[ALIGN=CENTER]
شاعرة أكثرت من الطرق على بوابة الابداع .... فابدعت .. (نص للتأمل)
الشاعرة قهر يزيد ... كان لها غياب عن الساحة مؤقت عادت بعده بالغنايم ... وهي ابيات نشرت مؤخرا .. احببت ان استعرضها لكم .. مرفقا بكل بيت ٍ منها .. تعليقات عسى ان تكون موفقة .. خطأ وصواب التعليق وارد لكن ما نتفق عليه ان ابيات قهر يزيد مختصرة مركزة وجميلة.
تملك قهر يزيد اسم جميل في دنيا الشعر .. وكنت لم اقرأ لها منذ مدة ... هذا النص لها مختلف ... ماتع .. وفيه نمط اتبعته كثيرا وربما يمثل شخصيتها الشعرية فيه التلاعب بالمفردات برقة وتضمين ونزو ثقافة اندلسية فارهة بين ثنايا تعابيرها الرائعة .....
جا يودعني مَني قد الوداع
هو بقى بي حيل حتى اجمعه
استهلال لموضوع الابيات ومحرضها وهو وقوف الوداع ... مرارته ... تأثيره ... وانتزاعه للشعر من بقايا جسد معدم وروح منهكه ... من الابيات نستطيع ان نستشف ان الشاعرة لم يكن الوداع اول مآسيها بل ان لها (حيل) منهك قد عانى طويلا ليأتي الوداع بآخرة ويلجم رمقه الأخير ... لذلك وقعه اكبر .. وتأثيره اجل ..
شب في روحي جنون وإندفاع
ومدت عروقي يديها تمنعه
جنون بالتنوين ... واندفاع متلهف لمعرفة ان كان أمر الوداع صحيحا مؤكدا ... حتى ان عروق جسد الشاعرة استصرخت ما حولها لتكذيب ما يحصل ... واليدين للعروق مجاز لوصف الحاله ... شبوب الروح وجنونها ... والاندفاع ومدة العروق لايديها .. كلها مظاهر لهول الصدمة بتحقق الوداع ...
قال :احبك ، وابتدا الغيم اجتماع
قلت:احبك ، والمطر في اضلعه
قال : احبك ... هنا عملت هذه الكلمة عمل السياط الهابا للروح ... وكيف يكون وداع من نحب؟ سيكون قاسيا لابد ... لولا الحب لما كان للوداع اثر يذكر او لكان اثره محدودا ... ولكن مع الحب ... الأمر مختلف !... كلمة احبك كان لها فعل السحر لمزيد من القسوة على المفارق لحبيبه .... الرد كان من جنس العمل بتكرار كلمة : احبك من جانب الشاعرة .... المطر يرمز لمزيد من الحب والارتواء المأمول .. والتأكيد هنا انه في اضلعه كناية عن مبادلة الشعور بين المحبين التي تستوجب تشبث كل منهما بالأخر مما يضفي على الداع زخما أليما ...
ترشف عيونه دموعي بالتياع
وتعطش عيوني وتشرب أدمعه
هنا ... معنى حداثي وفيه سريالية لاتخفي .. من المؤكد ان له مؤيدين و معارضين ... صورة ظاهرها ان العيون ترتشف دموع من احب لحظة فراقه كناية عن شدة التعلق والتدقيق بالنظر في عيون حبيب ٍ باك ِ. عجز البيت هو نفس الصورة تحدث للشاعرة لكن بزيادة انها تكون عطشى من التعلق والوله .. الصورة هنا توضح تعلق عيون المحبين ببعضها برباط الدموع وخوف الفراق ... انا هنا ارى لوحة لسلفادور دالي زعيم السرياليين وهنا يمكن الجزم بجمال القليل من السريالية بين ثنايا المنهج الجديد في الشعر .. هنا اكتساح لاي معنى تقليدي عفا عليه الزمن ... السريالية مثل الملح في الطعام الكثير منها ربما اتى بالضرر .. وهو ماتم تفاديه هنا ..
