السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقول الكاتبة والناقدة فرجينيا وولف :إن أي امرأة تولد بموهبة عظيمة لابد أن تصبح مجنونة أو تنتحر أو تقضي أيامها وحيدة في كوخ
منعزل خارج القرية نصف ساحرة نصف عرافة يخشاها الآخرون ويسخرون منها ذلك أننا بحاجة الى قليل من الفهم لنتأكد من أن الفتاة
الموهوبة تماما التي تحاول ان تستخدم موهبتها لكتابة الشعرسيخذلها الناس ويعوقونها وستعذبها وتمزقها غرائزها الشخصية المناقضة
بحيث انها لابد ان تفقد صحتها وسلامة عقلها !!!
لابد أن وولف وهي الناقدة المتمرسة حد التخثر والدارسة للأدب لم تقل هذا عبثاً،ولم تكن مجرد عبارة ممررة في خطاب ما ، فهي أدرى
بشعاب الأدب النسوي وإن كانت فرجينيا وهي إبنة الأدب الغربي المنفتح والحرية الكتابية الواسعة أستشفت هذا الإدراك وأعلنتة فماذا
نقول نحن ؟!
إن المرأة الشاعرة تعيش في مأزق حقيقي تاريخياً وحضارياً
وبالرغم من ان الشعر النسوي يشهد تحولات حالياً تتضح في طرق المرأة لأغراض شعرية عدة إلا ان ثقافة الفحول وتقبلها
لشعر المرأة مازالت تتخذ أشكالا عدة تبدأ باللامبالاة ثم تنتقل للإستخفاف وعدم أخذ الأمر مأخذ الجد وقد تتطور نحو التسفيه فالهجوم!
أثار إهتمامي هذا الباب فقررت الدخول والبحث والتقصي بأدوات بحث يسيرة جداً ــ للأمانة ــ وفي أثناء ماكان أمر الشاعرة ونظرة
الآخر (سيدي الرجل) لها قاصرة زارتنا في البيت إحدى السيدات وهي من قبيلتي فبينما هي تتحدث عن امور نسائية بحتة وتقارن بين
الأجيال عرجت على قصة إمرأة من البادية قديماً وكانت تقول الشعر بالسر !!! فقمت من مكاني كملدوووغة وأحضرت ورقة وقلم وعدت
لأجلس بجانبها فبدأت تسرد القصة والقصيدة:
فلانة بنت فلان ...ذهب زوجها لطلب الرزق وتأخر لعدة أشهر فضناها الشوق فأخذت تسلي نفسها بالشعر
فقالت تحاور شعرها(ظفائرها) :
[poem=font="Simplified Arabic,4,#000000,bold,italic" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
جاين مقر الشيب والعوق جافيك=وشوفك علي يروّع الغافليني
والله لولا مسعود عني لأوطيك=وارميك في دارٍ خلا ماتجيني[/poem]
فرد عليها شعرها(ظفائرها)
[poem=font="Simplified Arabic,4,#000000,bold,italic" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
عزالله اني ماذخرت الردا فيك=لكن جنسك يجحد الغانميني
أنتي نسيتي قذلتي يوم اباريك=واحط زولك زين فالوارديني[/poem]
لكم أسرتني البساطة والعفة والجمال في هذه الردية الفريدة من نوعها ..ذلك لإن المرأة هنا إقتنصت لقطة وخلدتها فمن يقرأ هذه الردية
لابد وأن يتخيل تلك الشاعرة تقول هذه الأبيات وهي تمشط ظفائرها وتنظر لنفسها بالمرآة الصغيرة !!! لكن شعرها قد غزاه الشيب !!
وهنا أرجو الإنتباه سأعود بإشارة حول هذه النقطة عما قليل ..
مابعث بنفسي الأسى حقاً هو كون هذه الشاعرة ومثيلاتها أنذاك يكتبن الشعر بالسر!!وهذه الردية وغيرها من أبيات ذكرتها لي الخالة
لم يسبق أن تداولتها الألسن وأكاد أكون الوحيدة التي دونتها هنا بل من المؤكد أن أحداً لم يسمع بها من قبل إلا بهذا المقال
قالت لي الخالة بالحرف الواحد (ياوليدي لاتعلمين بإسمها ــ تقصد الشاعرة صاحبة الأبيات ) كانت وهي تروي أبيات أخرى غزلية في
غاية الخجل او هو الخوف ...
