**
**
[align=right]
كاد أحدهم ؛أن يصطدم بسيارتي ؛وأنا أتحاشى أزمة المواقف أمام بوابة مقر [حفل عرس دعيت له ] أخرجت يدي مع النافذة معتذرا ؛ بيد أنه لم يكترث . حاولت إعادة الأعتذار مرّة أخرى -لم يراك -قالها الشك - ولكني أستبعدت هذه الفرضيّة لقصر المسافة بيننا .
ترجلتُ ؛ بعد أن توارى خلف جحافل السيارات ؛ التي لم يعد للراجلين مجالٍ بينها إلا تلك المسارب التي تشكّلت بفعل الإكتظاظ مما حدى بثياب الزّوار أن تتحول إلى مماسحٍ متنقلة ؛ لكل ما علق بأجساد السيارات من زيوت العوادم وغبار الرياح الموسميّة .
في أواسط العقد الثالث : طويل القامة ؛ رشيق الحركة ؛ متأنق . سبقني وغاص كأبرة في كومة قطن ؛ فكل من هناك كان متّشح بالبياض . مماجعل باقي الألوان ؛ كأنها ترويني على لسان الوحدة فأنا وحيد هُنا ؛ بالرغم من الإكتظاظ الرهيب . والأصوات المتداخلة ؛ التي لا تسمح لجملة ساقها أحدهم بأن تكتمل .
لا أعرف أحدا في هذا العرس . إلا العريس : الذي بعث لي برسالة قصيرة قبل يومين يدعوني لحضور زفافه يوم الخميس
فليس عليّ إلا الإجابة . "إذا دعيتم فأجيبوا " - حديث شريف - .
وكذلك لهذا الشاب مكانة لديّ . لا أعرف لها دافعا ؛ إلا إذا كانت زمالتي لشقيقه الأكبر "رحمه الله" طيلة خمس سنوات هي السبب في ذلك .
دائما مايكونوا أصدقاء ؛ المتوفى تحت الأعين . ربما أنهم يرونه فيهم !.
كذلك هنالك شيء أخشى أن يكون مزعج "لسعيد" لا ألتقي به ؛ إلا وأترحّم على أخيه بصوت مسموع . كأني أقول : أرى راشد فيك !.
كنت متحفز هذه الليلة بأن لا أترحّم على راشد أمام "سعيد" أو أيً من عائلته وهم في ليلة فرح . يجب بأن توصد بها كافة أبواب المنغصات . وليس من الحكمة ؛ تقليب مواجع الناس في مكان حري به أن يكن مدعاة للسعادة .
الصّبية ؛ قلبوا ساحة الحفل لديربيٍ بشريٍ . معترين تلك الثياب التي لا نراها إلا في المتحف ؛ أو المسلسلات التاريخيّة . ويحملوا في أيديهم سيوف قصيرة بالتأكيد أنها حدّت لتناسب قاماتهم .
فبعضهم معتري ثوب شبه فضفاض . له أكمام واسعة وطويلة مسلوبة عند نهايتها .والآخر يتمنطق بمنجد سلاحٍ أتماتيكي لا ذخيرة به .
وكلاهما يتعاطون مع فرقة الدفوف والطبول بإجابيّة رائعة مما يضفي على الحفل بهجة فارقة . ومن نظر لهم بعين فاحصة لن تخطئ عينه ألتزام بعضهم باليقاع بالرغم من صغر سنه مما يعطي انطباع بأنه من الذين يمتلكون موهبة فطرية بالحس الموسيقي .
وأنا مازلت ألتمس طريقي بين الجحافل البشريّة . قاصدا المقصورة . حتى وصلت بعد ان قمت بإعادة ترتيب شماغي وإعقالي أكثر من مرّة .
لا أدري كيف وثبت تلك الأمنية على نفسي وأنا أرى "سعيد " بالمشلح الأسود ؛ في الصدارةِ .
لوّ يعترض "راشد" طريقي الآن ويعرّف قوّام الحفل على الضيف القادم ! . -لا بد أنها من تلك الأشياء التي يبقون الأحياء يكتنزونها للأموات - .
باركت "لسعيد" وإعتذرت لتأخري . أشار بيده إلى رجل مسن عن يمينه ؛ وقال : هذا والدي .
