بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو الشعر الحقيقي؟
أقول مستعيناً بالله : إن الشعر الحقيقي (المفيد) هو الشعر الذي يتفاعل معه المجتمع ويحفظه وهو الذي يغير مسار الفرد إلى الطريق الصحيح إقناعاً له بخطأ ما هو عليه أو استثارةً لعواطفه وفطرته السليمة وهو أيضاً الشعر الذي يحفظه الناس ويرددونه ويتفاعلون معه سواءاً كان غزلاً أو وصفاً أو أي غرض من أعراض الشعر وحتى لو لم يكن مفيداً وبه مخالفات وغلو وبعد عن الحقيقة وظلم لأشخاص ولكنه يجتمع مع الشعر الحقيقي المفيد في جزالة اللفظ وقوة الترابط والتركيب وحسن التصوير والتشبيه فالناس تعجب به فنياً دون محتوى القصيدة وأنا هنا أتكلم عن الشعر عموماً الفصيح منه والعامي والشعر الذي ذكرته له نماذج كثيرة سأذكر بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر :
1- عودة معاوية رضي الله عنه لميدان القتال لمواجهة علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيام الفتنة بعد أن تراجع إلى آخر المعسكر يقول معاوية رضي الله عنه والله ما أعادتني إلا أبيات ابن الأطنابه التي يقول فيها:
أبت لي عفتي وأبى حيائــــي ،،،،،،،،، واخذي المال بالثمن الربيحي
وإكراهي على المكروه نفسي ،،،،،،،،، وضربي هامة البطل المشيحي
وقولي كلما جشأت وجاشـت ،،،،،،،، مكانك تحمدي أو تستريحـي
2- المتنبي قتله بيت من الشعر وهو قوله:
الخيل والليل والبيداء تعرفني ،،،،،،،،، والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فقد عاد لمقابلة أعدائه بعد هروبه بعد أن ذكره من كان معه بهذا البيت فعاد وقُتل0
3- عبدالله البردوني شاعر اليمن الكبير ( علماً أننا لا نوافقه على منهجه وفكره البعثي الضال ) بقصيده واحدة فل اجتماع الأدباء العرب في المربد بعد نكسة 1967م وكانوا مجتمعين لوأد المنهج الأصيل للقصيدة العربية فالقى قصيدته المذكورة فانفض الاجتماع بملء إرادة الأدباء إجلالاً لهذه القصيدة وتراجعاً عن رأيهم الثائر ضد النهج القديم للقصيدة وقولهم انه لم يعد باستطاعة الشاعر أو المتلقي إتقانه أو فهمه ومما قاله البردوني من بعض ابيات القصيدة يتكلم عن الهزيمة في 67م:
وحجبت شهب الميراج أنجمنـا ،،،،،،،،،،، وشمسنا وتحدت نارها الخطبُ
نُكراً وشجباً وتنديـدا بغارتهـا ،،،،،،،،،،، الله كم نددوا يوما وكم شجبـوا
قالوا هم البشر الأعلى وما أكلوا ،،،،،،،،،،، يوماً كما أكل الإنسان أو شربوا
لهم شموخ المثنى ظاهراً ولهـم ،،،،،،،،،،، هوىً إلى بابك الخرمـي ينتسبوا
4- وهذا محمد إقبال شاعر الباكستان العظيم واستشهادي به استطراداً وألا فهو لم يخاطب الباكستانين بالشعر العربي وانما بلغتهم ولكن كان لشعر هذا الرجل اكبر الأثر في تأجيج شعور الشعب والهاب مشاعره حتى ثاروا لتأسيس دولة الباكستان وقد تأسست وهذا هو الشعر الحقيقي الذي يتفاعل معه الناس عموماً0
ومن الشواهد على ذلك من الشعر العامي:
1- قصائد زوجة ابن عروج شيخ بني لام في زوجها الثاني بعد وفاة أخيه ولم يكن كأخيه في الشجاعة والإقدام فنظمت في أمره عدداً من القصائد حتى أثارته فسلك مسلك أخيه لأنه من بيت شجاعة أصلا وانما كانت الشجاعة كامنة استثارتها الزوجة بشعرها ومن ضمن أبياتها :
أخذت أخوه أبي عوض ذاك من ذاه ،،،،،،،،،، البيت واحد من رفاع الحمايــل
