لم يحرك ساكناً بقي متراكماً على ساعديه .. وقد حنى هامته أمام جبال الظلام الصامتة ... ونيران التيه تستعر في جوفه ....
.....ياااااااه ... أي غربة هذه وأنا في وطني .... وأي عذاب هذا الذي هو فيّ .... ترى هل سأعود للقرية وأحمل امي على جناحي الرغد ... هل سأجد الوظيفه ..... ياااااااااه ...أي قدر هذا الذي جعلني في هذا الزمن ؟؟
كان هذا بعضاً من بؤس (مصلح) ذلك القروي المترف حزناً ويتماً .... قدم الى جده قبل أربعة أشهر ... ليستقر به الهاجس على كرسي متهالك كماهو في ركن بعيد في على ناحية منزوية من الكورنيش ... لم يكن البحر أمامه فقد آثر أن يضطجع الى كل الظلام الماثل أمام ناظريه .... وملفه المخضر يئن بجانبه وكأنه يحمل في جوفه لقيطا لايود الخروج الى ما سيجعله ذنباً ... وهو لاذنب له الا انه الاول على زملائه طوال سنوات دراسته الجامعية ووحيد تلك الام التي ليس لها بالدنيا الا (مصلح) ولاتعيش الا من اجله .... منتظرة قدومه ليخطفها من بين أنياب الفقر الى حيث تحلم بأن ترى للحياة وجه آخر غير.... الفقر .
ــــ مابدنااااش موظفين خيي ...... طوط ....طوط ....طوط.... طوط
كانت هذه آخرة آخر مكالمة اجراها (مصلح) ذلك اليوم قبل خروجها هائما الى الكورنيش من كابينة المكالمات التي يعمل بها ابن قريته (خلوفة) و صداها لازال يحطم ما تبقى من روح (مصلح) المتعبة ....
لم يكن (خلوفة) بأحسن حالاً من (مصلح) فقدر التيه يربط بينهم منذ أن رحل (خلوفة) بشهادته الجامعية مغادرا القرية قبل ما يقارب السنتين حاملا النوارس للبهجة (اللقيطة )ناثرا ما تبقى من الامس للغد المتحدر من فوهة الخنوع ليضع رحاله أخيرا في هذا الركن المسجي من حي الجامعة بين أكوام الهم والجمود في كابينة المكالمات التي احتضنت تشرده بعد ان أعلن عصيانه وتمرده على كل احلامه وأمانيه قانعا بزمنه وقدره .... ولكن أغلب ما أنس وحدته مجي (مصلح) ليقتسمان اليتم ويؤنسان وحشة الليل بذكرى القرية والطفولة في غرفة (خلوفة) الباسقة وهناً فوق سطح العمارة التي بها الكبينة .... وبعد أن قرر(خلوفة) حبس شهادتة الجامعية في ذلك الصنوق الحديدي المتمدد عنوة امام الغرفة لعل الريح والامطار تنتقم من سنوات التعب والشقاء التي بداخله ولكي تطفيء نار الوهم لينسى علم الاجتماع ونظرياته التي ركنها على مسطبة الواقع المتهالك ..... ورغم ذلك فالاثنان لازالا يقتسمان البسمة كالرغيف يسدان رمق الحزن بالذكرى ويشجبان الهواجس بالصبابات وغيرة الصبايا .....
كانت الساعة تتهاوى نحو الثالثة فجرا عندما قرر (مصلح) مغادرة مملكة صمته وترك الوحدة لذلك الكرسي الحديدي المضطجر .... فلقد غادر ( مصلح) منذ ثمان ساعات ولابد من أن يذهب لايقاض (خلوفه) ليذهب للعمل ولكي يواصل هو رحلة البحث عن الوهن ....
اتجه مصلح نحو الشارع وسيارة الاجرة قادمة ... وكأنها كانت تتربص به من بعيد....
ـــ صديق مشوار حي الجامعة كم فلوس
ــ ثلاثين ريال صديق
ـــ يوووه ياكثر نصبكم .... مافيه الا خمسطعش ريال تبغاها والا لا
ــــ خلاص صديق ما فيه مشكله يالله
اعتلى مصلح السيارة وانطلق السائق يسابق الصمت الذي لا يقطعه الا صوت اغنية هندية كيبة تخرج على استحياء من بين ردهات الصمت .....
لم يشأ هذا السائق الاسيوي ان يدع الصمت يخنق ما تبيق من الطريق فتسائل : صديق انت فيه سعودي ؟؟؟
ليرد مصلح : ايوه سعودي ليه ؟؟!
ــالاسيوي:ـ ليه قرقر كثير .... كله نفر سعودي فلوس كثير !!!
