بسم الله الرحمن الرحيم .
الفرق بين النثر والحر .
الشعر المرسل أو الشعر الحر يعرّفه أبو شادي في عام 1924 فيقول " يعد من الشعر المرسل نسبيا ما تجرد من التزام القافية الواحدة، وان يكن ذا قافية مزدوجة أو متقابلة، ولكن الحقيقة إن الشعر المرسل "Blank Verse " لا يوجد فيه أي التزام الرويّ، أما الشعر الحر " Free Verse " فهو الشعر الذي لا يكتفي فيه الشاعر بإطلاق القافية بل يجيز أيضا مزج البحور حسب مناسبات التأثير
مثال فصيح :
**********
طلع الفجر
اصغ الى وقع خطى الماشين
في صمت الفجر اصغ ... انظر ركب الباكين .
عشرة أموات ... عشرونا
لا تحص ... اصخ للباكين
اسمع صوت الطفل المسكين
موتى موتى .... ضاع العدد
موتى موتى لم يبق غد
في كل مكان جسد يندبه محزون
لا لحضة اخلاد لا صمت
هذه أول قصيدة للشاعر ( نازك ملائكة ) عن الشعر الحر وفي وزن المتدارك .
وأيضا قصيدة " لا تصالح " لـ ( أمل دنقل ) :
(( لا تصالح وإن قيل دم بدم ))
تضطر لموسيقى الكلمات أن تشدد على الميمين في دمّ بدمّ ..
فتقرأ هكذا :-
لا تصالح وإن قيل دمٌّ بدمّ
( فاعلاتن فعولن فعولن فعول )
لا تصالح /وإن قيـ/ل دمٌّ /بدم
مع أنها لا تشدد لغة ولكن للموسيقى تجد أنك تستسيغ عامية اللفظ
أما بدر شاكر السياب فقد كتب قصيدة بعنوان " هل كان حبا " على نفس طريقة نازك الملائكة في عام 1946، ونشرها ضمن ديوانه " ازهار ذابلة " في عام 1047، وفي نفس السنة التي نشرتفيها نازك الملائكة قصيدتها " الكوليرا "، وقد علق على هذه القصيدة في الحاشية بأنها " من الشعر المختلف الاوزان والقوافي “ !!
هل يكون الحب إني
بت عبدا للتمني
أم هو الحب اطراح الامنيات
وإلتقاء الثغر بالثغر ونسيان الحياة
وإختفاء العين في العين انتشاء
كإنثيال عاد يغني في هدير
وللشعر الحر خصائص فنية عديدة بعضها نشأت معه وبعضها اكتسبها مع الممارسة الشعرية، فالقصيدة الجديدة قصيدة رمزية غير مباشرةفي اكثر الاحايين، والشاعر الجديد بدأ يضفي على قصائده الجو الاسطوري الملائم للحالة الشعورية التي يكون عليها لحظة كتابته للقصيدة، والرمز الاسطوري يتمثل أكثر ما يتمثل في شعر السياب، ولعله افضل من وظف الاسطورة في شعره،
مثال شعبي (1):
************
انتظرت أزمان في ظل الوعد
أحسب الخفقات يا أغلى وعد
انتظرت والظاهر انك ياوعد ماجيت
عيّا عليك الوعد .. والا يا وعد عيّيت
انتظرت .. لكن النجمه سرت ..
والقمر .. راحو أصحاب السمر
ونسمة وفا مرّت
ولفّت مكان الوعد ضمت
تعتذر
وانتظر
وانتضرت أزمان في ظل الوعد
........... ( خالد الفيصل )
مثال شعبي (2) :
**************
أفارق هالنجوم الطايحه بين السما والقاع
وفي قلبي من الأوجاع مايكفي .. وفي قلبي أفارق
ورى هذي الجبال اسفوح وعيونٍ مالها اعيونك ..
ولا قلبك
اسافر كل قلبي اجروح ..
وانا احبك
أبي لاطبت طفّيتك حرايق
حزين اللي تركت البارحه وجهه على اكفوفك
غسل بدموعه اطيوفك
غرستِ بقلبه احروفك بيارق
ولو بيديني غيرت
ولو مثلك فهذي الأرض ضيعتك .. ودورتك
ولكن إنتي غير انتي
وانا مثل الخلايق .. أفارق
.................... ( بدر بن عبدالمحسن )
إذن نصل الى ان الشعر الحر شعر موزون يحوي تفعيلات وحتى وان اختلفت التفعيلات في النص الواحد .ولكنه يختلف عن الشعر العادي أو مانسميه بالعامودي في أنه لايعتمد على عدد معين من التفعيلات ولا على قافيةواحده .
الآن نصل إالى مايسمى بالنثر .
فيقول ( تركي عامر ) :
قصيدتنا العربيـّة الـمعاصرة تكتب على ثلاثة أشكال:
(1) قصيدة العمود؛
(2) قصيدة التـّفعيلة؛
(3) قصيدة النـّثر.
