[align=center]سؤال وإجابة!!
[frame="7 80"]
بينما كنتُ في أحد المنتديات الأدبية سألني أحد الحضور سؤالاً مباشراً كالتالي: بما أنك شاعر وفي نفس الوقت طيار ما العلاقة بين الشعر والطيران؟ كان سؤالاً غريباً وغير متوقع، ولكن كعادتنا نحن العرب يجب أن أجيبه عن سؤاله بعلم أو بغير علم، فقلت له:
عندما يعلو الطيار في السماء تتسع دائرة الأفق، وبالتالي تتسع دائرة النظر، كذلك الشاعر كلما علا شعراً اتسعت الرؤية الشعرية والحسية لديه.
انتهى السؤال وانتهت الإجابة التي قد تكون مقنعة له ولبعض الحضور، ولكنها لم تكن مقنعة بالنسبة لي؛ فإجابتي لم تكن مبنية على دراسة أو بحث علمي، وإنما جاءت ارتجالية بحتة. من هنا انطلقت أبحث عن إجابة مقنعة لي على الأقل.
ما أثارني هو وجود علاقة وطيدة بين الشعر والارتفاع واتساع مدى الرؤية، ويتضح ذلك جلياً من خلال ما نقرأه من أشعار قديمة وحديثة كان للمرقاب أو (الرجم) أو (الطويل) دور كبير في مطالع قصائد رائعة في تراثنا الشعبي كرائعة الشاعر الأمير محمد السديري التي مطلعها:
يقول من عدى على راس عالي
رجم طويل يدهله كل قرناس
وهي ليست الوحيدة في هذا المجال، بل هناك العديد من القصائد على هذا المنوال التي لا يتسع المجال لذكرها. ما أبهرني في ذلك أن أغلب هذه القصائد مؤثرة وتتميز بوجود زخم كبير من العواطف الجياشة.
المهم أنني أخذت أبحث عن مدى تأثير الارتفاع واتساع مدى الرؤية في بعض مراجع البرمجة اللغوية العصبية سواء في المكتبات أو على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)؛ حيث توصلت إلى عدة حقائق مهمة عن مدى تأثير الرؤية على سلوك الإنسان ومشاعره، ومن أهمها أن الصور التي تسقط على شبكية العين لا تنطبع عليها مثلما تنطبع الصورة الفوتوغرافية على سطح (الفيلم الخام)، وإنما تنتقل فوراً على شكل ومضات عصبية عبر العصب البصري لتصل بسرعة لحظية إلى المخ حيث يتم تصنيفها و(فهرستها) وحفظها؛ أي أن المخ قادر على استحضار أي عدد من تلك الصور المخزونة في أي وقت لاحق؛ حيث يقوم مركز الرؤية بإعادة مشاهدتها؛ أي استعراضها، بعد زوال الأجسام التي تمثلها، وهو ما يسمى الرؤية بلا نظر، وهنا مربط الفرس كما يقولون.
والرؤية بلا نظر يمكن أن تحدث أيضاً رغم عدم وجود ما يمكن النظر إليه أصلاً، وذلك باستحضار بعض المشاهد القديمة من الرصيد المخزون من عمليات إبصار سابقة؛ فالشاعر عندما يكون على المرقاب يقوم باستحضار صور قديمة محزنة كفراق حبيب أو فقدان عزيز، وهو ما يفسِّر العواطف الجياشة في تلك القصائد. ولكن قد يقول قائل: إنه ليس من الضروري أن يكون في مكان مرتفع حتى يقوم باستحضار تلك الصور المحزنة، وهو طرح واقعي، ولكن ما يميز المرقاب هو اتساع الأفق، وبالتالي اتساع أبعاد الصورة المستحضرة كذلك لعدم إمكانية رؤية التفاصيل الدقيقة الموجودة على سطح الأرض التي قد تشوّش على الصورة أو تضعف حضورها أمام الشاعر الذي حتماً سيقوم بتحويلها إلى صورة شعرية ترتبط ارتباطاً قوياً بمدى وضوحها.
