الأوامر الثلاث؟
أنا شاك إليك بعض الصفاتي
......فإفهم اللغز فهو كالإعراب
لي خليل عنده عصفور
.....لم يزل في شدوه لي بالاطراب
وله أختان قد كانوا جميعا
....فتفرقوا واسبابها من عتاب
فمتي ما رأيت الثلاثة عندي
...فهي حسبي وإعتبرها من أرابي
الأستاذه القديره "سحايب فيصل"- أدام الله لي عطفها ومودتها.
هذه العجاله هي إستدراكات وتوضيحات , على موضوعك التحليلي, لنص سعيد الحمالي... وعلى الرغم من أن هذا الموضوع هو ثمرة غرسك, وريحانة نفسك لما جمعت فيه من التوضيحات والدلالات... التي اعجبتني معانيها وحسن مبانيها.
ولكن لي تعقيب توضيحي لك ولجميع من شارك في هذا الموضوع برد أو مداخله , سأبينه بلا مجامله.
وسوف أتخلى عن أسلوب المقامات كما أسميتيه لعلمي بكراهيتك له ولكي أصل لفهم وإدراك كل قارئ لهذ الموضوع بدون لبس أو تفسير خاطئ.
القضيه:
إخترتي قصيدة " شد الغرام" للشاعر (قلب الذيب)
وقلتي عنها: أفضل قصيده كتبت في النداوي. ثم تناولتيها بالتحليل والنقد.
النتيجه:
ردود أفعال متباينه من المشاركين ما بين مؤيد مشجع و مستنكر شاجب. وقضايا متنوعة أثيرت منها ما هو بلاغي اسلوبي ومنها ماهو تقني فني في ألية تركيب وبناء القصيده ومنها ما هو نقدي بحت ومنها ماهو إثارة محضة لا تمت لصلب الموضوع بصلة.
وسوف أفرد رداً خاصاً لبحث كل شبهة على حده حتى لا يتشتت تركيز المتابع بين السطور.
أولا:
يقولون لولا إختلاف الأنظار لبارت السلع, وكل سلعة لها سوامها.
إختيارك لهذه القصيده حق لا يستطيع كائن من كان أن يحاجك أو يعترض عليك فيه, فهذه مسألة تحكمها الأذواق والتفضيلات الذاتيه.
ولكن كناقدة لك ثقلك يجب عليك إثبات وتوضيح الأسس التي بنيتي عليها هذا التفضيل, لأنك لست كأي عضو أو شاعر أخر, أنتي تعتبرين أفضل ناقده بل الناقده الوحيده ( على رأي الأخ شفق) لذا فإن الأنظار مسلطة عليك وكل كلمة تقولينها في حق أي نص سوف يكون لها ثقلها.
أعتقد جازماً بأنك لم توفقي تماما في إقناع القارئ بجدارة إختيارك لهذا النص وإن كنت وفقت في قراءة النص وتحليله الى حد ما وليس ذلك ضعف في قدراتك النقديه ولا لعيب في النص ولكن للأسلوب التحليلي الذي إنتهجتيه.
فأنتي هداك الله قد فتحتي ثغرة لكل طاعن ومغرض بأن يهاجم النص وشاعره ويهاجم الناقده, فكما تعلمين أستاذتي الفاضله فإن تعدد مداخل التحليل واختلاف أساليبه باختلاف طبائع النصوص ومقاصد التحليل ومسمياته, لذا فإنه من الواجب على الناقد إختيار أفضل وانجع الأساليب التحليليه والأدوات النقديه عند دراسة وتحليل أي نص وبالذات إذا كان النص حساس وفيه إثارة لمشاعر الأخرين ومدعاة للتنافس.
فإختيار أسلوب التحليل الملائم يجب أن يتم في ضوء طبيعة النص وهدف الناقد.
لقد أتبعتي أختي سحايب تحليلاً مقارباً "للتحليل الكمي للشكل والمضمون" وأدخلتي عليه قليلا من أساليب ما يسمي ب "تحليل الخطاب" متمثل في بعده اللفظي والايديلوجي.
وإن كان إستخدامك مختصراً جدا و مبتوراً في كثير من النواحي وأجد لك العذر في هذا المنهج لكون التحليل الوافي يأخذ من الوقت الشيء الكثير ومساحة كبيره سوف تؤدي بالقاريء العادي للملل
فالتحليل المتكامل يجب أن يحتوي على:
تفسير الاتصال من خلال التوصيف الموضوعي والمنظم والكمي للمضمون المعلن والتوصل لما يقصده المرسل من أفكار وما توحي به رسالته من اتجاهات وذلك من خلال الإجابة على خمسة أسئلة هي: من يتكلم؟ (الطابع التمثيلي للاتصال)
ماذا يقول: (الكلمات- التعبيرات- الأفكار- المعاني)
بأي وسيلة؟ (الشكل المادي للاتصال) لمن يتوجه؟ (المستقبل)
بأي تأثير؟ (البعد التأثيري للوسيلة الاتصالية)
وتتمثل تقنيات هذا النوع من أساليب التحليل في الكشف عن الظواهر التي تتبدى في مادة الاتصال ذلك (برصد معدل تكرارها ومواطن التركيز عليها والعبارات المصاحبة لها. بعد تعين وحدة للتحليل (كلمة- عبارة- فكرة) ودراسة خصائص المضمون من حيث المادة ومن حيث الشكل أو طريقة العرض وخصائص منتجي المضمون وما تشمله هذه الوظائف الرئيسية من وظائف فرعية.