حاول الرجل النهوض جاهدا . ولكني لم أمهله سلّمت عليه بعد أن أقسمت بأن لا ينهض من مكانه . وأنا مازلت متحفيز بأن لا أترحم على "راشد " كعادتي عندما أرى "سعيد " .
عرّف " سعيد " والده بيّ . وكان يتحدث بصوت عالٍ دلالة على أن سمع الرجل ليس على مايرام . قلب الشيخ صدقه الإيسر فأعاد عليه "سعيد " التعريف .
بشّ وجه الشيخ وسأل عن أحوالي بكل لطفٍ وإهتمام مع أنه لم يراني من قبل ؛!
رفع نظارته السميكة وقال أقترب يا أبني . كنت ساعتها واقفا ؛ وليس لي إلا أن أجلس حتى أكون
بمصاف الشيخ .
في ما أنا أستكمل الوضعيّة طاف بي طائف . وقال : لا تستبعد أنّ الرجل يرى خيال أبنه المتوفى متلبسك .
وهذه من الأشياء التي لا غرابة فيها عند البعض .لأن العقل الباطن في أغلب الأحيان لا يتعاطا مع الواقع .خصوصا في المناسبات السعيدة تحاصر وجوه الأموات الأحياء في الكثير من الزوايا . ينتابهم شعور بأنهم يشاركونهم سعادتهم في هذا الموقف .
أرتعشت قليلا مما بهثّ بيّ الطائف . بعد أكتمال وضعيتي بالجلوس أمام الشيخ . قال : سمعي ضعيف يا أبني ومثل ما ترى في هذه الجلبة لن أتمكّن من سماعك . هدت نفسي بعض الشيء وأحسست بملمس الأرض تحت قدمي بعد أن أفتقدتها .
معذورا يا عمي أتفهم وضعك - قلتها للشيخ -
أسبق عليّ التّحايا والسؤال عن الحال مرّة أخرى . وقال : لمّ ارى " سعيد " عرّفني بأحد حضر هنا إلا أنت فعرفت بأنك عزيز عليه . وكانت الأبتسامة مرتسمة على محياه . أستكملت هدوءي وبدأ الضجيج يعاود مسامعي وألتقط بعض الجُمل المتطائرة من أفواه الحشود . رفعت يدي لجبيني فإذا بالعرق قد غزاه ! ألتفت يمنة ويسرة كأني أبحث عن مساحة أكوّم جسدي بها .
أنتبه لرغبتي رجلٍ قد ناصف نهاره ليله ؛كان محاذي لكنب الشيخ الذي يجلس عليه ويراقب فعل الشيخ معي عن كثب .حاول أن يتنازل عن مساحته لي ؛ ولكني رفضت بعد أن شكرت صنيعه .
آوما إلي " سعيد " فأتيت له مرّة ثانية . قال : بلهجة صارمة أياك ؛ أن تذهب قبل مائدة العشاء . إبتسمت ونقدّت له وعدٍ وأنا أتباعد بين الجموع إلى حيث لا أدري .
جبلت الناس على أن الأكل أحد أركان السعادة فهم ينفقون في لحظاتهم السعيدة ما يوازي عُشر ما قد أنفقوه في أيام حياتهم العادية !.
تسكّعت يمنة ويسرة في مقر الحفل والكميرات الحيّة تلتقط كل شاردة وواردة من الحضور بما فيهم أنا .
والصّبية مابرحوا على تلك الحال المتناقمة مع ردح الدفوف في منظر مبهج والإعجاب يملأ الوجوه بهم .
لم يسعفني الحظ بكرسي خشبي أو بلاستيكي بعد اليأس من الكنبات الوثيرة ؛ يريح ركبي مما عنا بها من حملي .
حتى تمايزت الجموع لدخول صحون المائدة المتلاحقة يحملونها الشُبان في منظر يوحي للمتابع بأنه أمام قرية نمل بعد إنكفاء حبات المطر عن محيط بيتها .
ماهي إلا دقايق حتى أزيحت تلك الأوراق المعدنية من على الصحون التي ملئت بالأرز وأبناء "النوق" وجثائل " الخراف" .
تقاطرت الجموع إلى حيث كانت المائدة وأنا أحدهم . لا لرغبة ولكن للمشاركة . رأيت الناس تأكل بنهم .
فتقاصرت يدي عن الأكل . وقال هاتف في داخلي ؛ في اللحظات السعيدة تتغير تصرفات الناس في كل شيء حتى في الأكل .
