علي بن الحمري... وأَنَفَة المتنبي
هناك شعراء كثيرون ومبدعون , ولكن هناك شعراء قلائل لهم أسلوب مميز يختمون به على قصائدهم,ومن هؤلاء الشعراء القلائل الشاعر المبدع :علي بن الحمري , الذي تميز باسلوب خاص يميزه عن غيره.
أعلم أن علي بن الحمري شاعر يغرف من بحر , ويقول الشعر على السليقة ولكني لن اتحدث عن شاعرية علي فهذا حديث يطول بل سأتحدث عن أسلوبه الذي تميز به.
عندما نسمع قصائد علي وأسلوبه الحماسي في الالقاء ...وعندما نفكر في معانيه التي يغلفها دائما الفخر بالنفس والتي تصور الأنفة,يخطر ببالنا مباشرة شاعر العربية الأول : أبو الطيب المتنبي , فشخصيتهما متقاربتان جداً,فكلاهما يحمل نفساً أبية يضيق عنها جسدها , فتراهما يشكيان من الزمان وتقلباته , ولكنهما يشكيان بصورة متعالية حتى على الزمن نفسه.
يقول المتنبي:
جمح الزمان فلا لذيذ خالص**مما يشوب ولا سرور كامل
ويقول علي:
والصحيح إن الزمان اللي غدادوبه ودوبي**قلت ودك ننهي الموضوع ونحلّه وعيّا
كان المتنبي واثقاً من نفسه معتداً بها , وقد تعدت هذه الثقة مقدرته الشعرية وأصبحت مطلقة حتى أنه قال :
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا**بأنني خير من تسعى به قدم
وتتجلى هذه الثقة المطلقة مجدداً بعد ألف عام في شاعرنا المبدع علي بن الحمري حتى قال :
قلّهم شفت البحربأصابعةوان عذربوا بي**قمت أصب البحرفي كاسي وأنادم و أتهيّأ
ومن يتتبع حياة المتنبي وأشعاره يجد أن أكبر مصيبة تواجهه هي رؤية سفيه متعاقل أو صغير متكبر...يقول :
وإني رأيت الضر أحسن منظراً** وأهون من مرأى صغير به كبر
ويقول في موضع آخر :
وما الكبر طبي فيهم غير أنني**بغيض إليّ الجاهل المتعاقل
وهي نفس المصيبة التي يشكو منها ابن الحمري يقول :
ليه تستذئب وأنت في عرقك نعاجة...........
ويقول :
سبحان من صغره في عيني بعد ماكبره ** كنّه الريال اليا صرفناه باقيته هلله
وتتجلى المصيبة بوضوح في هذا البيت :
لايتعبك برد الشتا ياعصيفير**لو منت فرسة برد فرسة نداوي
كان المتنبي مغروراً بشعره –وله الحق-وكان يرى أنه الشاعر الأول يقول عن معانيه:
أنـا الـسـابـق الـهـادي إلى ما أقوله**إذا الـقـول قـبـل القائلين مقول
ويقول:
أنام ملء جفوني عن شـــــواردها**ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
بل ويصل به الغرور أن جعل الدهر راوية لشعره:
وما الدهر إلا من رواة قـــصائـدي**إذا قلت شعر أصبح الدهر منشداً
وعلي بن الحمري مغرور بشعره –وحق له والله أن يغتر-ويرى أنه سيّد الساحة حتى أنه أفرد قصيدة كاملة لوصف شعره يقول في مطلعها :
يا زين برق الحيا لى لاح برّاقـــــه**على ديار رعدها سبق بارقها
إلى أن يقول فيها :
مانيب من يسخره لدقيّق الســـــاقه**والناس بالطيب والعليا مزارقها
سيف معي في جلال الوقت ودقاقه**أرقى على قمته واركز بيارقها
أما في الغزل فللشاعرين طريقة واحدة في مخاطبة المحبوبة,طريقة يغلب عليها الأنفة والتعالي قليلاً,ونادراً ما يظهران خضوعهما للمحبوب ..
يقول المتنبي :
ما كنت ممن يـدخـل الـعـشق قلبـه**ولـكـن مـن يـبـصـر عيـونـك يعشق ِ
ويأتي ابن الحمري بنفس النبرة فيخاطب المحبوبة:
يــا آنـسـة مـات الغـرام ودفـنـتـيه**وسنين مرّت..بس يطري علي هام
أموت وأعرف كيف رقمي ذكرتيه**ومن حفظك شعري من التام للتام
وأخيراً..هذه كلمات لا للمدح ولا للذم,فقد لفت انتباهي التشابه الكبير في شخصية الشاعرين وأسلوبهما الشعري , وما لا يعرفه الكثير أن بين الشاعرين قرابة , فهما من نفس القبيلة , فالمتنبي ينتمي لقبيلة جعفي إحدى بطون قبائل مذحج (قحطان الحالية)ولكن قبيلة جعفي هاجرت واستقرت في العراق وأرض فارس...