الزول زولــه والحلايا حلايـاه ،،،،،،،،،، والفعل ما هو فعل وافي الخصايل
2- قصيدة مشعان بن هذال من شيوخ عنزه عندما أغرت الدولة العثمانية قبيلة عنزه بالهجرة من مساكنها إلى أطراف العراق والشام وذلك لأهداف سياسية وفعلاً بدأت قبائل عنزة بالهجرة فارسل لهم الشيخ مشعان قصيدة مع مندوب له وكانت السبب في عدولهم عن هذا الأمر والقصيدة مشهورة منها هذه الأبيات:
المرجله حبله طويل وممـدود ،،،،،،،،، يا كود من تقصر عن الما حباله
واللي يريد الجود ماهو بمردود ،،،،،،،،، كم واحدٍ اهفى مقامه فعالـــــــــه
3- وهناك موقفان أنا شخصياً اطلعت عليهما أما أحدهما ففي مناسبة ضمت شيوخ وأفراد وشعراء من عدة قبائل وعندما ألقى بعض الشعراء قصائد تمجد قبائلهم التي تستحق المدح والثناء تأثر أكثر الحضور بل أن بعضهم لم يستطع حبس دمعته من شدة التأثر بسبب قوة القصيدة علماً أن غير هؤلاء الشعراء ألقى قصائد مماثلة وقصائدهم جيده وفي نفس موضوع قصيدة الشعراء الذين تأثر منهم الحضور ولكنها لم تحرك فيهم ساكناً ولكن كما قيل:
الشعراء فاعلمنّ أربعــــــه ،،،،،،،،،، فشاعرٌ يجري ولا يُجري معه
وشاعرٌ من حقه أن تسمعه ،،،،،،،،،، وشاعرٌ يخوض وسط المعمعه
(وشاعرٌ لا تستحي أن تصفعه)
4- كنا في مناسبة ضمت مجموعة من الاخوة الشعراء وغير الشعراء من متذوقي الشعر والقى الشاعر فلاح القراقاح قصيدة مرثية تأثر منها جميع الحضور بل أن أحد الاخوة الشعراء قابلته بعد عدة أيام وما زال متأثراً
تأثراً شديداً من القصيدة وهو لا يعرف المتوفى رحمه الله ولكن قوة القصيدة وصدق العاطفة جعلها ترسخ في مخيلته وحفظ بعض أبياتها وهو لم يسمعها إلا مرة واحدة؟
وإنني أتتساءل ما الذي يجعل هذا الشعر يسكن عقول وقلوب الناس ويؤثر فيها هذا التأثير وتتفاعل معه هذا التفاعل؟
إنها جزالة الألفاظ وترابطها وقوة التركيب وسمو المعاني وصدق العاطفة وأنا اعلم أنه ليس كل الشعر القوي على هذا النمط الإيجابي الحسن فيوجد من الشعراء من ينظم كفريات والعياذ بالله ولكنها تكون من الناحية الفنية قوية ويتكلم فيها النقاد من ناحية موضوعها فقط ومنهم من يهجو من لا يستحق الهجاء وترى قصيدته قد حفظها الناس والسبب في ذلك هو توفر عناصر القوة في القصيدة والبعد عن التكلف والتصنع ولكن هل هذا الشعر موجود الآن أم لا؟
بالنسبة لي أرى أن هذا الشعر موجود ولكن لا نسمعه إلا في المجالس والاجتماعات الخاصة أو المناسبات والاجتماعات الكبيرة التي يحضرها علية القوم من مسئولين ووجهاء وشعراء فحول ومتذوقين يفرقون بين الغث والسمين وكذلك في المنتديات يعد رواجها من بعض الشعراء إما من قصيدهم أو روايتهم لقصائد غيرهم، وهذا الشعر نسمعه من شعراء ليس لهم ظهور أعلامي إما زهداً منهم في الإعلام المقروء نظراً لما يرون من حاله التي لا تسر أو تجاهلاً منه لهم لأن شعرهم لا يتوافق مع ما ترغبه أهواء اغلب القائمين عليه وهناك شعراء معروفون إعلاميا ولكن لا تسمع منهم هذا القصيد الراقي إلا في هذه المجالس والاجتماعات وإذا سألتهم عن السبب في عدم نشرها في وسائل الأعلام التي لا تفتأ تنشر لهم أردى قصائدهم المليئة بالمفردات الميتة التي يجبر قائلها الواحدة منها على أن تلي ضرتها بدون توافق أو تناسب بينهما كان الجواب تلبيةً لرغبات الجمهور وهذا هو جواب اغلب القائمين على اغلب المجلات والصفحات الشعرية وقد قاله رئيس تحرير مجلة من اكبر المجلات التي تهتم بالشعر ولا أود التصريح باسمه هنا0
