إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وطن الراحلين ... ( مصافحه اولى )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وطن الراحلين ... ( مصافحه اولى )

    اتيتكم احمل تحايا الحب والمطر
    وها أنا اشرع لكم قلبى ...
    فامنحونى قلوبكم ...


    اختكم : جمانه .

  • #2
    تأمل نفسه بعينين ممتلئتين بكل شيء إلا إدراك انه يراقب ذاته . جزء منه يحدق من بعيد وجزء يتشبث عبثا بالكوة المحفورة فى جدار الكهف هربا إلى النور و جزء هناك يبكى ثم يضحك بجنون و بحنق شديد.
    ترتجف الأرض تحت جسده الضاغط عليها ذاك الذي تحول بجميعه إلى لسان يحكى نزف الفقدوالغربة.
    صوت روحه طائر منتوف الريش تزقزق حنجرته أغنية الموت حين يشبع , تخرج غرغرته من أمل يتضاءل, يتلاشى بعضه فى بعضه, حتى يتحول إلى ثقب إبره ...
    يثيره الوصول إلى مجلس البرزخ الذي ينتظره ليكرر عليهم موته.
    - يا واهبي الحزن الحياة
    قتلتم كل وطن عرفته .
    لكم نقم على ذاته الحنظلة التي لا تفرح برصاصة تخطئه ,و على عدم قدرته على فهم الأشياء التي تخترقه مباشرة ودون عثرات, تلك التي تصاحب الضوء لتسكن كينونته النازفة المضرجة بالأسئلة .تبتعد به عنهم ليبكى ..والبعد يبكى:
    - لم لا أثور مثلهم ؟
    لم لا أكون واحدا منهم؟
    تغيرت أحواله مذ تحول الطريق المستقيم إلى اعوجاج وحفر .زمان انهزام كوى نبضه والقهر وحبات عرقه المتسنبله في فضاء مفتوح لا ارض فيه تستقبل الطهر. تحولت ذاكرته إلى المرارة والسقم ,مانحة بهذا حق البقاء للخيبة لا غير
    .تصطفق أضلعه فى هلع حين يسترجع صورة أبيه وهو يردد : التراب للتراب . ويظل يلزم يلزم نفسه بصنع التراب لرميهم كان قد غدر بجمل أبيه الذي عانى الموت, بحقد رصاصة طائشة فقدت حكمتها لتطلق نفير اللعنات فى فوضى أفعالهم .
    انتهك أبوه يومها حرمة الصمت وصرخ يتساءل : ( لماذا جملي ؟ ) ود لو يعرف الحزن منه..( لمـــاذا؟!).
    قال جده وقد استعرت فى عينيه شمس الظهيرة:
    - نظرك يضيق بعينك.
    افقأها عسى مساحةالعرى فى إيمانك لا تكبر.
    ومرة قال له : لا تأسف على ما فاتك ..أنت الكريـم.

    لكن غريم والده لم يزبد كما زبد فم الجمل. والأناة لم تكن لتبعث مواساة تخمد الحريق.

