الشعر الشعبي رافد من روافد الادب عند العرب الذي فيه لسان اهازيجهم ابان الحروب وإنسهم عند السلم , وانشراح النفس , فكونه يستخدم للحماس والفخر فهو ايضا من اهم وسائل الدعوة الى الله , وكذلك من اهم وسائل التعبير الاجتماعي فقد استخدم في العديد من الاغراض منها ما يعالج القضايا الاجتماعية. كذلك ما استخدم في الغزل والهجاء .. الخ .
ومن منطلق ( لكل عصر دولة ورجال ) فقد يوافقني الجميع بأن لكل عصر اعلامه , وأن اختلفت مجريات الحياة وظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .. وما للظروف البيئيه من دور بارز في صناعة الشعر واعلامه , وبتباين الاحداث اصبح هنالك تباين بين اعلام الشعر في الماضي والحاضر حيث كان الاعلام قديماً اعلاماً حازماً صارماً وان لم يكن هناك مؤسسات اعلامية متخصصة في ذلك ، بل كانت المجالس مؤسسات غير مباشرة للاعلام وكان للركبان دور كبير في النشر , وهي لا تتناقل فيما بينها الا كل سام ونزيه .. وبذلك كان الشعر فعلاً اسم على مسمى ) ديوان العرب ) لصلابة وقوة المعايير التي تحكمه ( القوة . الصدق . الأصالة . العادات والتقاليد ) وذلك لتأثره بالظروف البيئية القاسية للمجتمعات آنذاك التي تجلت قسوتها في قوة المعاني في الشعر .
اما الآن في عصر الرفاه والرخا ونتيجة انسجام الظروف تعددت المعايير الاعلامية وتنوعت المؤسسات الاعلامية واصبح الشعر يستخدم كثيراً فيما لا يليق به الا ما ندر , واستثني الذين ما زالوا يقدرون ويحافظون على نزاهة الشعر .لكن قد اكون صائباً في طغيان الغث على غيره حتى نافس على القمة من لا يحمل مقومات المنافسه!!.
طبعا لتدنى مستوى الشعر عدة اسباب منها ( من وجهة نظري ) :
- انفتاح الشعوب والتأثر بالثقافات الاخرى .
- تدني الذائقة عند غالبية الجمهور أو تغير غالبية جمهور الشعر , فلم يعد يهتم بجودة القصيدة من عدمها اكثر من الاهتمام بالاساليب الساخرة والاسلوب المسرحي في الالقاء !! .
- اسناد الاشراف في الكثير من المنابر والقنوات الاعلامية خاصة المطبوعات الى من ليس لديه كفاءة وغير مؤهل لتقييم واختيار ما يستحق النشر وما لذلك من اثر سلبي على مستوى الساحة بشكل عام.
- تدخل ( المحسوبيات - المادة- المجاملة - العنصرية !) في ابراز المستشعرين .
- تقصير الشعراء الحقيقيين في التواصل مع الاعلام مما يهيئ فرصة اكبر امام المستشعرين.
- دخول منهج الحداثة الغريبة على لغتنا بمبرر ( التجديد) حتى اختلط الحابل بالنابل .
- استخدام الموضة في انتقاء المفردات وتزويق الالفاظ عند الكثير من الشعراء على حساب قوة المفردة والمعنى.
- الالقاء ودوره المهم في ابراز الشاعر : وقد يكون الشاعر جيدا لكن القاءه ضعيف مما يجعل الجمهور يصفح عن متابعته ومتابعة الشعر عموما والعكس صحيح .
- استهلاكية المعاني وتكرارها عند بعض الشعراء الحقيقيين وهذا من دواعي الملل عند الجمهور .
- التصنع في غالبية الشعر وقلة القصائد المعبرة .
هذه بعض الاسباب التي ارى انها قد تذهب بالساحة بعيداً عن ( لا يصح الا الصحيح ) الى ساحة شعر لا حلاوة فيه ولا طلاوة ، ضعيف الصنعة ، رديء الصيغة .
وقد نشر هذا المقال في صفحة (في وهجير) بجريدة اليوم :
http://www.alyaum.com/issue/article....3&I=468986&G=1
تعليق