ولكن، على قصيدة النـّثر، كي تعوّضنا عن القافية والوزن الغائبين، ((( أن تدهشنا وتبهرنا بصورها الشـّعريـّة الـمجنـّحة ))).
وبالـمقابل، ثـمـّة نصوص شعريـّة، لا يدّعي أصحابها أنـّها شعر، لكنـّها أفضل بكثير من آلاف قصائد عمود "عصماء".. أو تفعيلة "عجماء".
لـماذا؟!
لأنّ الوزن والقافية، وحدهما، لا يصنعان قصيدة.. جديره بأن تـُقرأ. و"ما أصعب أن تـًسـَوِّدَ ورقةً بكلمات حـَرِيـَّةٍ بأن تـُقرأ".
إذن النثر غير مرتبط بالتفيله وغير مرتبط بالقافيه .
مثال فصيح :
**********
أجد الجرأة الآن
لأن ألعن جنونك
قبل جنوني
وأن أنتزع عطري
من خصلات شعرك
و امحوا بصماتي ...من وجهك
ومرآتك
أن احشوا فمك بالمرارة
وأن أزرع الأشواك على وسادتك
لتتمدد على الأرض
متخبطا بفـراقي
محاولا تضميد الجرح
الذي أورق بفضلي
مثال شعبي :
**********
أستبد أحيان ..
أستمد كل هذا الظلم من ألمي ..
أتحد ..
من راسي لقدمي
وأضرب بعواصفي وبزلزالي
واهدّم الناس .. وآهدّم فحالي
لين استرد ..
بعض اثيابي من الريح
ولحمي من الشوك
وابتعد .. أبتعد
وأحيان ..
ما أملك العواصف ولا الزلزال
ولا حتى ..
فالهجير اظلال
لكن أستبد
أستبد باللي عندي
أضرب بيدّي فالهوى
بجبيني فالصخر
ليين اتعب
أتعب وانهمد
مثل طفلٍ أظناه البكا والسهر
وانتي آخر ما أعد في عمري
واجمل ما أعد
أعشقي ظلم الغصون الخضر للحطاب
والجلد للأنياب
والجفن للسكين
أعشقي هالظالم المسكين
واتركيني انصهر فالشمس
والا أرتعد فالبرد
لكن أستبد
واسترد ثيابي من الريح
ولحمي من الشوك
وابتعد ..
أبتعد
................. ( بدر بن عبدالمحسن )
تحياتي للجميع .
فمان الله
الفرق بين النثر والحر .
الشعر المرسل أو الشعر الحر يعرّفه أبو شادي في عام 1924 فيقول " يعد من الشعر المرسل نسبيا ما تجرد من التزام القافية الواحدة، وان يكن ذا قافية مزدوجة أو متقابلة، ولكن الحقيقة إن الشعر المرسل "Blank Verse " لا يوجد فيه أي التزام الرويّ، أما الشعر الحر " Free Verse " فهو الشعر الذي لا يكتفي فيه الشاعر بإطلاق القافية بل يجيز أيضا مزج البحور حسب مناسبات التأثير
مثال فصيح :
**********
طلع الفجر
اصغ الى وقع خطى الماشين
في صمت الفجر اصغ ... انظر ركب الباكين .
عشرة أموات ... عشرونا
لا تحص ... اصخ للباكين
اسمع صوت الطفل المسكين
موتى موتى .... ضاع العدد
موتى موتى لم يبق غد
في كل مكان جسد يندبه محزون
لا لحضة اخلاد لا صمت
هذه أول قصيدة للشاعر ( نازك ملائكة ) عن الشعر الحر وفي وزن المتدارك .
وأيضا قصيدة " لا تصالح " لـ ( أمل دنقل ) :
(( لا تصالح وإن قيل دم بدم ))
تضطر لموسيقى الكلمات أن تشدد على الميمين في دمّ بدمّ ..
فتقرأ هكذا :-
لا تصالح وإن قيل دمٌّ بدمّ
( فاعلاتن فعولن فعولن فعول )
لا تصالح /وإن قيـ/ل دمٌّ /بدم
مع أنها لا تشدد لغة ولكن للموسيقى تجد أنك تستسيغ عامية اللفظ
أما بدر شاكر السياب فقد كتب قصيدة بعنوان " هل كان حبا " على نفس طريقة نازك الملائكة في عام 1946، ونشرها ضمن ديوانه " ازهار ذابلة " في عام 1047، وفي نفس السنة التي نشرتفيها نازك الملائكة قصيدتها " الكوليرا "، وقد علق على هذه القصيدة في الحاشية بأنها " من الشعر المختلف الاوزان والقوافي “ !!