عندها اطبق مصلح جفنيه وتنهد تنهيدة فجرت براكين الصمت في جوفه ليسأل نفسه في صمت ( متى يرحل الغرباء عن وطني ) ..... وتختفي سيارة الاجرة وسط الظلام .....بين الصمت والصمت ..... ومن الظلام الى الظلام ... و الصدى المدوي يزلزل الارجاء خلفهم .... متى.....متى ..... متى ؟؟
.....ياااااااه ... أي غربة هذه وأنا في وطني .... وأي عذاب هذا الذي هو فيّ .... ترى هل سأعود للقرية وأحمل امي على جناحي الرغد ... هل سأجد الوظيفه ..... ياااااااااه ...أي قدر هذا الذي جعلني في هذا الزمن ؟؟
كان هذا بعضاً من بؤس (مصلح) ذلك القروي المترف حزناً ويتماً .... قدم الى جده قبل أربعة أشهر ... ليستقر به الهاجس على كرسي متهالك كماهو في ركن بعيد في على ناحية منزوية من الكورنيش ... لم يكن البحر أمامه فقد آثر أن يضطجع الى كل الظلام الماثل أمام ناظريه .... وملفه المخضر يئن بجانبه وكأنه يحمل في جوفه لقيطا لايود الخروج الى ما سيجعله ذنباً ... وهو لاذنب له الا انه الاول على زملائه طوال سنوات دراسته الجامعية ووحيد تلك الام التي ليس لها بالدنيا الا (مصلح) ولاتعيش الا من اجله .... منتظرة قدومه ليخطفها من بين أنياب الفقر الى حيث تحلم بأن ترى للحياة وجه آخر غير.... الفقر .
ــــ مابدنااااش موظفين خيي ...... طوط ....طوط ....طوط.... طوط
كانت هذه آخرة آخر مكالمة اجراها (مصلح) ذلك اليوم قبل خروجها هائما الى الكورنيش من كابينة المكالمات التي يعمل بها ابن قريته (خلوفة) و صداها لازال يحطم ما تبقى من روح (مصلح) المتعبة ....
لم يكن (خلوفة) بأحسن حالاً من (مصلح) فقدر التيه يربط بينهم منذ أن رحل (خلوفة) بشهادته الجامعية مغادرا القرية قبل ما يقارب السنتين حاملا النوارس للبهجة (اللقيطة )ناثرا ما تبقى من الامس للغد المتحدر من فوهة الخنوع ليضع رحاله أخيرا في هذا الركن المسجي من حي الجامعة بين أكوام الهم والجمود في كابينة المكالمات التي احتضنت تشرده بعد ان أعلن عصيانه وتمرده على كل احلامه وأمانيه قانعا بزمنه وقدره .... ولكن أغلب ما أنس وحدته مجي (مصلح) ليقتسمان اليتم ويؤنسان وحشة الليل بذكرى القرية والطفولة في غرفة (خلوفة) الباسقة وهناً فوق سطح العمارة التي بها الكبينة .... وبعد أن قرر(خلوفة) حبس شهادتة الجامعية في ذلك الصنوق الحديدي المتمدد عنوة امام الغرفة لعل الريح والامطار تنتقم من سنوات التعب والشقاء التي بداخله ولكي تطفيء نار الوهم لينسى علم الاجتماع ونظرياته التي ركنها على مسطبة الواقع المتهالك ..... ورغم ذلك فالاثنان لازالا يقتسمان البسمة كالرغيف يسدان رمق الحزن بالذكرى ويشجبان الهواجس بالصبابات وغيرة الصبايا .....
كانت الساعة تتهاوى نحو الثالثة فجرا عندما قرر (مصلح) مغادرة مملكة صمته وترك الوحدة لذلك الكرسي الحديدي المضطجر .... فلقد غادر ( مصلح) منذ ثمان ساعات ولابد من أن يذهب لايقاض (خلوفه) ليذهب للعمل ولكي يواصل هو رحلة البحث عن الوهن ....
اتجه مصلح نحو الشارع وسيارة الاجرة قادمة ... وكأنها كانت تتربص به من بعيد....
ـــ صديق مشوار حي الجامعة كم فلوس
ــ ثلاثين ريال صديق
ـــ يوووه ياكثر نصبكم .... مافيه الا خمسطعش ريال تبغاها والا لا
ــــ خلاص صديق ما فيه مشكله يالله
اعتلى مصلح السيارة وانطلق السائق يسابق الصمت الذي لا يقطعه الا صوت اغنية هندية كيبة تخرج على استحياء من بين ردهات الصمت .....
لم يشأ هذا السائق الاسيوي ان يدع الصمت يخنق ما تبيق من الطريق فتسائل : صديق انت فيه سعودي ؟؟؟
ليرد مصلح : ايوه سعودي ليه ؟؟!
ــالاسيوي:ـ ليه قرقر كثير .... كله نفر سعودي فلوس كثير !!!
عندها اطبق مصلح جفنيه وتنهد تنهيدة فجرت براكين الصمت في جوفه ليسأل نفسه في صمت ( متى يرحل الغرباء عن وطني ) ..... وتختفي سيارة الاجرة وسط الظلام .....بين الصمت والصمت ..... ومن الظلام الى الظلام ... و الصدى المدوي يزلزل الارجاء خلفهم .... متى.....متى ..... متى ؟؟