نظرت في الجـهات الأربع فرأيت ما هالني حقا ؛ يرتد إلي البصر دون أن يحف أقاصي المائدة !
هل يُحاولون هزيمة الأحزان بالأكل ؟! لا بد أنهم يرونها معركة يباح لهم فيها أستخدام كل ما تطوله أيديهم ونفوسهم .
تطاولت برأسي إلى مائدة عن يساري فإذا " بسعيد " يضحك ويرد الدعوات لمن دعاء له بعد ما يفرغ من المائدة التي هو بها .
مسكين " سعيدٍ " هذا ماهو إلا إبن بيئته يشترون ليلة سعادة بهم ليل وذل نهار! .
غشونا الناس متجهين إلى حيث الكنبات الوثيرة ؛ نهضت متعجلا كأنني من أفتقد طفلٍ في عرصات سوق ؛ لعلي أظفر بأحد الكنبات . وقعت عليه عيني لم يتبقى فارغا إلا هو بين تلك السلاسل من الكنبات التي أمتلئت عن بكرة أبيها .
وثبت عليه بكل همة والأنفاس مضطردة .
حتى تشبّعت شعوريا بأنني قد نلت نصيبي من أحضانه .
فيما أطلّ أحساس التوحد برأسه مرّة أخرى بعد ماكنت جزءا من شهود مائدة أتوا على آخرها .
من أسوأ ما يعتري الإنسان هو الأحساس بالوحدة في معترك الضجيج فيبدأ بإستشراف مايطوله نظره . مثل ما أنا تماما. أدرت النظر عن يميني فإذا أنا برجل مهيبٍ قد أدبر ليله وغشاه نهاره مطوق قبضته اليمنى على منسأته في حركة توحي للمعني بأنه قد همّ بالرحيل .لا يفصل مرفقه الإيسر عن مرفقي الأيمن إلا قطعتين من قماش ؛ فإذا بيمناي تتراجع حتى حطت على فخذي الإيمن مسخية بالشرفة ليساره .
دبّ بي الفضول مرّة أخرى لمعرفة الجهة الثانية فلم يكُن ماكان في الحسبان !
يتبع:[/align]
**
[align=right]
كاد أحدهم ؛أن يصطدم بسيارتي ؛وأنا أتحاشى أزمة المواقف أمام بوابة مقر [حفل عرس دعيت له ] أخرجت يدي مع النافذة معتذرا ؛ بيد أنه لم يكترث . حاولت إعادة الأعتذار مرّة أخرى -لم يراك -قالها الشك - ولكني أستبعدت هذه الفرضيّة لقصر المسافة بيننا .
ترجلتُ ؛ بعد أن توارى خلف جحافل السيارات ؛ التي لم يعد للراجلين مجالٍ بينها إلا تلك المسارب التي تشكّلت بفعل الإكتظاظ مما حدى بثياب الزّوار أن تتحول إلى مماسحٍ متنقلة ؛ لكل ما علق بأجساد السيارات من زيوت العوادم وغبار الرياح الموسميّة .
في أواسط العقد الثالث : طويل القامة ؛ رشيق الحركة ؛ متأنق . سبقني وغاص كأبرة في كومة قطن ؛ فكل من هناك كان متّشح بالبياض . مماجعل باقي الألوان ؛ كأنها ترويني على لسان الوحدة فأنا وحيد هُنا ؛ بالرغم من الإكتظاظ الرهيب . والأصوات المتداخلة ؛ التي لا تسمح لجملة ساقها أحدهم بأن تكتمل .
لا أعرف أحدا في هذا العرس . إلا العريس : الذي بعث لي برسالة قصيرة قبل يومين يدعوني لحضور زفافه يوم الخميس
فليس عليّ إلا الإجابة . "إذا دعيتم فأجيبوا " - حديث شريف - .
وكذلك لهذا الشاب مكانة لديّ . لا أعرف لها دافعا ؛ إلا إذا كانت زمالتي لشقيقه الأكبر "رحمه الله" طيلة خمس سنوات هي السبب في ذلك .
دائما مايكونوا أصدقاء ؛ المتوفى تحت الأعين . ربما أنهم يرونه فيهم !.
كذلك هنالك شيء أخشى أن يكون مزعج "لسعيد" لا ألتقي به ؛ إلا وأترحّم على أخيه بصوت مسموع . كأني أقول : أرى راشد فيك !.
