عروش القرنفل....
حَبيبي.. علّم النوارس كيف تشدو وترسل أنينها أناشيد حياة تسمعها الكائنات، وهلمّ بنا بين عُروش
القرنفل لتزدهي بنا وتزهر بالضوء المُنعش الغضّ، وابعث في دنياي لحناً قصائدياً يُــــلهمني الجنون
ليحيا القلب بأشجى النغمات وقلْ حبيبتي.. أنتِ بين القلب والروح ومضة، فـــكيف لا أحضن شطآنك
والروح تضمنا كزهرة ضوء تنير عتمة ليل عشناه؟!.. كبوح ناي مَـبحوح لهاثه ونغمه طيب أنفاس
عطشى وصمت بوق أطلقناه..
حبيبي..
لن تراني غداً ما لم تكن لروحي منارة، فلا تعجب إن اخترقتُ سُحب الشمس لأراك، ولا إن التقيتك
في موطن الأقمار، ولا إن بعثرتُ أحلامي لأرسم حولك خطوطي الحمراء، لأكون أسيرة في نقوش
بابلية، في كهف قافية سومرية، في كلمات تجعلني ملكة تسكن كهوفاً طينية، في ضوء قناديل
ديوجين في عبق عطرك، في شتاء يقربني منك، في نبض قلب يغنيك...
حبيبي...
لم تخطئ روحك، ولم تغف أهدابي التي لامست قطرات من ضوئك، لكنك تحيا في رسائلي!.. في
كل حرف صامت يضجّ بالهوى!.. يعانق طيفك عبر الفضا!.. يبكي!.. يُناجي!... يملأ من هجير
الشمس دموعاً لؤلؤية، يمسح حبراً يترقرق بأنامل قلم يمرّ فوق أوراقي بغصّة!.. بقصّة عاشق!...
بخرافة عجوز تشرب في كؤوس ليلها اشتياقاً لحبيب يظلله الإله!.. يعصف بي كرياح تلوّن وجه
غروب آت...
فداك قلبي... فداك العمر إن أسأتُ اليك.. لكن حبيبي... تمالك نفسك وكُن عاشقاً لا يهزه فراق
ولا لقاء. كُن حبيباً يتربّع في قصائدي، يسكن كتبي، يكتب تاريخي،
يزيدني أنوثة!.. يملؤني رقة... يُهديني زهرة قرنفل زيتها بريق فجر غامض تُشرق رؤاه، وعروشها
كشجر المرجان...
حبيبي... أغلق دفاتر الألم والذكرى وتعبّد في محراب قلب صادق كما تشاء، وغرِّد في صدري واتّئد
فالشاعر فيك نبي خاشع ولِهٌ مؤمن يبعث في ضلوعي النبوءات يجمعني كرحيق شهد من شفاه قلب
صب يشدّني ويغني لحن الصباح، لحن أنوثة أضاءت مُقلتيك، وتركَت في مبسمك لظى شوق عذب يميل
له القلب مُنجذباً، فالدنيا دين والحب جنة يسكنها الشهداء، فكن شهيداً لقلبي وترنّح كي ترى الصبا يذوب
خشية وحياء، وتمنُّعاً يزيد قلبي لهفة ميلادها أنتَ وموتها كل حرف دامع في عيني يشعُّ موتاً وفرحاً فما
قيمة الحياة إن لم تجمعنا في كنفها لنتأوّه من وجع فراق دام عمراً، فحيث كنت اقرأ آيات الرحمن عروساً
لتقتطف ثمار جنة وتأكل فاكهة الحور من يد صبية تهواك..
حبيبي....
قُم واسمع ولبِّ الندا وتعال كي تحلو النجوى، فالليل مشبع متزيِّن ببريق النجمات، وأزحْ عن روحي
بؤسها، فهواك سلوَتي ومُناي ان تحدّثني والنفس نشوى مُترعة بعذب أنفاسك كي أبثك حرق لوعتي
وجوى الفؤاد...
يا عجباً لزمان جهول يرقُّ حيناً ويأبى ان يلين كي أراك بودّ ونمحو الشك باليقين ونعطر الياسمين
بالضحكات!.. بعندلة همساتنا!... بقلائد نصنعها من قصائد فيها شذاك، وروح تنعم في رضاك، فلا
تحيا الأرواح إلاّ بأمل يستقر بعد جفاء وسهاد...
لا زلت يا حبيبي فراشة حرة تتعشق ضوءك بلهفة كلّما نحن ارتوينا من صدى صبابة!.. من تغريد
عمر ملّ الانتظار، فمتى نسامر الأطيار في روض يزيل كُربة حب أضاء الأساطير بحقائق العشاق،
فالبعد قد يكون اقتراباً حين نلامس الهمس حرفاً في رؤية كضباب يلامس خدود الماء، فغرّدي يا
رسائلي وأشرقي كي تصفو مقلتي وألامس جنة قلبه في الحياة، قبل ان يطوينا الموت ويجعلنا قصائد
في دفتر ذكريات او رواية منقوشة على سيوف كالأهداب...
حقوق النشر محفوظة لجريدة الأنشاء طرابلس
وللكاتبة ضحى عبدالرؤوف المل
تعليق