بصمة
على راس الطويل اللي عليه الطايرات تحوم
انا والليل والنجم البعيد وصحصح خالي
اشوف الأرض طول وعرض تحتي والسماء ونجوم
واشوف الجدي يسبح بالفضاء وسهيل يبرالي
محمد لطيف العنزي [/align] [/frame]
http://search.al-jazirah.com.sa/2007jaz/nov/20/tr2.htm
[frame="7 80"]
بينما كنتُ في أحد المنتديات الأدبية سألني أحد الحضور سؤالاً مباشراً كالتالي: بما أنك شاعر وفي نفس الوقت طيار ما العلاقة بين الشعر والطيران؟ كان سؤالاً غريباً وغير متوقع، ولكن كعادتنا نحن العرب يجب أن أجيبه عن سؤاله بعلم أو بغير علم، فقلت له:
عندما يعلو الطيار في السماء تتسع دائرة الأفق، وبالتالي تتسع دائرة النظر، كذلك الشاعر كلما علا شعراً اتسعت الرؤية الشعرية والحسية لديه.
انتهى السؤال وانتهت الإجابة التي قد تكون مقنعة له ولبعض الحضور، ولكنها لم تكن مقنعة بالنسبة لي؛ فإجابتي لم تكن مبنية على دراسة أو بحث علمي، وإنما جاءت ارتجالية بحتة. من هنا انطلقت أبحث عن إجابة مقنعة لي على الأقل.
ما أثارني هو وجود علاقة وطيدة بين الشعر والارتفاع واتساع مدى الرؤية، ويتضح ذلك جلياً من خلال ما نقرأه من أشعار قديمة وحديثة كان للمرقاب أو (الرجم) أو (الطويل) دور كبير في مطالع قصائد رائعة في تراثنا الشعبي كرائعة الشاعر الأمير محمد السديري التي مطلعها:
يقول من عدى على راس عالي
رجم طويل يدهله كل قرناس
وهي ليست الوحيدة في هذا المجال، بل هناك العديد من القصائد على هذا المنوال التي لا يتسع المجال لذكرها. ما أبهرني في ذلك أن أغلب هذه القصائد مؤثرة وتتميز بوجود زخم كبير من العواطف الجياشة.
المهم أنني أخذت أبحث عن مدى تأثير الارتفاع واتساع مدى الرؤية في بعض مراجع البرمجة اللغوية العصبية سواء في المكتبات أو على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)؛ حيث توصلت إلى عدة حقائق مهمة عن مدى تأثير الرؤية على سلوك الإنسان ومشاعره، ومن أهمها أن الصور التي تسقط على شبكية العين لا تنطبع عليها مثلما تنطبع الصورة الفوتوغرافية على سطح (الفيلم الخام)، وإنما تنتقل فوراً على شكل ومضات عصبية عبر العصب البصري لتصل بسرعة لحظية إلى المخ حيث يتم تصنيفها و(فهرستها) وحفظها؛ أي أن المخ قادر على استحضار أي عدد من تلك الصور المخزونة في أي وقت لاحق؛ حيث يقوم مركز الرؤية بإعادة مشاهدتها؛ أي استعراضها، بعد زوال الأجسام التي تمثلها، وهو ما يسمى الرؤية بلا نظر، وهنا مربط الفرس كما يقولون.
والرؤية بلا نظر يمكن أن تحدث أيضاً رغم عدم وجود ما يمكن النظر إليه أصلاً، وذلك باستحضار بعض المشاهد القديمة من الرصيد المخزون من عمليات إبصار سابقة؛ فالشاعر عندما يكون على المرقاب يقوم باستحضار صور قديمة محزنة كفراق حبيب أو فقدان عزيز، وهو ما يفسِّر العواطف الجياشة في تلك القصائد. ولكن قد يقول قائل: إنه ليس من الضروري أن يكون في مكان مرتفع حتى يقوم باستحضار تلك الصور المحزنة، وهو طرح واقعي، ولكن ما يميز المرقاب هو اتساع الأفق، وبالتالي اتساع أبعاد الصورة المستحضرة كذلك لعدم إمكانية رؤية التفاصيل الدقيقة الموجودة على سطح الأرض التي قد تشوّش على الصورة أو تضعف حضورها أمام الشاعر الذي حتماً سيقوم بتحويلها إلى صورة شعرية ترتبط ارتباطاً قوياً بمدى وضوحها.
بصمة
على راس الطويل اللي عليه الطايرات تحوم
انا والليل والنجم البعيد وصحصح خالي
اشوف الأرض طول وعرض تحتي والسماء ونجوم
واشوف الجدي يسبح بالفضاء وسهيل يبرالي
محمد لطيف العنزي [/align] [/frame]
http://search.al-jazirah.com.sa/2007jaz/nov/20/tr2.htm
تعليق