يوم قفا وانطفى ذاك الشعاع
طار قلبي من ضلوعي يتبعه
البيت لايحتاج لتفسير ... التشبيه هنا للحبيب بالشعاع لايخفى معناه ... وكيف يكون حا ل من انطفأ شعاع دنياه فلا يكاد يرى ما حوله ... يقال : الحبيب نور العيون .. والعين لاترى من دون النور .. ظاهره فيزيائية بها ربط عاطفي جميل ... وهي ليست صورة جديدة ولكن محدثه ... العجز معناه واضح .. وضوح الشمس .. فالقلب يتجه لم يحب ... تمام له بوصلة لاتخطئ ..
قلبي اللي كلما يلقاه ضاع
كلما يغفي بحضنه روّعه
صورتان جميلتان ... الاولى تصور شدة التعلق حتى ان اللقاء يجعل المحب يتيه في عالم آخر شبهته الشاعرة بالضياع هنا ... ربما الضياع عن العالم المحسوس لفضاءات ارحب ... الصورة الاخرى تمثل القلق الذي ينتاب الشاعرة (المحبه) جراء تقلب مشاعر الحبيب بقصد او عن غير قصد ... الغفو يمثل الهناء بالوصل ... اما البعد والفراق الذي بشر به اول الابيات فهو المقلق ... كان هذه الحدس والترويع ملازما للشاعرة .... وقد صدق حدسها بحصول الوداع .. ايماءة جميلة قل من يفطن لها .. وربما اتت عفوية من الشاعرة ..
وين أوجّه ؟ كل وجهاتي ضياع
كل احاسيسي توجّهني معه
هنا عودة الشاعرة لنفسها بعد الجزم بان الامور تسير في سبيل ما بشر به قلقها من قبل ... تساؤل عن القادم ... عن المجهول ... تتخيل نفسها من دونه ... لاتجد اي وجهة اخرى لذلك تقمصت الضياع واعتمرت مشاعرة ... الضياع لاياتي من قلة المناهج لكن من عدم توائم احاسيسها مع اي من هذه المناهج ... فاحاسيسها .. مشاعرها لاتتوائم الا مع طريق يؤدي اليه ... هو فقط ... المدى غير مقفل ... مخنوق كما في البيت التالي
المدى مخنوق والارض الوساع
ضاقت وحزني مَعادت توسعه
المدى مخنوق كناية عن اقفال الدروب ... مالذي يمنع النظر من الأمتداد بعيدا ؟ لانه لايريد الا دربا واحدا قد اقفل .. بالوداع والفراق ... لايفتح الا بعودة الحبيب وعودة الشعاع الباعث على النظر ... الارض الوساع ضاقت ... تعبيرا عن ضيق المدى في كل اتجاه وليس اتجاه واحد ... اضافة هنا بان الارض رغم سعتها ضاقت بالحزن الكبير كما ضاقت بقلة الدروب واختنق مداها ..
والمسافر من عمر ذاك الوداع
(ودّع الصبرَ محبٌ ودعه )
الشطر الاول ... معناه فيه غموض ... ومعناه الظاهر شدة تاثير الوداع .. والباطن ربما تشرحه الشاعرة لنا ان مرت من هنا ... العجز فيه ايماءة جميلة وتضمين او تدبيج كما قد علقت الاخت سحايب فيصل من قبل عالى موضوع مشابه ... وهو شطر لبيت شعر اندلسي جميل ... وفيه تقفيلة جميلة للابيات الرائعة ... العذر منكم ان لم اكن قد الممت بجوانب جمال هذه الابيات .. لكن التمعن يكشف المزيد من جماليات الابيات ...
للالتقاء بكم في استعراض لابيات اخرى بهجة من الروح لها مكان .. لكم كل الود
داهم العصيمي
[/ALIGN]
تعليق