هل يكون الحب إني
بت عبدا للتمني
أم هو الحب اطراح الامنيات
وإلتقاء الثغر بالثغر ونسيان الحياة
وإختفاء العين في العين انتشاء
كإنثيال عاد يغني في هدير
وللشعر الحر خصائص فنية عديدة بعضها نشأت معه وبعضها اكتسبها مع الممارسة الشعرية، فالقصيدة الجديدة قصيدة رمزية غير مباشرةفي اكثر الاحايين، والشاعر الجديد بدأ يضفي على قصائده الجو الاسطوري الملائم للحالة الشعورية التي يكون عليها لحظة كتابته للقصيدة، والرمز الاسطوري يتمثل أكثر ما يتمثل في شعر السياب، ولعله افضل من وظف الاسطورة في شعره،
مثال شعبي (1):
************
انتظرت أزمان في ظل الوعد
أحسب الخفقات يا أغلى وعد
انتظرت والظاهر انك ياوعد ماجيت
عيّا عليك الوعد .. والا يا وعد عيّيت
انتظرت .. لكن النجمه سرت ..
والقمر .. راحو أصحاب السمر
ونسمة وفا مرّت
ولفّت مكان الوعد ضمت
تعتذر
وانتظر
وانتضرت أزمان في ظل الوعد
........... ( خالد الفيصل )
مثال شعبي (2) :
**************
أفارق هالنجوم الطايحه بين السما والقاع
وفي قلبي من الأوجاع مايكفي .. وفي قلبي أفارق
ورى هذي الجبال اسفوح وعيونٍ مالها اعيونك ..
ولا قلبك
اسافر كل قلبي اجروح ..
وانا احبك
أبي لاطبت طفّيتك حرايق
حزين اللي تركت البارحه وجهه على اكفوفك
غسل بدموعه اطيوفك
غرستِ بقلبه احروفك بيارق
ولو بيديني غيرت
ولو مثلك فهذي الأرض ضيعتك .. ودورتك
ولكن إنتي غير انتي
وانا مثل الخلايق .. أفارق
.................... ( بدر بن عبدالمحسن )
إذن نصل الى ان الشعر الحر شعر موزون يحوي تفعيلات وحتى وان اختلفت التفعيلات في النص الواحد .ولكنه يختلف عن الشعر العادي أو مانسميه بالعامودي في أنه لايعتمد على عدد معين من التفعيلات ولا على قافيةواحده .
الآن نصل إالى مايسمى بالنثر .
فيقول ( تركي عامر ) :
قصيدتنا العربيـّة الـمعاصرة تكتب على ثلاثة أشكال:
(1) قصيدة العمود؛
(2) قصيدة التـّفعيلة؛
(3) قصيدة النـّثر.
ولكن، على قصيدة النـّثر، كي تعوّضنا عن القافية والوزن الغائبين، ((( أن تدهشنا وتبهرنا بصورها الشـّعريـّة الـمجنـّحة ))).
وبالـمقابل، ثـمـّة نصوص شعريـّة، لا يدّعي أصحابها أنـّها شعر، لكنـّها أفضل بكثير من آلاف قصائد عمود "عصماء".. أو تفعيلة "عجماء".
لـماذا؟!
لأنّ الوزن والقافية، وحدهما، لا يصنعان قصيدة.. جديره بأن تـُقرأ. و"ما أصعب أن تـًسـَوِّدَ ورقةً بكلمات حـَرِيـَّةٍ بأن تـُقرأ".
إذن النثر غير مرتبط بالتفيله وغير مرتبط بالقافيه .
مثال فصيح :
**********
أجد الجرأة الآن
لأن ألعن جنونك
قبل جنوني
وأن أنتزع عطري
من خصلات شعرك
و امحوا بصماتي ...من وجهك
ومرآتك
أن احشوا فمك بالمرارة
وأن أزرع الأشواك على وسادتك
لتتمدد على الأرض
متخبطا بفـراقي
محاولا تضميد الجرح
الذي أورق بفضلي
مثال شعبي :
**********
أستبد أحيان ..
أستمد كل هذا الظلم من ألمي ..
أتحد ..
من راسي لقدمي
وأضرب بعواصفي وبزلزالي
واهدّم الناس .. وآهدّم فحالي
لين استرد ..
بعض اثيابي من الريح
ولحمي من الشوك
وابتعد .. أبتعد
وأحيان ..
ما أملك العواصف ولا الزلزال
ولا حتى ..
فالهجير اظلال
لكن أستبد
أستبد باللي عندي
أضرب بيدّي فالهوى
بجبيني فالصخر
ليين اتعب
أتعب وانهمد
مثل طفلٍ أظناه البكا والسهر
وانتي آخر ما أعد في عمري
واجمل ما أعد
أعشقي ظلم الغصون الخضر للحطاب
والجلد للأنياب
والجفن للسكين
أعشقي هالظالم المسكين
واتركيني انصهر فالشمس
والا أرتعد فالبرد
لكن أستبد
واسترد ثيابي من الريح
ولحمي من الشوك
وابتعد ..
أبتعد
................. ( بدر بن عبدالمحسن )
تحياتي للجميع .
فمان الله
تعليق