والسؤال هل تم عمل استفتاء عام وتم الخروج بهذه النتيجة؟
وإذا تم عمل هذا الاستفتاء فما هي شرائح المجتمع التي تم استفتاءها؟
وهل غير هؤلاء ليسوا من أفراد المجتمع؟
إن اغلب الذين ينظمون هذا الشعر (الذي يجعل للشمس أرصفة) هم إما الذين لم يعرفوا الشعر إلا عن طريق المجلات والصفحات الشعبية فساروا على نهج من سبقهم بدون وعي أو تدقيق وإنما رغبة في الشهرة ورؤية قصيدته واسمه كل أسبوع في المجلة أو الصفحة الشعرية في الجريدة أو ممن يبحثون عن الشهرة والانتشار عن طريق متابعة القائمين على الوسيلة الإعلامية في رغباتهم مع قدرتهم على كتابة الجيد من الشعر أو ممن تولوا كبر هذا الأمر وهؤلاء ليس بمستغرب عليهم وأخشى أن يكونوا هم جماهير أنفسهم إضافةً للمراهقين والمراهقات ، ولكن لماذا لا يلقي هؤلاء هذه القصائد في المناسبات التي يحضرها علية القوم ووجهاءه أو في المناسبات التي يحضرها متذوقي الشعر وفحول الشعراء هل هو عدم اقتناع بها أم حياءاً منها أم أن كل هؤلاء عقولهم وافهامهم قاصرة ومتهمة بعدم سبر أغوار نص هذا الشاعر أو ذاك منهم؟ ولقد حضرت قبل اشهر مناسبة كبيرة حضرها ثلة من الشعراء المبدعين الذين أمتعونا بقصائدهم وتفاعل الجمهور معها كثيراً وطُلب فيها من أحد الشعراء سالفي الذكر قصيدة فتهرب تهرباً واضحاً ولم يلق أي قصيدة له لأنه يعرف أن هذا السوق ليس من الأسواق التي تروج فيها بضاعته وإلا فان الشعر الجيد يفرض نفسه0
هم يرددون دائماً مقولة نحن لا نعيش في عصر آباءنا وأجدادنا وأن المفردات تغيرت وأنا أقول نعم هذا الكلام فيه بعض الصحة ولكننا لا نتكلم بلغة لا تمت للغة الأباء والأجداد بصلة فاللغة ما زالت هي نفس اللغة فالجار مازال اسمه جار والضيف مازال اسمه الضيف والناقة مازالت أسمها الناقة والبئر والخطام 00الخ مازالت مسمياتها نفسها لم تتغير ومازال بعض الناس يعايشها واقعاً يومياً في حياته فلماذا ينكر على من يستخدمها استخدامها أليست من واقعه الذي يعيشه أليس هناك أناس كثيرون جداً يستمتعون بهذا الشعر ويطربون له أم هي الرغبة في التدمير لا التطوير علماً أن التحديث مطلوب وكل شي لا بد من تطويره فالجمود قاتل ولكن بدون التخلي عن الأصالة والعمق وإعلان الحرب على كل ما هو قديم وقد وفق الكثيرمن الشعراء في الجمع بين تحديث المفردة والاصالة 0
نعم نحن ننتقد من يرسل مندوباً على ذلول في هذا العصر لأنه ليس وسيلة من وسائل مواصلاته علماً أن ذلك ليس ممتنع عقلاً ولا شرعاً ولكن هو غلو وبعد عن الواقع وعلى ذلك قس0
يا تُرى هل لقصائد هذه الفئة التي تحارب الشعر الأصيل أي دور في استثارة عاطفة وحمية العقلاء؟ لا أعتقد ذلك إطلاقا فهو كلام ممجوج لا طعم له ولا لون وانما هو قافية ووزن فقط:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه ،،،،،،،،،،، فليس حريٌ أن يقال له شعر
والخاتمة أقول مقتنعاً بما أقول أن اعظم سبب في تردي حال الشعر المعروض اليوم هو اغلب وسائل الأعلام المقروءة والقائمين عليها إما لأهداف في أنفسهم أو بسبب عدم معرفتهم بجيد الشعر من رديئه وعذراً على الإطالة0
