....................... ( الطريق الآخر )......................
باالرغم من أن الطرقات المؤدية إلى المناطق المشمسة في الساحة
الشعبية مفتوحة ورحبة وخالية من نقاط التفتيش الأدبي إلا ان
هناك قوافل من العاجزين لم يستطيعوا ان يصلوا إلى دفء تلك
المناطق وهذا ناتج عن الكساح والإعاقة التي تعاني منها
شاعريتهم المزعومة ونظرا لجهلهم المركب في معرفة قدراتهم
وأمكانياتهم والتي لو فحصوها جيدا أو عادوا الى رشدهم لوجدوا
أنفسهم في الأماكن التي تليق بهم بدلا من الركض المحموم خلف
بريق شاعرية متعذرة ولكنهم بكل أسف مازالوا يثيرون اللجاجة
والصخب في الأسواق والمنتديات وحول مقار الصحف والمجلات والتي
فتحت أبوابها لأشباه الشعراء ولكن هؤلاء الذين لم يستطيعوا ان
يتقمصوا حالة التشابه المضللة ونظرا لروح المكابرة التي تعشش
في رؤوسهم فقد لجأوا الى (الخدمة الذاتية) إعلاميا وذلك بأصدار
مايتوهمون انها (دواوين شعر) كطريق آخر للوصول الى الضوء..!
وقد قادني حظي البائس كعادته دائما الى احدى مكتباتنا
(الفقيرة) بسبب عودة الطلاب للمدارس ولشغفي بالكتاب فقد قضيت
وقت انتظار تسوق أبنائي بين أرفف الكتب فوجدت ما لم يخطر لي
على بال بالرغم من ان جزءا من ذلك الغثاء قد لوث صندوق بريدي
أكثر من مرة ولكنني كنت اعتقد انها حالات مريضة فردية ولكن تلك
الزيارة للمكتبة المحترمة و(الفقيرة) جعلتني أحيط بحجم مأساة
هؤلاء المساكين فقد وجدت رفوف المكتبة عامرة بما يسمونه تجاوزا
بـ...(الدواوين).. أغلفة براقة تحمل عناوين ذات مدلولات كبيرة
مثل (النحيب في أودية الليل..ترانيم الشجن.. مشاعر ظامئة..
إلخ) وغالبا ما تحمل صورة ذلك الواهم بالشعر وقد تقمص
انعكاسات الفكر على شخصيته الظاهرية ثم تجد بعد الغلاف رقم
التصنيف في مكتبة الملك فهد والذي مازلت الى الآن أتساءل: ماهي
ضوابط هذا التصنيف ام انه متاح لكل حبر يراق على بياض الورق
ثم تنتقل الى مقدمة الديوان وهذه العادة التي ابتكرها الشاعر
الشعبي بغباء منقطع النظير وكأنه يبحث عن اعتراف مفقود وغالبا
ماتكون المقدمة قطعة من النفاق الأدبي بأقلام أسماء أكاديمية او
فكرية معروفه تساهم في مسلسل الخداع الذي مورس على القارئ في
تصميم الغلاف واختيار اسم الديوان، وبعد ان يرتفع لدى القارئ
مؤشر التمني بقصائد مصاغة في أفلاك الابداع المجاورة للنجوم
ويبدأ بالتسارع في القراءة (القلقة) حتى ينتهي الى خيبة أمل
مريرة يحتاج بعدها الى فترة تتعاقب خلالها الشموس بين المشارق
والمغارب حتى يفيق من صدمته التي احدثتها الثرثرة التي كتبت
على النظام الشعري والتي يضج بين مفرداتها الجهل والتخلف
والغناء النشاز لذات مريضة لايرجى شفاؤها.. قصائد باهتة..
باردة .. مترمدة وكأن من كتبها مصاب بالتخلف الفكري!
والآن من المسئول عن هذه الفوضى الموثقة، أليس هناك جهة
رقابية تخرج هؤلاء من أوهامهم وتحمي أجيالنا من هرائهم؟! من
المسؤول عن الدمار الشامل الذي تلحقة هذه الدواوين الفارغة
بالحركة الثقافية المدونة وأي صورة مهشمة ستقدمها هذه الأوبئة
المعشعشة في رفوف مكتباتنا لمن يزور بلدنا الطاهر زيارة خاطفة
خصوصا وان المكتبات وفي اي بلد تعتبر النافذة المطلة على فكر
أهله؟! هل ترضون ان يطل زائر بلدنا بكل مكتسباته المشرفة على
الدمار الشعري الشعبي الذي تقدمه هذه الدواوين البائسة والتي
لا تخدم إلا هؤلاء المرضى والذين يسد مسغبتهم وجوعهم ونهمهم
للشهرة مجرد كتابة أسمائهم على أية ورقة مهترئة؟!
يجب ان نخرج من حالة التسامح التي تتماس مع عدم المبالاة وان
نحمي هؤلاء المساكين من أنفسهم اولا ونحمي ثقافة الجيل من نتاج
أوهامهم فالحرية المطلقة بلا ضوابط هي أقرب إلى الفوضى والفوضى
لا تعيش إلا في أحضان الجهل ونحن أبعد مانكون عن الجهل ولكن..!!
===========================================================
للراي الاخــر مساحات رحبة من التسامح
===========================================================
تعليق