كنت متحفز هذه الليلة بأن لا أترحّم على راشد أمام "سعيد" أو أيً من عائلته وهم في ليلة فرح . يجب بأن توصد بها كافة أبواب المنغصات . وليس من الحكمة ؛ تقليب مواجع الناس في مكان حري به أن يكن مدعاة للسعادة .
الصّبية ؛ قلبوا ساحة الحفل لديربيٍ بشريٍ . معترين تلك الثياب التي لا نراها إلا في المتحف ؛ أو المسلسلات التاريخيّة . ويحملوا في أيديهم سيوف قصيرة بالتأكيد أنها حدّت لتناسب قاماتهم .
فبعضهم معتري ثوب شبه فضفاض . له أكمام واسعة وطويلة مسلوبة عند نهايتها .والآخر يتمنطق بمنجد سلاحٍ أتماتيكي لا ذخيرة به .
وكلاهما يتعاطون مع فرقة الدفوف والطبول بإجابيّة رائعة مما يضفي على الحفل بهجة فارقة . ومن نظر لهم بعين فاحصة لن تخطئ عينه ألتزام بعضهم باليقاع بالرغم من صغر سنه مما يعطي انطباع بأنه من الذين يمتلكون موهبة فطرية بالحس الموسيقي .
وأنا مازلت ألتمس طريقي بين الجحافل البشريّة . قاصدا المقصورة . حتى وصلت بعد ان قمت بإعادة ترتيب شماغي وإعقالي أكثر من مرّة .
لا أدري كيف وثبت تلك الأمنية على نفسي وأنا أرى "سعيد " بالمشلح الأسود ؛ في الصدارةِ .
لوّ يعترض "راشد" طريقي الآن ويعرّف قوّام الحفل على الضيف القادم ! . -لا بد أنها من تلك الأشياء التي يبقون الأحياء يكتنزونها للأموات - .
باركت "لسعيد" وإعتذرت لتأخري . أشار بيده إلى رجل مسن عن يمينه ؛ وقال : هذا والدي .
حاول الرجل النهوض جاهدا . ولكني لم أمهله سلّمت عليه بعد أن أقسمت بأن لا ينهض من مكانه . وأنا مازلت متحفيز بأن لا أترحم على "راشد " كعادتي عندما أرى "سعيد " .
عرّف " سعيد " والده بيّ . وكان يتحدث بصوت عالٍ دلالة على أن سمع الرجل ليس على مايرام . قلب الشيخ صدقه الإيسر فأعاد عليه "سعيد " التعريف .
بشّ وجه الشيخ وسأل عن أحوالي بكل لطفٍ وإهتمام مع أنه لم يراني من قبل ؛!
رفع نظارته السميكة وقال أقترب يا أبني . كنت ساعتها واقفا ؛ وليس لي إلا أن أجلس حتى أكون
بمصاف الشيخ .
في ما أنا أستكمل الوضعيّة طاف بي طائف . وقال : لا تستبعد أنّ الرجل يرى خيال أبنه المتوفى متلبسك .
وهذه من الأشياء التي لا غرابة فيها عند البعض .لأن العقل الباطن في أغلب الأحيان لا يتعاطا مع الواقع .خصوصا في المناسبات السعيدة تحاصر وجوه الأموات الأحياء في الكثير من الزوايا . ينتابهم شعور بأنهم يشاركونهم سعادتهم في هذا الموقف .
أرتعشت قليلا مما بهثّ بيّ الطائف . بعد أكتمال وضعيتي بالجلوس أمام الشيخ . قال : سمعي ضعيف يا أبني ومثل ما ترى في هذه الجلبة لن أتمكّن من سماعك . هدت نفسي بعض الشيء وأحسست بملمس الأرض تحت قدمي بعد أن أفتقدتها .
معذورا يا عمي أتفهم وضعك - قلتها للشيخ -
أسبق عليّ التّحايا والسؤال عن الحال مرّة أخرى . وقال : لمّ ارى " سعيد " عرّفني بأحد حضر هنا إلا أنت فعرفت بأنك عزيز عليه . وكانت الأبتسامة مرتسمة على محياه . أستكملت هدوءي وبدأ الضجيج يعاود مسامعي وألتقط بعض الجُمل المتطائرة من أفواه الحشود . رفعت يدي لجبيني فإذا بالعرق قد غزاه ! ألتفت يمنة ويسرة كأني أبحث عن مساحة أكوّم جسدي بها .
