أما آن لهذه الأقلام أن تُكْسَر
الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، أحمده تعالى وأشكره على ما يسر وأنعم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الفضل والنعم، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وألزم. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله غفر الله له ما تأخر من ذنبه وما تقدم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سبيله بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالمتأمل في آيات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى _عليه الصلاة والسلام_ يلحظ اهتماماً بالغاً بمسؤولية الكلمة وأمانة قولها، فالرقابة دقيقة "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" (قّ:18)، والمسؤولية شاملة كاملة "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" (الإسراء: من الآية36).
إن الراصد لواقعنا اليوم يرى بوضوح فشو القلم والكتابة فالعصر عصر إعلام، والدولة لأهل الكلام والأقلام، لذا وجهت الدول القوية أموالها وعتادها لبسط سيطرتها على وسائل إعلام غيرها لينشر ما تريد ويبث ما يفيدها ويعزز مكانتها، فكان من وسائلهم في ذلك استئجار أصحاب الأقلام من مرتزقة الإعلام.
وإن المتابع للشأن الصحفي يفجأه هذا التناقض المريع بين صحافة بلادنا وأساس الشرعية الذي قامت عليه الدولة، فالفكر الأساسي الذي قامت عليه الدولة هو الفكر الإسلامي القائم على الكتاب والسنة، وهذا ما يردده حكامها – حفظهم الله – في كل مناسبة، وهو ما يعرفه من درس نشأة الدولة وأساس الشرعية فيها.
فهذه الدولة لم تقم على سواعد العلمانيين، ولم يتوحّد على أساس ليبرالي منافٍ لكمال هذا الدين وشموله ولا يشكل هؤلاء أغلبية في بلادنا بل هم أقلية محدودة تريد أن تنقل الناس إلى وضع معين مخالف لحقيقة الإسلام وروحه، تريد بذلك نسخ القيم الغربية بما تحمله من ضياع وتشتت وهدم للقيم الإسلامية ومحاربة للشعائر الدينية، ومن ثم إلصاقها في واقعنا الإسلامي وإحلالها محل قيمنا وثوابتنا، والهجمات الأخيرة والشرسة تبين مدى ولاء هؤلاء القوم للغرب ومدى تبعيتهم له، وسيكون أمثال هؤلاء المستغربين عبرة في التاريخ – بإذن الله – كما كان أسلافهم.
إن من المؤسف أن كثيراً من الكتَبَة والمحاورين يطلقون الكلمات والمقالات لا يُلقون لها بالاً، لا يراجعون ولا يتراجعون، إنك لتعجَب أن تكون لغة بعض هؤلاء – أذيال الغرب وأتباعه – أشدّ تحاملاً على أهلهم وأمّتهم ودينهم من غلاة الصهاينة وأشياعهم، في لهجة مقبوحة ولفظ كريه، فيترك أحدهم أهل الأوثان والشرك والإباحية والكفر، ويُعمِل قلمه ولسانه في المسلمين! بل أمعنوا في تسديد سهام أقلامهم ضد مفاتيح الخير والعطاء والبناء من العلماء بل من أعضاء هيئة كبار العلماء ومن القضاة بل ومن سماحة رئيسهم ومن طلاب العلم والدعاة ورجال الحسبة والعاملين في المؤسسات الخيرية والإغاثية "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" (البروج:8)، بل قد يكون تربّصهم بالدين وأهله أوغل في التهمة وأكثر في الإلحاح، يتخذون من الأحداث والأزمات ميداناً للمزايدات وحرباً على المواقف وإمعاناً في التضليل، لا تجرؤ على المكاشفة في الحق.
حقاً إنها أقلام جائرة، وألسنة كاذبة، ومقالات خاطئة.
حقاً إنها أقلام أصحاب القلوب المريضة، والضمائر المستأجرة، والأفكار العفنة.
وثمة صنف من الكتّاب الأقزام تطاولوا ظلماً وعدواناً، وافتروا زوراً وبهتاناً أصبح هم أحدهم العلو والشهرة، ولو على طريقة الأعرابي الذي لطخ الكعبة – شرفها الله – بالقاذورات قائلاً: (أحببت أن أذكر ولو باللعنة) فتجد أحدهم يسطر بقلمه ما يخالف الفطر السليمة، ناقداً العلماء والمجالات الخيرية، ويظن بذلك أنه أصبح ذائع الصيت، مستطير الشهرة.
وفي الختام: فإن تلك الأقلام سواء المستأجرة أو المتطاولة تهمش قضايا البلد المهمة وتجعل من القضايا الجانبية بل والضارة في كثير من الأحيان أموراً مهمة لا لشيء إلا لأنها تخدم أفكارهم الخاصة ويزعمون الإصلاح، وهؤلاء ينطبق عليهم قول الله _تعالى_: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ" (البقرة:11، 12).
إن هذه الأقلام إنْ لم توقف ويؤخذ على يد أربابها، وتنقى الساحة الإعلامية من الدخلاء الجبناء فإن شرها عظيم، والفتنة أكبر من القتل ونخشى من الله أن يستدرجنا ثم يأخذنا أخذ عزيز مقتدر.
