[align=center]
من اجمل الرثائيات [/align]
[align=center]( أبو الحسن الأنباري يرثي الوزير أبا طاهر بن بقية )[/align]
[align=center]
أطعم ابن بقية ( الوزير أبو طاهر محمد بن محمد .. الملقب نصير الدولة ) وزير عز الدولة، المساكين والفقراء، وأكرم العلماء، فحنق عليه عضد الدولة البويهي، بعد ذلك، بعد أن بلغه عنه أمور يسوء سماعها ، وكان الوزير يفعل ذلك تقربا إلى قلب مخدومه عز الدولة لما كانت بينه وبين ابن عمه عضد الدولة من العداوة، فلما قتل عز الدولة وملك عضد الدولة بغداد ودخلها طلب ابن بقية المذكور والقاه تحت أرجل الفيلة ثم قام بصلبه وذلك سنة 238هـ، وعمره نيف وخمسون سنة رحمه الله، وكان جوادا كريما ذا مروءة محبوبا من الناس. فلما ارتفع على الخشبة مصلوباً، وقفت الأمة كلها بوقوفه، فطافت به قلوب المحبين .
نامت بغداد على أصوات البكاء ، فترجل أبو الحسن الأنبا ري الشاعر عن فرسه شعرا وتقدم إلى خشبه الصلب شعرا ، وسلم على الجثمان شعرا ، ورثاه بـهذه القصيدة التي هي من أعظم المراثي على الإطلاق في تاريخ الشعر العربي ومن لم يحفظها ففي تذوقه للشعر نظر كما قيل ولم يسمع بمثلها في مصلوب حتى أن من صلبة الخليفة عضد الدولة ( تمنى )أنها قيلت فيه وهو المصلوب
ثم أصبحت خشبة ابن بقية بعد مسرحاً، تلقى عليه قصائد المادحين، وخطب المثنين، وقد خلد أبو الحسن الأنبا ري الموقف خير تمثيل وسرت أبيات القصيدة أمثالا وأصبحت تتردد على كل لسان "هذه القصيدة حالة خاصة من الوجد المشتعل، فيها القلب يتفطّر، والمشاعر تتلظى، لكن بإرادة أبيّة، وكبرياء متوقدة، فانعكس ذلك على طبيعة الصورة فيها؛ فهي متماسكة لا تعرف الاهتزاز والتصدع، شامخة مرفوعة الرأس رافضة، تقول : (( لا" .
النص
علو في الحياة وفي الممات
لحقٌ أنت إحدى المعجـــزات
كأن الناس حولك حين قاموا
وفود نَداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيبا
وكلهم قيامٌ للصـلاة
مددت يديك نحوهم احتفاءً
كمدهما إليهــــم بالهبات
ولما ضـــاق بطن الأرض عن أن
يضم علاك من بعد الوفاة
أصـاروا الجــــــو قبرك واستنابوا
عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى
بحراسٍ وحفاظ ثقات
وتوقد حولك النيران ليلا
كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطيةً من قَبْلُ زيدٌ [1]
علاها في السنين الماضيات
وتلك فضيلة فيها تأسِِ
تباعد عنك تعيير العداة ِ
ولم أر قبل جذعك قط جذعا
تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت
فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تجير من صــــــرف الليالي
فعـــــاد مطالبــــا لك بالتــــراتِ
وصير دهرك الإحسان فيه
إلينا من عظيم السيئات
وكنت لمعشر سعدا فلما
مضيت تفرقوا بالمنحسات
غليل باطن لك في فؤادي
يخفف بالدموع الجاريات
ولو أني قدرت على قيام
بفــــرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي
وبحت بها خلاف النائحات
ولكني أصبر عنك نفسي
مخافة أن أعد من الجناة
ومالك تربة فأقول تسقى
لأنـــك نصب هطل الهاطـلات
عليك تحية الرحمن تترى
برحمات غواد رائحات
ومازالت هذه القصيدة تتداول حتى وصلت إلى عضد الدولة فلما أنشدت بين يديه تمنى أن يكون هو المصلوب دونه.فقال: علي بهذا الرجل.. فأحضروه إليه بعد أن أعطاه الأمان ولما مثل بين يديه قال له: ماالذي حملك على مرثية عدوي؟ فقال: حقوق سلفت وأياد مضت، فجاش الحزن في قلبي فرثيت...... [/align]
[align=center]
--------------------------------
[1] زيد المقصود هنا هو : أبو الحسين، زيد بن زين العابدين، علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ررضي الله عنه، ظهر في أيام هشام بن عبد الملك سنة 122 ه، ودعا لنفسه، فأرسل له يوسف بن عمر الثقفي والي العراقين جيشا على رأسه العباس اُلمري، فُقتل وصلب في الكوفة، بعد أن خذله أهلها [/align]
من اجمل الرثائيات [/align]
[align=center]( أبو الحسن الأنباري يرثي الوزير أبا طاهر بن بقية )[/align]
[align=center]
أطعم ابن بقية ( الوزير أبو طاهر محمد بن محمد .. الملقب نصير الدولة ) وزير عز الدولة، المساكين والفقراء، وأكرم العلماء، فحنق عليه عضد الدولة البويهي، بعد ذلك، بعد أن بلغه عنه أمور يسوء سماعها ، وكان الوزير يفعل ذلك تقربا إلى قلب مخدومه عز الدولة لما كانت بينه وبين ابن عمه عضد الدولة من العداوة، فلما قتل عز الدولة وملك عضد الدولة بغداد ودخلها طلب ابن بقية المذكور والقاه تحت أرجل الفيلة ثم قام بصلبه وذلك سنة 238هـ، وعمره نيف وخمسون سنة رحمه الله، وكان جوادا كريما ذا مروءة محبوبا من الناس. فلما ارتفع على الخشبة مصلوباً، وقفت الأمة كلها بوقوفه، فطافت به قلوب المحبين .