واصلت التقصي للشعر قديماً فوجدت أن المرأة حاضرة ولكن كيف ؟
لقد أثرت نظرة المجتمع ومحاذيرة على مسألة التدوين أيما تأثير فلو تتبعنا ماوصل الى أيدينا من نتاج المرأة الشاعرة من العصر
الجاهلي ثم مايليه من عصور تعطي ملمحاً أنها حصرت في غرض الأمومة او الرثاء بينما غيبت من التدوين أغراض الحب والغزل وسجل في
العصر العباسي غضب إحدى الشخصيات الذكورية الشهيرة إذا سمعت أحدا يردد شعرا عاطفيا وجدانيا ابدعته أخواتهن!!
ويذكر رجا سمرين في كتابه(شعر المرأة المعاصرة) أن الرواة تعمدوا بإصرار على وضع المرأة العربية وآثارها في الظل)
أما نجمة إدريس فقد دللت على دور الرواة في حجب شعر المرأةعن الرواية وتداوله بقولها(هناك مؤشرات الى وجود شاعرات ولانعرف
لهن شعرا أي أن الرواة تجاهلوا شعرهن فزهير بن أبي سلمة له أختان شاعرتان كما أن للخنساء بنتا شاعرة ولانعرف عن شعرهن
شيئا
كما أن هناك مايشير الى ان للخنساء شعرا لم يصل الينا وهو ماجعل احد الباحثين يلاحظ ان شعر الخنساء مقطعات كله ممايعني تدخل
الرواة في حجب الشعر)
وتدلل الباحثة نجمة ادريس على واقع الشاعرة قديما بنموذج لذلك هي الشاعرة ليلي الأخيلية التي لم تتاح لها فرص القبول والإستماع
في مجالس الخلفاء والولاة الا بعد وفاة حبيبها توبة بن الحمير التي قالت فيه معظم شعرها أي بعد تحولها من عاشقة الى ثكلى راثية !!
مع الأخذ بعين الإعتبار ان ذلك لم يحدث الا بعد تقدمها في السن ايضا وبعد امتثالها للشرط الثقافي وهو الحومان في الغرض المسموح به
لها وهو الرثاء مع تجاهل زمن فتوتها الوجداني والعاطفي بشكل ضمني!وهذا ماتثبته كذلك أبيات الشاعرة البدويةحين كانت تحاور
ظفائرها وقدا غزاها الشيب!
ختاماً/
لاأريد أن أصبح نصف ساحرة ونصف عرافة ولاأريد أن ينبذني ويسخر مني الآخرون ولاأريد أن أفقد صحتي وعقلي ..
أنا فقط أريد أن أكتب الشعر فأنا موهوبة !!
مع صادق الود ...
كبرياء
تقول الكاتبة والناقدة فرجينيا وولف :إن أي امرأة تولد بموهبة عظيمة لابد أن تصبح مجنونة أو تنتحر أو تقضي أيامها وحيدة في كوخ
منعزل خارج القرية نصف ساحرة نصف عرافة يخشاها الآخرون ويسخرون منها ذلك أننا بحاجة الى قليل من الفهم لنتأكد من أن الفتاة
الموهوبة تماما التي تحاول ان تستخدم موهبتها لكتابة الشعرسيخذلها الناس ويعوقونها وستعذبها وتمزقها غرائزها الشخصية المناقضة
بحيث انها لابد ان تفقد صحتها وسلامة عقلها !!!
لابد أن وولف وهي الناقدة المتمرسة حد التخثر والدارسة للأدب لم تقل هذا عبثاً،ولم تكن مجرد عبارة ممررة في خطاب ما ، فهي أدرى
بشعاب الأدب النسوي وإن كانت فرجينيا وهي إبنة الأدب الغربي المنفتح والحرية الكتابية الواسعة أستشفت هذا الإدراك وأعلنتة فماذا
نقول نحن ؟!
إن المرأة الشاعرة تعيش في مأزق حقيقي تاريخياً وحضارياً
وبالرغم من ان الشعر النسوي يشهد تحولات حالياً تتضح في طرق المرأة لأغراض شعرية عدة إلا ان ثقافة الفحول وتقبلها
لشعر المرأة مازالت تتخذ أشكالا عدة تبدأ باللامبالاة ثم تنتقل للإستخفاف وعدم أخذ الأمر مأخذ الجد وقد تتطور نحو التسفيه فالهجوم!