    لم يكن يحتاج في موته أن يقبض على بذرة الفناء تلك .حاول إخراس الذكرى لكنها طردت الذبول فى عينيه ليستقبل البرق من صدره حسرات لم يرتكبها..
    -(أسألك أن يكون لك بر تفتديني به ) .
    قالها له والده وقد علق بوابة النار على كتفه ..نازعا بشراسة الصحراء رغبة البقاء من أعماقه . قالها ليصطدم بالرفض فيمتد الليل في اعماقهما ويمتد .
    مضى والده … جامعا ماعداه من اولاده , ناقشا بهذا علامة الجبن علي جبينه المعتصم من سفاهة تجد الطريق معبد .
    راقب والده ومضى الاشتهاء المورق فى عينيه ينتحر.... وينتحر.
    كان يعرف من قلب أبيه قسوته وغلظته وجبروته ويعرف كل ما ينتهي إليه الحقد فى داخله. ذاك الذي بدأ بغرغرة بعير وانتهى بخروج ابنه عن طاعته , لذلك انتفض قلبه يسابق الليل فى الوصول إلى السماء .
    ). (اللهم لا تسلبني…الحظ والأم -
    وتسامى ودنت منه السماء.
    خرج إليهم يرتدى عباءة الوصايا, ينشر السلام ,يخبر الرصاص أن الأمر لا يعنيه وحده..!. سلط ضوء عينيه على وجوههم إمعانا في التبصر ,لم يتجل له سوى دم متجمد طافح.
    يومها ..عرف وقت الذبول قبل أن يقترب
    وقبل أن يتحدثوا عن دوى أصوات العظام المتكسرة تحت أعقاب البنادق .
    اللغط ما برح قائما ,ما من أحد إلا وقد أثار فيه القتل شيئا, فلم يبق البركان أحدا
    على الحياد .الكل ينظر إلى ما يجرى مبهور الأنفاس ,شاخص العينين ,يستقرئ الغيب لمن ستكون الغلبة فى النهاية..
    ارتفعت أنوف البنادق ..وبدأت أنوف الرجال بالتساقط حان زمان الحرب وقومه عصبه وأعداؤه فى دم البعير عصبه ,والدم يلون الأهداف الأخذة في التوسع بمهارة.
    توالت فصول الموت تحصدهم فرادى تارة وجماعات تارة أخرى تعرى البؤس والإعياء في وجوههم.
    وهو لا يفتأ يتملص من غبار الحرب - لغة العطش فى يباس الطيب والرحمه – شهد الحسرة حتى عرف من البلل ما يعرفه لسان أفعى تلحس الجفاف .. كما شهد الفرح بالرغيف والأولاد يستسلم تحت الرقاب المعروضة لقطافها حقول ممتدة..
    لم يكن وحده الكاره .اللوعة النائحة واللطمات والشقوق الشاخصة في القلوب والثياب تشاركه . وأولئك الذين يشبهونه فى تشتت نداءاتهم وضياعها فى مسامع الكثبان .والثلة العائدة التي لم تمنح عودتها صيحة صدق, منتحين بحزنهم نحو التحديق تشاركه الكره بصمت. وحبيبته كانت كارهة أيضا.
    قالت له :
    - وجه الشجر يتفصد عن سحاب اصفر يتقيأ الرمل والطهر العطش .... خضرة الأرض خضرة قلوب الناس .
    قال :
    - المطر لا يهطل إلا ويحمل العشب مسئوليته.
    ثم قال:
    - أعينيني على الإيمان.
    قالت:
    -ما عاد متسع لينابيع الصدور ..أخشى أن أفقدك.
    نزفت السماء يومها ..ولم يبك .
    نزف أبوه..وبكى .تذكر قولها ..وأحبها أكثر.
    ذات شفق ,جرى خبر مذعور تجمهر له قومه عند أطراف الوطن يراقبون عدوهم يتضخم بأشباه جراد زاحف .. قادم من البعيد.
    قال أحد العارفين له:
    - عدو من غير أنفسنا ,شرس وله عدد وعتاد .. انه التمثيل بالجثث … أفلا ننجو بأرواحنا؟!
    قال آخر:
    -سيغلبون ويغُلبون.يقتلنا الأعداء ويقتلونهم.
    اجابهم:
    - سأموت مصليا على روح الكرامة.
    انحنى من المنصتين من انحنى يسجد لله بتضرع وخشيه. لكن يد الغدر طالت الساجدين بسمية دم الجمل …وبنادق الغرباء.
    بات العارفون يخشون الانحناء على الرمل لتتبع الأصوات خشية الموت القادم من الخلف. وتخالط الأمر وأضاعوا وجه غريمهم.
    أثقله الألم والفقد لكنه سمع الرعد حين اسمرت السماء فقال:
    - هو الغريب يضحكه تكسر خطوي ..و هواني على الدم.
    عاند تردده ..ضغط عليه وسط راحتيه بكل ما أوتى من حكمه .ورغم اشتعال أصابعه وتفانى الريح فى حمل رمادها, ورغم انهم من خلفه كانوا يسقطون ويسقطون , إلا انه ركض بانتحار جهة الأفواه المصوبة إليه …ارتدى صرخة من عالم آخر استقبلتها أسماعهم بركاكة..
    - انظروا إلى عدوكم .. عدوكم ليس من أنفسكم.
    صوبوه فأخطأوه واعتبروه محظوظا.
    نصحه الخائفون بالسكوت لكنه لم يكن ليحسن الصمت فى حضور جبروتهم . إذ ذاك جاءت السجون بأسواطها تستعرض رائحة الموت الممتلئة بوعيدهم والويل والثبور.
    كان شغبه يؤرقهم .. ميز تهديد خطواتهم وأنصت لتهديد الصراخ فى حناجرهم ولم يزد على أن رمى حفنة من وطنه على وجوههم.
    كان عمق الرضا بالموت يتجذر في داخله سلاما . لكنه رغم هذا لم يكن ليؤمن تماما بأن ارضه لم تعد مكانا لحياة الطيبين وان العيش عيش الموت .
    بصق وقال:
    -التراب للتراب
    عاد مهرولا إلى أبناء جلدته يغرس أظافره في صدورهم يبحث عن ندى. لكنه وقف مبهوتا أمام حرارة الحقد .. و شسوع الصحراء المطروحة تحت رحمته.
    ما لبث أن أتاه صوت النعيق :
    - ( الأب رحل نزفا
    والحبيبة رحلت بكاء على رحيل
    والوطن وطن الراحلين).
    توقف لهاثه فجأة..
    أبصروه يعرى صدره للسماء ,يستنشق دموعه أحيانا ..ويترنح أحيان أخرى.
    فى المساء تناثر حلمه.
    وفى المساء عجز عن جمعه والعودة به إلى قلبه المرتجف...
    فى المساء أنام شفتيه و رحل يترع حزنا
    ولم يظهر الصبح بعدها.