والله من وراء القصد0
ما هو الشعر الحقيقي؟
أقول مستعيناً بالله : إن الشعر الحقيقي (المفيد) هو الشعر الذي يتفاعل معه المجتمع ويحفظه وهو الذي يغير مسار الفرد إلى الطريق الصحيح إقناعاً له بخطأ ما هو عليه أو استثارةً لعواطفه وفطرته السليمة وهو أيضاً الشعر الذي يحفظه الناس ويرددونه ويتفاعلون معه سواءاً كان غزلاً أو وصفاً أو أي غرض من أعراض الشعر وحتى لو لم يكن مفيداً وبه مخالفات وغلو وبعد عن الحقيقة وظلم لأشخاص ولكنه يجتمع مع الشعر الحقيقي المفيد في جزالة اللفظ وقوة الترابط والتركيب وحسن التصوير والتشبيه فالناس تعجب به فنياً دون محتوى القصيدة وأنا هنا أتكلم عن الشعر عموماً الفصيح منه والعامي والشعر الذي ذكرته له نماذج كثيرة سأذكر بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر :
1- عودة معاوية رضي الله عنه لميدان القتال لمواجهة علي بن أبي طالب رضي الله عنه أيام الفتنة بعد أن تراجع إلى آخر المعسكر يقول معاوية رضي الله عنه والله ما أعادتني إلا أبيات ابن الأطنابه التي يقول فيها:
أبت لي عفتي وأبى حيائــــي ،،،،،،،،، واخذي المال بالثمن الربيحي
وإكراهي على المكروه نفسي ،،،،،،،،، وضربي هامة البطل المشيحي
وقولي كلما جشأت وجاشـت ،،،،،،،، مكانك تحمدي أو تستريحـي
2- المتنبي قتله بيت من الشعر وهو قوله:
الخيل والليل والبيداء تعرفني ،،،،،،،،، والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فقد عاد لمقابلة أعدائه بعد هروبه بعد أن ذكره من كان معه بهذا البيت فعاد وقُتل0
3- عبدالله البردوني شاعر اليمن الكبير ( علماً أننا لا نوافقه على منهجه وفكره البعثي الضال ) بقصيده واحدة فل اجتماع الأدباء العرب في المربد بعد نكسة 1967م وكانوا مجتمعين لوأد المنهج الأصيل للقصيدة العربية فالقى قصيدته المذكورة فانفض الاجتماع بملء إرادة الأدباء إجلالاً لهذه القصيدة وتراجعاً عن رأيهم الثائر ضد النهج القديم للقصيدة وقولهم انه لم يعد باستطاعة الشاعر أو المتلقي إتقانه أو فهمه ومما قاله البردوني من بعض ابيات القصيدة يتكلم عن الهزيمة في 67م:
وحجبت شهب الميراج أنجمنـا ،،،،،،،،،،، وشمسنا وتحدت نارها الخطبُ
نُكراً وشجباً وتنديـدا بغارتهـا ،،،،،،،،،،، الله كم نددوا يوما وكم شجبـوا
قالوا هم البشر الأعلى وما أكلوا ،،،،،،،،،،، يوماً كما أكل الإنسان أو شربوا
لهم شموخ المثنى ظاهراً ولهـم ،،،،،،،،،،، هوىً إلى بابك الخرمـي ينتسبوا
4- وهذا محمد إقبال شاعر الباكستان العظيم واستشهادي به استطراداً وألا فهو لم يخاطب الباكستانين بالشعر العربي وانما بلغتهم ولكن كان لشعر هذا الرجل اكبر الأثر في تأجيج شعور الشعب والهاب مشاعره حتى ثاروا لتأسيس دولة الباكستان وقد تأسست وهذا هو الشعر الحقيقي الذي يتفاعل معه الناس عموماً0
ومن الشواهد على ذلك من الشعر العامي:
1- قصائد زوجة ابن عروج شيخ بني لام في زوجها الثاني بعد وفاة أخيه ولم يكن كأخيه في الشجاعة والإقدام فنظمت في أمره عدداً من القصائد حتى أثارته فسلك مسلك أخيه لأنه من بيت شجاعة أصلا وانما كانت الشجاعة كامنة استثارتها الزوجة بشعرها ومن ضمن أبياتها :
أخذت أخوه أبي عوض ذاك من ذاه ،،،،،،،،،، البيت واحد من رفاع الحمايــل