أثار إهتمامي هذا الباب فقررت الدخول والبحث والتقصي بأدوات بحث يسيرة جداً ــ للأمانة ــ وفي أثناء ماكان أمر الشاعرة ونظرة
الآخر (سيدي الرجل) لها قاصرة زارتنا في البيت إحدى السيدات وهي من قبيلتي فبينما هي تتحدث عن امور نسائية بحتة وتقارن بين
الأجيال عرجت على قصة إمرأة من البادية قديماً وكانت تقول الشعر بالسر !!! فقمت من مكاني كملدوووغة وأحضرت ورقة وقلم وعدت
لأجلس بجانبها فبدأت تسرد القصة والقصيدة:
فلانة بنت فلان ...ذهب زوجها لطلب الرزق وتأخر لعدة أشهر فضناها الشوق فأخذت تسلي نفسها بالشعر
فقالت تحاور شعرها(ظفائرها) :
[poem=font="Simplified Arabic,4,#000000,bold,italic" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
جاين مقر الشيب والعوق جافيك=وشوفك علي يروّع الغافليني
والله لولا مسعود عني لأوطيك=وارميك في دارٍ خلا ماتجيني[/poem]
فرد عليها شعرها(ظفائرها)
[poem=font="Simplified Arabic,4,#000000,bold,italic" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
عزالله اني ماذخرت الردا فيك=لكن جنسك يجحد الغانميني
أنتي نسيتي قذلتي يوم اباريك=واحط زولك زين فالوارديني[/poem]
لكم أسرتني البساطة والعفة والجمال في هذه الردية الفريدة من نوعها ..ذلك لإن المرأة هنا إقتنصت لقطة وخلدتها فمن يقرأ هذه الردية
لابد وأن يتخيل تلك الشاعرة تقول هذه الأبيات وهي تمشط ظفائرها وتنظر لنفسها بالمرآة الصغيرة !!! لكن شعرها قد غزاه الشيب !!
وهنا أرجو الإنتباه سأعود بإشارة حول هذه النقطة عما قليل ..
مابعث بنفسي الأسى حقاً هو كون هذه الشاعرة ومثيلاتها أنذاك يكتبن الشعر بالسر!!وهذه الردية وغيرها من أبيات ذكرتها لي الخالة
لم يسبق أن تداولتها الألسن وأكاد أكون الوحيدة التي دونتها هنا بل من المؤكد أن أحداً لم يسمع بها من قبل إلا بهذا المقال
قالت لي الخالة بالحرف الواحد (ياوليدي لاتعلمين بإسمها ــ تقصد الشاعرة صاحبة الأبيات ) كانت وهي تروي أبيات أخرى غزلية في
غاية الخجل او هو الخوف ...
واصلت التقصي للشعر قديماً فوجدت أن المرأة حاضرة ولكن كيف ؟
لقد أثرت نظرة المجتمع ومحاذيرة على مسألة التدوين أيما تأثير فلو تتبعنا ماوصل الى أيدينا من نتاج المرأة الشاعرة من العصر
الجاهلي ثم مايليه من عصور تعطي ملمحاً أنها حصرت في غرض الأمومة او الرثاء بينما غيبت من التدوين أغراض الحب والغزل وسجل في
العصر العباسي غضب إحدى الشخصيات الذكورية الشهيرة إذا سمعت أحدا يردد شعرا عاطفيا وجدانيا ابدعته أخواتهن!!
ويذكر رجا سمرين في كتابه(شعر المرأة المعاصرة) أن الرواة تعمدوا بإصرار على وضع المرأة العربية وآثارها في الظل)
أما نجمة إدريس فقد دللت على دور الرواة في حجب شعر المرأةعن الرواية وتداوله بقولها(هناك مؤشرات الى وجود شاعرات ولانعرف
لهن شعرا أي أن الرواة تجاهلوا شعرهن فزهير بن أبي سلمة له أختان شاعرتان كما أن للخنساء بنتا شاعرة ولانعرف عن شعرهن
شيئا
كما أن هناك مايشير الى ان للخنساء شعرا لم يصل الينا وهو ماجعل احد الباحثين يلاحظ ان شعر الخنساء مقطعات كله ممايعني تدخل
الرواة في حجب الشعر)
وتدلل الباحثة نجمة ادريس على واقع الشاعرة قديما بنموذج لذلك هي الشاعرة ليلي الأخيلية التي لم تتاح لها فرص القبول والإستماع
في مجالس الخلفاء والولاة الا بعد وفاة حبيبها توبة بن الحمير التي قالت فيه معظم شعرها أي بعد تحولها من عاشقة الى ثكلى راثية !!
مع الأخذ بعين الإعتبار ان ذلك لم يحدث الا بعد تقدمها في السن ايضا وبعد امتثالها للشرط الثقافي وهو الحومان في الغرض المسموح به
لها وهو الرثاء مع تجاهل زمن فتوتها الوجداني والعاطفي بشكل ضمني!وهذا ماتثبته كذلك أبيات الشاعرة البدويةحين كانت تحاور
ظفائرها وقدا غزاها الشيب!
ختاماً/
لاأريد أن أصبح نصف ساحرة ونصف عرافة ولاأريد أن ينبذني ويسخر مني الآخرون ولاأريد أن أفقد صحتي وعقلي ..
أنا فقط أريد أن أكتب الشعر فأنا موهوبة !!
مع صادق الود ...
كبرياء
تعليق