هناك شعراء كثيرون ومبدعون , ولكن هناك شعراء قلائل لهم أسلوب مميز يختمون به على قصائدهم,ومن هؤلاء الشعراء القلائل الشاعر المبدع :علي بن الحمري , الذي تميز باسلوب خاص يميزه عن غيره.
أعلم أن علي بن الحمري شاعر يغرف من بحر , ويقول الشعر على السليقة ولكني لن اتحدث عن شاعرية علي فهذا حديث يطول بل سأتحدث عن أسلوبه الذي تميز به.
عندما نسمع قصائد علي وأسلوبه الحماسي في الالقاء ...وعندما نفكر في معانيه التي يغلفها دائما الفخر بالنفس والتي تصور الأنفة,يخطر ببالنا مباشرة شاعر العربية الأول : أبو الطيب المتنبي , فشخصيتهما متقاربتان جداً,فكلاهما يحمل نفساً أبية يضيق عنها جسدها , فتراهما يشكيان من الزمان وتقلباته , ولكنهما يشكيان بصورة متعالية حتى على الزمن نفسه.
يقول المتنبي:
جمح الزمان فلا لذيذ خالص**مما يشوب ولا سرور كامل
ويقول علي:
والصحيح إن الزمان اللي غدادوبه ودوبي**قلت ودك ننهي الموضوع ونحلّه وعيّا
كان المتنبي واثقاً من نفسه معتداً بها , وقد تعدت هذه الثقة مقدرته الشعرية وأصبحت مطلقة حتى أنه قال :
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا**بأنني خير من تسعى به قدم
وتتجلى هذه الثقة المطلقة مجدداً بعد ألف عام في شاعرنا المبدع علي بن الحمري حتى قال :
قلّهم شفت البحربأصابعةوان عذربوا بي**قمت أصب البحرفي كاسي وأنادم و أتهيّأ
ومن يتتبع حياة المتنبي وأشعاره يجد أن أكبر مصيبة تواجهه هي رؤية سفيه متعاقل أو صغير متكبر...يقول :
وإني رأيت الضر أحسن منظراً** وأهون من مرأى صغير به كبر
ويقول في موضع آخر :
وما الكبر طبي فيهم غير أنني**بغيض إليّ الجاهل المتعاقل
وهي نفس المصيبة التي يشكو منها ابن الحمري يقول :
ليه تستذئب وأنت في عرقك نعاجة...........
ويقول :
سبحان من صغره في عيني بعد ماكبره ** كنّه الريال اليا صرفناه باقيته هلله
وتتجلى المصيبة بوضوح في هذا البيت :
لايتعبك برد الشتا ياعصيفير**لو منت فرسة برد فرسة نداوي
كان المتنبي مغروراً بشعره –وله الحق-وكان يرى أنه الشاعر الأول يقول عن معانيه:
أنـا الـسـابـق الـهـادي إلى ما أقوله**إذا الـقـول قـبـل القائلين مقول
ويقول:
أنام ملء جفوني عن شـــــواردها**ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
بل ويصل به الغرور أن جعل الدهر راوية لشعره:
وما الدهر إلا من رواة قـــصائـدي**إذا قلت شعر أصبح الدهر منشداً
وعلي بن الحمري مغرور بشعره –وحق له والله أن يغتر-ويرى أنه سيّد الساحة حتى أنه أفرد قصيدة كاملة لوصف شعره يقول في مطلعها :
يا زين برق الحيا لى لاح برّاقـــــه**على ديار رعدها سبق بارقها
إلى أن يقول فيها :
مانيب من يسخره لدقيّق الســـــاقه**والناس بالطيب والعليا مزارقها
سيف معي في جلال الوقت ودقاقه**أرقى على قمته واركز بيارقها
أما في الغزل فللشاعرين طريقة واحدة في مخاطبة المحبوبة,طريقة يغلب عليها الأنفة والتعالي قليلاً,ونادراً ما يظهران خضوعهما للمحبوب ..
يقول المتنبي :
ما كنت ممن يـدخـل الـعـشق قلبـه**ولـكـن مـن يـبـصـر عيـونـك يعشق ِ
ويأتي ابن الحمري بنفس النبرة فيخاطب المحبوبة:
يــا آنـسـة مـات الغـرام ودفـنـتـيه**وسنين مرّت..بس يطري علي هام
أموت وأعرف كيف رقمي ذكرتيه**ومن حفظك شعري من التام للتام
وأخيراً..هذه كلمات لا للمدح ولا للذم,فقد لفت انتباهي التشابه الكبير في شخصية الشاعرين وأسلوبهما الشعري , وما لا يعرفه الكثير أن بين الشاعرين قرابة , فهما من نفس القبيلة , فالمتنبي ينتمي لقبيلة جعفي إحدى بطون قبائل مذحج (قحطان الحالية)ولكن قبيلة جعفي هاجرت واستقرت في العراق وأرض فارس...
تعليق