:
( تـســول الشـعـراء )
في زمنٍ غابر إن صح التعبير كان للشاعر أهمية كبيرة،
إذ كان يقدم التاريخ والسياسة والأدب والدين بأشعاره
في أشكال متنوعة، يحاول من خلالها إيصال ما لديه
إلى عامة الناس، فقيرهم وغنيهم، كبيرهم وصغيرهم،
إلا أن بعض المستشعرين الذين من الله عليهم بقريحة شعرية
سخروا مواهبهم للتسول في حضرة الملوك وكانوا
قلة نسبةً إلى الأعداد الكبيرة التي برزت في السنوات
الماضية، إذ باتا بعض الشعراء في أيامنا هذه يتسلون
في وضح النهار دون خجل حتى وإن كان الثمن كرامته،
إلى أن أصبح الشعر غثة أعظم بكثير من سمينه،
بل بتنا نسمع النادر من المفيد من القصائد وإن كانت تنصب
معظمها في خانة الشعر الغزلي، إذ باتا الهم
في كيفية استيعاب أكبر عدد من الجماهير النسائية،
أكرر "النسائية"، وفي فن الثناء باتت القصائد تقال في من
لا يذكر عنه إلا كل دنيئة، وفي الهجاء والذم باتت لتهديد
هذا أو ذاك أو على غالب الأحوال غضب من فلان
لأنه لم يعطيه من "خشخاش جيبه".
المصيبة تكمن فيمن يكون أدنى ما يكون، فيسحق كرامته
ومروءته من أجل حفنة من الدنانير ليصبح بذلك متسولاً
معتمداً بين عامة الشعراء، ويا ليت تسوله من أجل ظروف
مُره أو مصاعب في حياته، بل على العكس تماماً إذ تجده
موظف في وظيفة مرموقة، وأكثرهم من أصحاب مجالس
عامرة بزوارها، ومعظمهم لهم حضور إعلامي كبير على
مستوى منطقة الخليج وهم مقربين بتسولهم وإذلالهم لأنفسهم
من الشيوخ والأمراء، إذ أصبحت أبياتهم مصانع للتجارة،
وأي تجارة..؟ أنها تجارة وضيعة لأقصى الحدود،
حتى أنك في حالات معينه إن لم تكثر من السُباب واللعن
أفتيت فقلت: "والله حرام فيه أن يكون شاعر"،
ولا بأس لو علمنا أن بعض وسائل الإعلام تخدم من لا فائدة
منه، وفي حياتي قرأت الكثير وسمعت الأكثر،
لكن لم أتوقع في إطار الشعر الشعبي أن يصل الحال
بشاعر له حضور إعلامي يقول في إحدى قصائده
شحاد جيتـك وبــروح شحـــــــــاد
.........تكـفا تجمل طال عمرك وعطني
تاطا على خدي بجزمتك وش عاد
......كل شي يهون إلا وصاويص بطني
تالله إنها لمصيبة أن يصل بالمرء بنفسه إلى هذه الحال
وهو في خير حال، فيجعل نفسه متسولا، وأي متسول..؟
متسول في الدرك الأسفل من الدناءة والإذلال،
هو ليس الوحيد بل هو فيض من غيض،
إذ أن غيره الكثير ممن أسترخص كرامته ومروءته
حتى وصل بنفسه إلى الحضيض دون خجل أو حياء،
بل لم يفكر على أقل تقدير بأمه وأبيه أو زوجته وبنيه
إن سمعوا ما قال في نفسه.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل يستحق من بعد هذا القول
له احتراما..؟ لا أظن..
( تـســول الشـعـراء )
في زمنٍ غابر إن صح التعبير كان للشاعر أهمية كبيرة،
إذ كان يقدم التاريخ والسياسة والأدب والدين بأشعاره
في أشكال متنوعة، يحاول من خلالها إيصال ما لديه
إلى عامة الناس، فقيرهم وغنيهم، كبيرهم وصغيرهم،
إلا أن بعض المستشعرين الذين من الله عليهم بقريحة شعرية
سخروا مواهبهم للتسول في حضرة الملوك وكانوا
قلة نسبةً إلى الأعداد الكبيرة التي برزت في السنوات
الماضية، إذ باتا بعض الشعراء في أيامنا هذه يتسلون
في وضح النهار دون خجل حتى وإن كان الثمن كرامته،
إلى أن أصبح الشعر غثة أعظم بكثير من سمينه،
بل بتنا نسمع النادر من المفيد من القصائد وإن كانت تنصب
معظمها في خانة الشعر الغزلي، إذ باتا الهم
في كيفية استيعاب أكبر عدد من الجماهير النسائية،
أكرر "النسائية"، وفي فن الثناء باتت القصائد تقال في من
لا يذكر عنه إلا كل دنيئة، وفي الهجاء والذم باتت لتهديد
هذا أو ذاك أو على غالب الأحوال غضب من فلان
لأنه لم يعطيه من "خشخاش جيبه".
المصيبة تكمن فيمن يكون أدنى ما يكون، فيسحق كرامته
ومروءته من أجل حفنة من الدنانير ليصبح بذلك متسولاً
معتمداً بين عامة الشعراء، ويا ليت تسوله من أجل ظروف
مُره أو مصاعب في حياته، بل على العكس تماماً إذ تجده
موظف في وظيفة مرموقة، وأكثرهم من أصحاب مجالس
عامرة بزوارها، ومعظمهم لهم حضور إعلامي كبير على
مستوى منطقة الخليج وهم مقربين بتسولهم وإذلالهم لأنفسهم
من الشيوخ والأمراء، إذ أصبحت أبياتهم مصانع للتجارة،
وأي تجارة..؟ أنها تجارة وضيعة لأقصى الحدود،
حتى أنك في حالات معينه إن لم تكثر من السُباب واللعن
أفتيت فقلت: "والله حرام فيه أن يكون شاعر"،
ولا بأس لو علمنا أن بعض وسائل الإعلام تخدم من لا فائدة
منه، وفي حياتي قرأت الكثير وسمعت الأكثر،
لكن لم أتوقع في إطار الشعر الشعبي أن يصل الحال
بشاعر له حضور إعلامي يقول في إحدى قصائده
شحاد جيتـك وبــروح شحـــــــــاد
.........تكـفا تجمل طال عمرك وعطني
تاطا على خدي بجزمتك وش عاد
......كل شي يهون إلا وصاويص بطني
تالله إنها لمصيبة أن يصل بالمرء بنفسه إلى هذه الحال
وهو في خير حال، فيجعل نفسه متسولا، وأي متسول..؟
متسول في الدرك الأسفل من الدناءة والإذلال،
هو ليس الوحيد بل هو فيض من غيض،
إذ أن غيره الكثير ممن أسترخص كرامته ومروءته
حتى وصل بنفسه إلى الحضيض دون خجل أو حياء،
بل لم يفكر على أقل تقدير بأمه وأبيه أو زوجته وبنيه
إن سمعوا ما قال في نفسه.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل يستحق من بعد هذا القول
له احتراما..؟ لا أظن..
تعليق