الزول زولــه والحلايا حلايـاه ،،،،،،،،،، والفعل ما هو فعل وافي الخصايل
2- قصيدة مشعان بن هذال من شيوخ عنزه عندما أغرت الدولة العثمانية قبيلة عنزه بالهجرة من مساكنها إلى أطراف العراق والشام وذلك لأهداف سياسية وفعلاً بدأت قبائل عنزة بالهجرة فارسل لهم الشيخ مشعان قصيدة مع مندوب له وكانت السبب في عدولهم عن هذا الأمر والقصيدة مشهورة منها هذه الأبيات:
المرجله حبله طويل وممـدود ،،،،،،،،، يا كود من تقصر عن الما حباله
واللي يريد الجود ماهو بمردود ،،،،،،،،، كم واحدٍ اهفى مقامه فعالـــــــــه
3- وهناك موقفان أنا شخصياً اطلعت عليهما أما أحدهما ففي مناسبة ضمت شيوخ وأفراد وشعراء من عدة قبائل وعندما ألقى بعض الشعراء قصائد تمجد قبائلهم التي تستحق المدح والثناء تأثر أكثر الحضور بل أن بعضهم لم يستطع حبس دمعته من شدة التأثر بسبب قوة القصيدة علماً أن غير هؤلاء الشعراء ألقى قصائد مماثلة وقصائدهم جيده وفي نفس موضوع قصيدة الشعراء الذين تأثر منهم الحضور ولكنها لم تحرك فيهم ساكناً ولكن كما قيل:
الشعراء فاعلمنّ أربعــــــه ،،،،،،،،،، فشاعرٌ يجري ولا يُجري معه
وشاعرٌ من حقه أن تسمعه ،،،،،،،،،، وشاعرٌ يخوض وسط المعمعه
(وشاعرٌ لا تستحي أن تصفعه)
4- كنا في مناسبة ضمت مجموعة من الاخوة الشعراء وغير الشعراء من متذوقي الشعر والقى الشاعر فلاح القراقاح قصيدة مرثية تأثر منها جميع الحضور بل أن أحد الاخوة الشعراء قابلته بعد عدة أيام وما زال متأثراً
تأثراً شديداً من القصيدة وهو لا يعرف المتوفى رحمه الله ولكن قوة القصيدة وصدق العاطفة جعلها ترسخ في مخيلته وحفظ بعض أبياتها وهو لم يسمعها إلا مرة واحدة؟
وإنني أتتساءل ما الذي يجعل هذا الشعر يسكن عقول وقلوب الناس ويؤثر فيها هذا التأثير وتتفاعل معه هذا التفاعل؟
إنها جزالة الألفاظ وترابطها وقوة التركيب وسمو المعاني وصدق العاطفة وأنا اعلم أنه ليس كل الشعر القوي على هذا النمط الإيجابي الحسن فيوجد من الشعراء من ينظم كفريات والعياذ بالله ولكنها تكون من الناحية الفنية قوية ويتكلم فيها النقاد من ناحية موضوعها فقط ومنهم من يهجو من لا يستحق الهجاء وترى قصيدته قد حفظها الناس والسبب في ذلك هو توفر عناصر القوة في القصيدة والبعد عن التكلف والتصنع ولكن هل هذا الشعر موجود الآن أم لا؟
بالنسبة لي أرى أن هذا الشعر موجود ولكن لا نسمعه إلا في المجالس والاجتماعات الخاصة أو المناسبات والاجتماعات الكبيرة التي يحضرها علية القوم من مسئولين ووجهاء وشعراء فحول ومتذوقين يفرقون بين الغث والسمين وكذلك في المنتديات يعد رواجها من بعض الشعراء إما من قصيدهم أو روايتهم لقصائد غيرهم، وهذا الشعر نسمعه من شعراء ليس لهم ظهور أعلامي إما زهداً منهم في الإعلام المقروء نظراً لما يرون من حاله التي لا تسر أو تجاهلاً منه لهم لأن شعرهم لا يتوافق مع ما ترغبه أهواء اغلب القائمين عليه وهناك شعراء معروفون إعلاميا ولكن لا تسمع منهم هذا القصيد الراقي إلا في هذه المجالس والاجتماعات وإذا سألتهم عن السبب في عدم نشرها في وسائل الأعلام التي لا تفتأ تنشر لهم أردى قصائدهم المليئة بالمفردات الميتة التي يجبر قائلها الواحدة منها على أن تلي ضرتها بدون توافق أو تناسب بينهما كان الجواب تلبيةً لرغبات الجمهور وهذا هو جواب اغلب القائمين على اغلب المجلات والصفحات الشعرية وقد قاله رئيس تحرير مجلة من اكبر المجلات التي تهتم بالشعر ولا أود التصريح باسمه هنا0