    تعليق


    • #3
      الاخت جمانه ...

      هلا بك بين اخوانك واخواتك نورتي المنتدى بهذه الطله الجميله ..


      سلمت يمناكي على هذا الموضوع الشيق والكتابه الجميله ..

      في انتظار الجديد ...



      اخوكي /// حكيم الجامعه ( ابو مهدي )

      تعليق


      • #4
        هلااااا بك ياجمانه

        نرحب بك بالنيابه عن النداوية بين اخواانك واخواااتك في النداوي وياهلااا بك ..


        هلااابك

        للتواصل على البريد

        alnadawi@yahoo.com
        طلب الرقم السري يجب ان تكون الرساله من البريد المسجل لدينا وتصله على بريده



        تابعني في تويتر

        https://twitter.com/#!/alnadawi1

        تعليق


        • #5

          الأخت جمانه,


          يسعدني أن يكون أول رد لي بعد الغياب على موضوعك, فأهلاً وسهلا بك بين إخوانك وأخواتك النداويه....


          اتمنى أن يطيب لك المقام بيننا وأن تفيدي وتستفيدي من تواجدك معنا...



          أود أن أسجل إعجابي بتوقيعك الحالم برموزه الرائعه ودعائه العظيم, أتمنى لك كل توفيق ونجاح....



          أما بخصوص النص فيحتاج لقراءة متانيه وأعدك بالرجوع له لاحقاً......








          أخوك,
          قلـب الذيــب





          [poem=font="Simplified Arabic,4,#8D1302,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
          لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ = فلا يغر بطيب العيش إنسانُ
          هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ = من سره زمن ساءتهُ أزمانُ
          وهذه الدار لا تُبقي على أحدٍ= ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ [/poem]


          [align=center]أبو البقاء الرندي[/align]



          إضغط هنا لديواني الإلكتروني:

          saeedalhumali@hotmail.com

          تعليق

          يعمل...
          X