من هو الصنوبري؟
شجتك العيس حنت إثر عيسِ
ممارسة المَرَوْرَى المرمريسِ
هذه فريدة الصنوبري التي اتهم ناصر الفراعنه بانه اقتبس منها مشاركته الأولى في برنامج شاعر المليون حسب راي بعض النقاد .. وقد جعل ذلك النقاش فرصة للكثيرين ان يتسائلوا عن الصنوبري الشاعر العباسي اللذي شغل الناس في عصره وسمي بشاعر الروض .. فمن هو الصنوبري ؟
الصنوبري هو:
ابو القاسم احمد بن محمد بن الحسن بن مرار الجزري الرقي الضبي الحلبي الشهير بالصنوبري شاعر مجيد جمع شعره بين طرفي الرقة والقوة، ونال من المتانة وجودة الاسلوب حظه الاوفر، ومن البراعة والظرف نصيبه الاوفى، وتواتر في المعاجم وصفه بالاحسان تارة وبالاجادة اخرى وان شعره في الذروة العليا وكان يسمى حبيب (نسبة الى ابي تمام) الاصغر لجودة شعره
ذكر في البداية والنهاية في من ماتوا في خلافة بداية خلافة المقتدر وبذالك يكون قد عاصر الخلفاء التالية اسماؤهم بالترتيب التنازلي المكتفي والمعتضد والمعتمد والمهتدي و المعتز والمستعين والمنتصر والمتوكل ولم يعلم ان كان عاصر الواثق والمعتصم والمأمون لقد اقتصر في اغلب شعره على وصف الرياض والأزهار ورافق سيف الدولة الحمداني جمع الشيخ محمد راغب الطباخ أشعاره في ديوان أسماه الروضيات وايضا اخرج ديوانه احسان عباس.
قال الثعالبي:
تشبيهات ابن المعتز واوصاف كشاجم وروضيات الصنوبري، متى اجتمعت اجتمع الظرف والطرف، وسمع السامع من الاحسان العجب.
ولـ الصنوبري في وصف الرياض والانوار تقدم باهر، وذكر ابن عساكر: ان اكثر شعره فيه، وقال ابن النديم في فهرسته: ان الصولي عمل شعر الصنوبري على الحروف في مأتي ورقة. فيكون المدون على ما التزم به ابن النديم من تحديد كل صفحة من الورقة بعشرين بيتا وثمانية الاف بيت، وسمع الحسن بن محمد الغساني من شعره مجلدا
من أهل أنطاكية , ولكن منشأه ومرباه في حلب, وكانت من كبرى مدن العلم التي تزخر بأهل العلم في الفقه واللغة والحديث والطب وغيرها , وفي ديوانه إشارات إلى بعض اهل تلك الفنون , كما ورد ذكر أرسططاليس وبقراط في بعض أشعاره , مما يدل على أنه قد عكف شطرا من حياته على الدرس والتحصيل حتى تخرج شاعرًا ملمًا ببعض ثقافات عصره وإن لم يك إلمامًا عميقًا .
وألم كثيرًا بالرقتين والموصل ودمشق , ولم يترك فيها واليًا إلا قدم عليه مادحًا, ومع أنه كانه متشيعًا إلا أنه ظل منحرفًا عن الأسرة الحمدانية التي كان نجمها قد أخذ في التألق منذ أواخر القرن الثالث الهجري حتى قدوم سيف الدولة حلب. ويبدو أنه لم يك غاليًا في تشيعه ولم يعتنق مذهب الإمامية الاثني عشرية الذي كان ينتشر في أركان العراق لعصره .
كما يجد الباحث في ديوانه ما يدل بوضوح على أنه كان لا يزال يرحل من حلب إلى الرقة على الفرات , حتى كأنها كانت موطنه الثاني وخاصةً في أيام شبابه وإدمانه اللهو وخلعه للعذار, و لم يدع جوادًا أو حاميًا من حماة الأدب في تلك الأنحاء إلا واسبغ عليه مدائحه , وكان يلم كثيرًا بمدينة الرها ويجتمع فيها بكثيرٍ من أدباء العراق والشام ومصر في دكان وراقٍ يقال له سعد
ولعل أهم صداقاته وعلاقاته الشعرية كانت مع كشاجم , وكان أصغر منه سنًا ,وكأنه اتخذ منه معلمه ورائده في الشعر, وبينهما معابثاتٌ و مداعباتٌ واستعطافاتٌ كثيرةٌ . كما انعقدت بينه وبين الأخفش الصغير - حين نزل حلب في خمس سنواتٍ - صداقةٌ لم يحظ بها عالم لغويٌ غيره عند الصنوبري .
وكان يعيش - على ما يظهر - في يسرٍ دائمًا , إذ يذكر - كما يذكر كشاجم - أن له بحلب ضيعةً وبستانًا وقصرًا تحفها الأشجار والأزهار والرياحين, وكان يدعو إليها كثيرًا من أصدقائه لمآدب عنده .
وأخذ كثيرون يروون أشعاره في حياته , وعني أحد تلاميذه من الشعراء وهو أبو العباس الصفري برواية ديوانه , كما اهتم بذلك معاصره أبو بكر الصولي .
وكان من أقرب اصدقاءه إلى نفسه المعوج الرقي ويقال إنه أستاذه , وقد بكاه حين توفي بمرثية طويلةٍ , منها
:
يا سماء الشعر التي لي عليها
كل يومٍ سماء دمع تفيضُ
كيف تجني الأفهام زهر المعاني
بعدما جف روضهن الأريضُ؟
واما نسبته الى الصنوبر فقد ذكر ابن عساكر عن عبدالله الحلبي الصفري انه قال: سألت الصنوبري عن السبب الذي من اجله نسب جده الى الصنوبر حتى صار معروفا به. فقال لي: كان جدي صاحب بيت حكمة من بيوت حكم المأمون فجرت له بين يديه مناظرة فاستحسن كلامه وحدة مزاجه وقال: انك لصنوبري الشكل يريد بذلك الذكاء وحدة المزاج .. ولقب الصنوبري يحمل له معنى الفخر، والانتساب إلى صفة تربط الجدَّ بالخليفة العباسي المشهور المامون .
وكان الصنوبري من مداحي اهل البيت عليهم السلام وذلك تراه طافحا في شعره الرائق وسكن مدينة حلب - دمشق وبها انشد شعره ومن اشهر من روى عنه ابو الحسن محمد بن احمد بن جميع الغساني كما في انساب السمعاني. توفي سنة 334 هـ وقيل 330 هـ .
تعليق