والسؤال هل تم عمل استفتاء عام وتم الخروج بهذه النتيجة؟
وإذا تم عمل هذا الاستفتاء فما هي شرائح المجتمع التي تم استفتاءها؟
وهل غير هؤلاء ليسوا من أفراد المجتمع؟
إن اغلب الذين ينظمون هذا الشعر (الذي يجعل للشمس أرصفة) هم إما الذين لم يعرفوا الشعر إلا عن طريق المجلات والصفحات الشعبية فساروا على نهج من سبقهم بدون وعي أو تدقيق وإنما رغبة في الشهرة ورؤية قصيدته واسمه كل أسبوع في المجلة أو الصفحة الشعرية في الجريدة أو ممن يبحثون عن الشهرة والانتشار عن طريق متابعة القائمين على الوسيلة الإعلامية في رغباتهم مع قدرتهم على كتابة الجيد من الشعر أو ممن تولوا كبر هذا الأمر وهؤلاء ليس بمستغرب عليهم وأخشى أن يكونوا هم جماهير أنفسهم إضافةً للمراهقين والمراهقات ، ولكن لماذا لا يلقي هؤلاء هذه القصائد في المناسبات التي يحضرها علية القوم ووجهاءه أو في المناسبات التي يحضرها متذوقي الشعر وفحول الشعراء هل هو عدم اقتناع بها أم حياءاً منها أم أن كل هؤلاء عقولهم وافهامهم قاصرة ومتهمة بعدم سبر أغوار نص هذا الشاعر أو ذاك منهم؟ ولقد حضرت قبل اشهر مناسبة كبيرة حضرها ثلة من الشعراء المبدعين الذين أمتعونا بقصائدهم وتفاعل الجمهور معها كثيراً وطُلب فيها من أحد الشعراء سالفي الذكر قصيدة فتهرب تهرباً واضحاً ولم يلق أي قصيدة له لأنه يعرف أن هذا السوق ليس من الأسواق التي تروج فيها بضاعته وإلا فان الشعر الجيد يفرض نفسه0
هم يرددون دائماً مقولة نحن لا نعيش في عصر آباءنا وأجدادنا وأن المفردات تغيرت وأنا أقول نعم هذا الكلام فيه بعض الصحة ولكننا لا نتكلم بلغة لا تمت للغة الأباء والأجداد بصلة فاللغة ما زالت هي نفس اللغة فالجار مازال اسمه جار والضيف مازال اسمه الضيف والناقة مازالت أسمها الناقة والبئر والخطام 00الخ مازالت مسمياتها نفسها لم تتغير ومازال بعض الناس يعايشها واقعاً يومياً في حياته فلماذا ينكر على من يستخدمها استخدامها أليست من واقعه الذي يعيشه أليس هناك أناس كثيرون جداً يستمتعون بهذا الشعر ويطربون له أم هي الرغبة في التدمير لا التطوير علماً أن التحديث مطلوب وكل شي لا بد من تطويره فالجمود قاتل ولكن بدون التخلي عن الأصالة والعمق وإعلان الحرب على كل ما هو قديم وقد وفق الكثيرمن الشعراء في الجمع بين تحديث المفردة والاصالة 0
نعم نحن ننتقد من يرسل مندوباً على ذلول في هذا العصر لأنه ليس وسيلة من وسائل مواصلاته علماً أن ذلك ليس ممتنع عقلاً ولا شرعاً ولكن هو غلو وبعد عن الواقع وعلى ذلك قس0
يا تُرى هل لقصائد هذه الفئة التي تحارب الشعر الأصيل أي دور في استثارة عاطفة وحمية العقلاء؟ لا أعتقد ذلك إطلاقا فهو كلام ممجوج لا طعم له ولا لون وانما هو قافية ووزن فقط:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه ،،،،،،،،،،، فليس حريٌ أن يقال له شعر
والخاتمة أقول مقتنعاً بما أقول أن اعظم سبب في تردي حال الشعر المعروض اليوم هو اغلب وسائل الأعلام المقروءة والقائمين عليها إما لأهداف في أنفسهم أو بسبب عدم معرفتهم بجيد الشعر من رديئه وعذراً على الإطالة0
والله من وراء القصد0
تعليق