القاضى بالمدينه النبويه/ خالد المطلق
الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، أحمده تعالى وأشكره على ما يسر وأنعم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الفضل والنعم، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وألزم. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله غفر الله له ما تأخر من ذنبه وما تقدم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سبيله بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالمتأمل في آيات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى _عليه الصلاة والسلام_ يلحظ اهتماماً بالغاً بمسؤولية الكلمة وأمانة قولها، فالرقابة دقيقة "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" (قّ:18)، والمسؤولية شاملة كاملة "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" (الإسراء: من الآية36).
إن الراصد لواقعنا اليوم يرى بوضوح فشو القلم والكتابة فالعصر عصر إعلام، والدولة لأهل الكلام والأقلام، لذا وجهت الدول القوية أموالها وعتادها لبسط سيطرتها على وسائل إعلام غيرها لينشر ما تريد ويبث ما يفيدها ويعزز مكانتها، فكان من وسائلهم في ذلك استئجار أصحاب الأقلام من مرتزقة الإعلام.
وإن المتابع للشأن الصحفي يفجأه هذا التناقض المريع بين صحافة بلادنا وأساس الشرعية الذي قامت عليه الدولة، فالفكر الأساسي الذي قامت عليه الدولة هو الفكر الإسلامي القائم على الكتاب والسنة، وهذا ما يردده حكامها – حفظهم الله – في كل مناسبة، وهو ما يعرفه من درس نشأة الدولة وأساس الشرعية فيها.
فهذه الدولة لم تقم على سواعد العلمانيين، ولم يتوحّد على أساس ليبرالي منافٍ لكمال هذا الدين وشموله ولا يشكل هؤلاء أغلبية في بلادنا بل هم أقلية محدودة تريد أن تنقل الناس إلى وضع معين مخالف لحقيقة الإسلام وروحه، تريد بذلك نسخ القيم الغربية بما تحمله من ضياع وتشتت وهدم للقيم الإسلامية ومحاربة للشعائر الدينية، ومن ثم إلصاقها في واقعنا الإسلامي وإحلالها محل قيمنا وثوابتنا، والهجمات الأخيرة والشرسة تبين مدى ولاء هؤلاء القوم للغرب ومدى تبعيتهم له، وسيكون أمثال هؤلاء المستغربين عبرة في التاريخ – بإذن الله – كما كان أسلافهم.
إن من المؤسف أن كثيراً من الكتَبَة والمحاورين يطلقون الكلمات والمقالات لا يُلقون لها بالاً، لا يراجعون ولا يتراجعون، إنك لتعجَب أن تكون لغة بعض هؤلاء – أذيال الغرب وأتباعه – أشدّ تحاملاً على أهلهم وأمّتهم ودينهم من غلاة الصهاينة وأشياعهم، في لهجة مقبوحة ولفظ كريه، فيترك أحدهم أهل الأوثان والشرك والإباحية والكفر، ويُعمِل قلمه ولسانه في المسلمين! بل أمعنوا في تسديد سهام أقلامهم ضد مفاتيح الخير والعطاء والبناء من العلماء بل من أعضاء هيئة كبار العلماء ومن القضاة بل ومن سماحة رئيسهم ومن طلاب العلم والدعاة ورجال الحسبة والعاملين في المؤسسات الخيرية والإغاثية "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" (البروج:8)، بل قد يكون تربّصهم بالدين وأهله أوغل في التهمة وأكثر في الإلحاح، يتخذون من الأحداث والأزمات ميداناً للمزايدات وحرباً على المواقف وإمعاناً في التضليل، لا تجرؤ على المكاشفة في الحق.
حقاً إنها أقلام جائرة، وألسنة كاذبة، ومقالات خاطئة.
حقاً إنها أقلام أصحاب القلوب المريضة، والضمائر المستأجرة، والأفكار العفنة.
وثمة صنف من الكتّاب الأقزام تطاولوا ظلماً وعدواناً، وافتروا زوراً وبهتاناً أصبح هم أحدهم العلو والشهرة، ولو على طريقة الأعرابي الذي لطخ الكعبة – شرفها الله – بالقاذورات قائلاً: (أحببت أن أذكر ولو باللعنة) فتجد أحدهم يسطر بقلمه ما يخالف الفطر السليمة، ناقداً العلماء والمجالات الخيرية، ويظن بذلك أنه أصبح ذائع الصيت، مستطير الشهرة.
وفي الختام: فإن تلك الأقلام سواء المستأجرة أو المتطاولة تهمش قضايا البلد المهمة وتجعل من القضايا الجانبية بل والضارة في كثير من الأحيان أموراً مهمة لا لشيء إلا لأنها تخدم أفكارهم الخاصة ويزعمون الإصلاح، وهؤلاء ينطبق عليهم قول الله _تعالى_: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ" (البقرة:11، 12).
إن هذه الأقلام إنْ لم توقف ويؤخذ على يد أربابها، وتنقى الساحة الإعلامية من الدخلاء الجبناء فإن شرها عظيم، والفتنة أكبر من القتل ونخشى من الله أن يستدرجنا ثم يأخذنا أخذ عزيز مقتدر.
القاضى بالمدينه النبويه/ خالد المطلق
تعليق