***وعليه فقد اتسمت أساليب هذا النوع بالوصف والتنظيم والدقة والموضوعية والنزعة إلى التكميم والحيادية، والتعلق بظاهر النص فقط، وعزل اللغة عن شروط إنتاجها، وعدم تدخل الذات المحللة إلا بأقل قدر ممكن وفي إطار الشروط والسمات سالفة الذكر.
هذا النوع من التحليل يوفي بالغرض لو أنك قمتي به على الوجه الأكمل ولكن كما تعلمين هناك تحليل أقوي وأفضل وهو "التحليل البنيوي"
والذي تفضلت الأخت (حنين الشمال) بشرحه شرحاً أضفي الكثير من الغموض عليه وشوهه تشويهاً لا يمت لحقيقة هذا النوع من التحليل بصلة, ولكنه إجتهاد مشكور منها وإن كنت لا أحبذ أن يفتي الإنسان في ما لا يفقه وأن يرد الأمر الى أهله دائماً وهذه نصيحة أوجهها للجميع وأنا اولهم.
سوف أتبسط في شرح التحليل البنيوي في رد مستقل على إجتهادات الاخت "حنين الشمال" الغير موفقه.
أما الان فسوف اذكر بعض النقاط التي لم ترد في تحليلك لهذا النص وسوف أضع جانباً أسلحتي النقديه وأدواتي التي تثير حفيظة البعض وكأنها ملوثة بالجمرة الخبيثه, وحتى تتساوى فرصنا مع فرص العزل من أدوات النقد والتحليل العلمي المحايد أمثال الأخ " زايد الرويس" والذي سوف أفرد رداً خاصا للرد على شبهاته بعد هذا الرد الذي خصصته لسحايب فيصل.
***
أهم ما تميز به النص قافيته الزائيه والتي تعتبر من غريب الكلام وعادة ما تكون نفراً ولكن في حالات نادره تخرج جيده جدا وهذا راجع لتوفيق الشاعر في إستخدامها وأذكر أني لم أقرأ في هذه القافيه شيئاً أجود من زائية الخنساء في صخر:
تعرقني الدهر نهاً وحزا....وأوجعني الدهر قرعاً وغمزا
وزائية المتنخل الهذلي:
لا درًّ درّي إن أطعمت زائركم.....قرف الحتي وعندي البر مكنوز
أما المتنبي فقد أتي بزائية من أردي ما ورد في هذا الباب وهذا دليل على صعوبة هذه القافية ونفورها من أي شاعر.
ولكن ما قام به الشاعر الحمالي يعتبر إنجازا في هذا الجانب, فلقد ألزم نفسه بما لا يلزم من حيث توظيف القافيه وتطويعها فلو لا حظتوا معي بأن قافية الشطر الاول من كل بيت تشترك مع قافية الشطر الثاني او ما تسمي قافية العجز في إستخدام كلمة من نفس المصدر , إقرأ معي:
1- ......مرتز ....رزه
2-......أتعزز .....عزه
3-........ينز .....نزه
4-.......يبرز ....برزه
5-........عز .....عزه
6-.......تمركز ....ركزه
7-.......تفرز ......فرزه
وهكذا تستمر القافيه على هذا المنوال حتى اخر بيت في القصيده, عندما ختمها الشاعر بهذا البيت ليؤكد تكلفه لهذه القافيه ونيته المبيته لإستخدامها في قوله:
تم الكلام اللي بنيته على "إز".....قاف على "إز" وقافً على "إزه"
إذا فالقافيه مقصوده هنا وهي إحدي تحديات الشاعر في هذه القصيده, ولكن على عكس أغلب القصائد والتي تكون قافيتها متكلفه معسوفة مغلوبة على أمرها تطارد المعني مطاردة يائسة فمرة تصيده ومرات تخطئه, لم تأت هذه القافيه نشازاً ولم تنهك أذن السامع أو تؤذيها بل على العكس كان لأزيزها وقع جميل على الأذن وأعطاها طابعاً وحشياً ولكن فيه جموح و عنفوان في قصيدة غزلية ولكن من الغزل الرجولي الملئ بالعنفوان.
****
في النص أبيات تعادل قصائد كامله وحازت على شهرة كبيره عند الكثير من القراء وإني أعجب من أن نفس هذه الأبيات التي أعجبت شعراء ومتذوقين كبار أتخذت كمثال على ضعف القصيده من الأخ " زايد الرويس" و الأخت "عليا الهلاليه"
فبيت كــ: محدن يعوف الحر ويبرقع الوز.....يربط سبوق الطير في ساق وزه
و : سيف صقيل لكن القلب مهتز....والسيف فعله من يد اللي يهزه
و : عد الهوي لو غاض لابد وينز.....ويبقى الغلا ما بين نزحه ونزه
فيروس حبك بأنزعه لو تلزز...وأستخرجه لو هو بعيدن ملزه
أبيات فيها أفكار حديثة وإبتكار جميل وتصوير متميز لا ينكره الا كل قليل فهم وإدراك بصنعة الشعر أو إنسان في نفسه شيئ لا يجد الجرأه الكافيه لإظهاره.
وأنا هنا أضم صوتي مع الأخوه الذين سبقوني وأقول كما قال الأخ "شفق" أنا اتحدي أن تكون هذه الأفكار والصور قد أستخدمت في أي نص شعري قبل هذا النص. والمجال مفتوح للجميع لجلب أي بيت فيه حتى شبه بهذه الابيات بشرط أن تكون قد كتبت قبل تاريخ كتابة هذه القصيده.
لن أطيل أكثر ولي عودة لمناقشة القضايا والشبهات الاخرى.
شكراً أستاذه سحايب
والله من وراء القصد
ضمير الشعر
سفير المعاني
تعليق