أنتبه لرغبتي رجلٍ قد ناصف نهاره ليله ؛كان محاذي لكنب الشيخ الذي يجلس عليه ويراقب فعل الشيخ معي عن كثب .حاول أن يتنازل عن مساحته لي ؛ ولكني رفضت بعد أن شكرت صنيعه .
آوما إلي " سعيد " فأتيت له مرّة ثانية . قال : بلهجة صارمة أياك ؛ أن تذهب قبل مائدة العشاء . إبتسمت ونقدّت له وعدٍ وأنا أتباعد بين الجموع إلى حيث لا أدري .
جبلت الناس على أن الأكل أحد أركان السعادة فهم ينفقون في لحظاتهم السعيدة ما يوازي عُشر ما قد أنفقوه في أيام حياتهم العادية !.
تسكّعت يمنة ويسرة في مقر الحفل والكميرات الحيّة تلتقط كل شاردة وواردة من الحضور بما فيهم أنا .
والصّبية مابرحوا على تلك الحال المتناقمة مع ردح الدفوف في منظر مبهج والإعجاب يملأ الوجوه بهم .
لم يسعفني الحظ بكرسي خشبي أو بلاستيكي بعد اليأس من الكنبات الوثيرة ؛ يريح ركبي مما عنا بها من حملي .
حتى تمايزت الجموع لدخول صحون المائدة المتلاحقة يحملونها الشُبان في منظر يوحي للمتابع بأنه أمام قرية نمل بعد إنكفاء حبات المطر عن محيط بيتها .
ماهي إلا دقايق حتى أزيحت تلك الأوراق المعدنية من على الصحون التي ملئت بالأرز وأبناء "النوق" وجثائل " الخراف" .
تقاطرت الجموع إلى حيث كانت المائدة وأنا أحدهم . لا لرغبة ولكن للمشاركة . رأيت الناس تأكل بنهم .
فتقاصرت يدي عن الأكل . وقال هاتف في داخلي ؛ في اللحظات السعيدة تتغير تصرفات الناس في كل شيء حتى في الأكل .
نظرت في الجـهات الأربع فرأيت ما هالني حقا ؛ يرتد إلي البصر دون أن يحف أقاصي المائدة !
هل يُحاولون هزيمة الأحزان بالأكل ؟! لا بد أنهم يرونها معركة يباح لهم فيها أستخدام كل ما تطوله أيديهم ونفوسهم .
تطاولت برأسي إلى مائدة عن يساري فإذا " بسعيد " يضحك ويرد الدعوات لمن دعاء له بعد ما يفرغ من المائدة التي هو بها .
مسكين " سعيدٍ " هذا ماهو إلا إبن بيئته يشترون ليلة سعادة بهم ليل وذل نهار! .
غشونا الناس متجهين إلى حيث الكنبات الوثيرة ؛ نهضت متعجلا كأنني من أفتقد طفلٍ في عرصات سوق ؛ لعلي أظفر بأحد الكنبات . وقعت عليه عيني لم يتبقى فارغا إلا هو بين تلك السلاسل من الكنبات التي أمتلئت عن بكرة أبيها .
وثبت عليه بكل همة والأنفاس مضطردة .
حتى تشبّعت شعوريا بأنني قد نلت نصيبي من أحضانه .
فيما أطلّ أحساس التوحد برأسه مرّة أخرى بعد ماكنت جزءا من شهود مائدة أتوا على آخرها .
من أسوأ ما يعتري الإنسان هو الأحساس بالوحدة في معترك الضجيج فيبدأ بإستشراف مايطوله نظره . مثل ما أنا تماما. أدرت النظر عن يميني فإذا أنا برجل مهيبٍ قد أدبر ليله وغشاه نهاره مطوق قبضته اليمنى على منسأته في حركة توحي للمعني بأنه قد همّ بالرحيل .لا يفصل مرفقه الإيسر عن مرفقي الأيمن إلا قطعتين من قماش ؛ فإذا بيمناي تتراجع حتى حطت على فخذي الإيمن مسخية بالشرفة ليساره .
دبّ بي الفضول مرّة أخرى لمعرفة الجهة الثانية فلم يكُن ماكان في الحسبان !
يتبع:[/align]
تعليق