نامت بغداد على أصوات البكاء ، فترجل أبو الحسن الأنبا ري الشاعر عن فرسه شعرا وتقدم إلى خشبه الصلب شعرا ، وسلم على الجثمان شعرا ، ورثاه بـهذه القصيدة التي هي من أعظم المراثي على الإطلاق في تاريخ الشعر العربي ومن لم يحفظها ففي تذوقه للشعر نظر كما قيل ولم يسمع بمثلها في مصلوب حتى أن من صلبة الخليفة عضد الدولة ( تمنى )أنها قيلت فيه وهو المصلوب
ثم أصبحت خشبة ابن بقية بعد مسرحاً، تلقى عليه قصائد المادحين، وخطب المثنين، وقد خلد أبو الحسن الأنبا ري الموقف خير تمثيل وسرت أبيات القصيدة أمثالا وأصبحت تتردد على كل لسان "هذه القصيدة حالة خاصة من الوجد المشتعل، فيها القلب يتفطّر، والمشاعر تتلظى، لكن بإرادة أبيّة، وكبرياء متوقدة، فانعكس ذلك على طبيعة الصورة فيها؛ فهي متماسكة لا تعرف الاهتزاز والتصدع، شامخة مرفوعة الرأس رافضة، تقول : (( لا" .
النص
علو في الحياة وفي الممات
لحقٌ أنت إحدى المعجـــزات
كأن الناس حولك حين قاموا
وفود نَداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيبا
وكلهم قيامٌ للصـلاة
مددت يديك نحوهم احتفاءً
كمدهما إليهــــم بالهبات
ولما ضـــاق بطن الأرض عن أن
يضم علاك من بعد الوفاة
أصـاروا الجــــــو قبرك واستنابوا
عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى
بحراسٍ وحفاظ ثقات
وتوقد حولك النيران ليلا
كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطيةً من قَبْلُ زيدٌ [1]
علاها في السنين الماضيات
وتلك فضيلة فيها تأسِِ
تباعد عنك تعيير العداة ِ
ولم أر قبل جذعك قط جذعا
تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت
فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تجير من صــــــرف الليالي
فعـــــاد مطالبــــا لك بالتــــراتِ
وصير دهرك الإحسان فيه
إلينا من عظيم السيئات
وكنت لمعشر سعدا فلما
مضيت تفرقوا بالمنحسات
غليل باطن لك في فؤادي
يخفف بالدموع الجاريات
ولو أني قدرت على قيام
بفــــرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي
وبحت بها خلاف النائحات
ولكني أصبر عنك نفسي
مخافة أن أعد من الجناة
ومالك تربة فأقول تسقى
لأنـــك نصب هطل الهاطـلات
عليك تحية الرحمن تترى
برحمات غواد رائحات
ومازالت هذه القصيدة تتداول حتى وصلت إلى عضد الدولة فلما أنشدت بين يديه تمنى أن يكون هو المصلوب دونه.فقال: علي بهذا الرجل.. فأحضروه إليه بعد أن أعطاه الأمان ولما مثل بين يديه قال له: ماالذي حملك على مرثية عدوي؟ فقال: حقوق سلفت وأياد مضت، فجاش الحزن في قلبي فرثيت...... [/align]
[align=center]
--------------------------------
[1] زيد المقصود هنا هو : أبو الحسين، زيد بن زين العابدين، علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ررضي الله عنه، ظهر في أيام هشام بن عبد الملك سنة 122 ه، ودعا لنفسه، فأرسل له يوسف بن عمر الثقفي والي العراقين جيشا على رأسه العباس اُلمري، فُقتل وصلب في الكوفة، بعد أن خذله أهلها [/align]
تعليق