاحبس نـوالـك عن أخيك موفـراً_______ فـالـلـيث ليس يُسيغ إلا ما افترس ويحكى أن أبو علقمة المزني وقف ليشهد في قضية فوقف القاضي في قبول شهادته فقال له أبو علقمة : لم وقفت في إجازة شهادتي ؟ قال : بلغني أنك تلعب بالكلاب والصقور . قال : من خبرك أني ألعب بها فقد أبطل، وإن كان بلغك أني أصطاد بها فقد صدق من أبلغك، وأني أخبرك أني جاد في الاصطياد بها، غير هازل ولا لاعب، فهل وقف مبلغك على الفرق بين الجد واللعب؟ قال: ما وقف ولا أوقفته عليه , ثم أجاز شهادته . وذكر الأصمعي عن الحرث بن مصرف قال : ساب رجلاً بحضرة بعض الملوك فقال: أيها الملك أنه قتال ظباء، طلاب إماء، مشاء بإقراء، أقعر الآليتين، مقبل النعلين، أفحج الفخذين، مفجح الساقين . فقال له : أردت أن تذمه فمدحته. وعذل بعض أبناء الملوك في حبه للصيد، والشغف به، وقيل له أنه هزل وكان أديباً فقال : ربما أغـدو إلى الصيد معي فتية هزلُهمُ في الصيد جِدْ ألفوا الحرب فلما ظفـروا فتحامَلوا أن يعاديهم أحـد واستقام الناس طراً لـهـمُ فغدوا ليس يرى فيهم أود وتقاضت عادة الحرب وما جمعوه من عتـاد وعُـدد وجدوا في الصيد منها شبهاً فابتغوها في معاناة الطرد لترى عـادتـهـم جـارية لهم باقية لا تـفـتـقـد والحقيقة أن في الصيد كثير من المنافع ما لو وضعته كاملا لضاق به المقام هنا ولكن نكتفي بما مضى من القول في مجال الصيد بشكل عام ونتخصص قليلاً في مجال الصيد بالجوارح بشكل خاص . حيث أن فيها بالذات كثير من الفائدة خصوصاً لشبابنا في هذا الزمان الذي صار فيه كثير من الشباب يضيع وقته في ما لا نفع منه من ملاهي ضررها يفوق نفعها أضعاف مضاعفة , فتجد جل الشباب الذين من المفترض أن يكونوا وقود الأمة وقوتها التي يدافعوا عنها ويذودوا عن حماها للأسف بليدي الذهن ضعيفي الهمة قليلي الخبرة ناعمي البنية لا يقدر غالبيتهم على إطعام نفسه حتى لو قدر الله عليه و عرض له عارض في الخلاء أو انقطعت به السبل , ولا يعرف من الصبر إلا أسمه ولا من الشجاعة إلا ذكرها ولا يعي معنى الكفاح من أجل البقاء والتعب من أجل الظفر والتروي من اجل الثبات و لو مر به وزغ لقفز عنه مرعوبا . فبالصيد بالجوارح فراق للخوف من كل كاسر وضاري , وغرس في قلوب الشباب لعظيم الثبات وقلة الخوف , ويكون ذلك بسبب تمرسه وتعوده على تسخير تلك الجوارح وهي وحوش و تأديبها وهي عاصية على أن تطاوع وتطيع ما يراد منها , وذلك لا ينال من غير صبر وسعة صدر وثبات قلب , ولابد لتلك المرحلة أن تعرضهم إلى قطع من مخالبها أو مزع من مناسرها وذاك ما يؤدي إلى تحمل الوجع والثبات والصبر على الجاهل المتمثل في ذلك الجارح البهيمي كما أنه يخشن النفس والبدن ويعلم الحلم مع الغضب و كتم الغيظ وعدم التسرع . ولو كان تعليم ذلك يتم مع الصغار لكان له الأثر العظيم في تهذيبهم بعد الله سبحانه وتعالى , لأن الصيد بالجوارح لا يحترفه سوى رفعة الناس ولا تجد في مجتمعه غير جميل الحديث والقصص كما أنه يصلح للصغير والكبير الطفل والشيخ , وفي ممارسته عبر كثيرة ومعاني وفيرة يجدها محترفيها في قص أثر الطرائد وتوقع ما لا يدرك بالحواس الملموسة والحذر من لا يرى بالعين المجردة ومعرفة الدروب والتعامل مع صعوبة الحال في الخلاء ولو كان في المقام متسع لسطرت في ذلك كثير من القول . ولو لم يكن في الصيد بالجوارح من فائدة غير الخروج للخلاء والتمعن بقدرة الخالق عز وجل في خلقه وعظيم صنعته و بديع تصويره لكل مخلوق تصادف وكل سماء تلتحف وكل أرض تفترش وما بينهما لكفانا كي نعلم صغارنا هذا الضرب من ضروب الصيد ولكان ذلك خير ما يخرج لنا أجيال معترفة بحق ربها عليها ومقدرة بعظيم نعمه عليها وعلى قدر هائل من الشجاعة والكياسة وحسن الإدراك والتصرف ... والله تعالى اعلم . وسلامت الجميع هذا الموضوع من كتابي ( النهج الواضح للصيد بالجوارح ) الرجاء في حالة النقل أو الاقتباس أن تتم الإشارة الى المصدر0
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن ماجد بن عفاس; الساعة 13-07-2007, 11:08 AM. سبب آخر: طباعه

  • #2
    مرحباااااااااااا مليوووووووووون يابو ماجد

    يعطيك الف عافيه

    على النقل الجميل

    تعليق


    • #3
      الاخ العزيز / ماجد النويشر 0
      شكرا لمروك وتعقيبك الصادق 0
      سبأق في التواصل 0

      تعليق


      • #4
        بيض الله وجهك يانقي



        فعلاً موضوع مميز جداً وثري بالمعلومات القيمه عن الصيد وفوائده



        للـــه درك يابو ماجد مجهودك واضح للأعيان والشكر قد لايفيك حقك



        أنا شخصياً أستفدت من هذا الموضوع الكثير



        الله لايحرمنا منك
        [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
        الكفو عثرة لسانه تقلـل مـن غـلاه =والردي يخطي ويبطي لا منه ولا عليه
        والثقة قصر ركونه تنومس من بناه =والحكي لو نزه الدنس ما دنس نزيه [/poem]

        [align=center]فلاح القرقاح[/align]

        [align=center] (( ديـوانـي المـرقـابي ))[/align]
        [align=center](( ديـوانـي أبيــــات ))[/align]
        [align=center] qahtani@acs.com.sa[/align]

        تعليق

        يعمل...
        X