[align=right]قدّمت أوراقي الثبوتية وورقة الطائرة قبل موعد الأقلاع بساعة ونصف.
وطلبت من مضيفة ترتيب المقاعد أن تمنحني مقدا في أحد الجوانب . وأنا يحدوني الأمل أن يبتسم لي الحظ بثلاثة مقاعد لم يتم حجزها . أكوّم بها جسدي بعدالإقلاع .
دخلت من بوابة ردهة المغادرين. وتفاجأت بأعداد هائلة من البشر لا يفصلني عنهم إلا حائط من الزجاج .غادون عكس خطواتي .في خطوات متسارعة أوشك بعضهم على الركض ! .
لاحت عن يساري لافتة توضّح بأن هُنا ردهة ركاب الدرجة الأولى.
قادني الفضول لمعرفة بماذا تختلف عن ردهة المسافرين الأخرين ؟
أعترض طريقي شابً لو أردت أن أتمنى لنفسي صورة فلن أزيد عليه .
حَيّاني بلباقة وأبتسامة حمدت الله أني لست أنثى .
طلب مني ورقة الصعود فأعطيتها له فأبتسم أبتسامة دون سابقتها وقدم لي أعتذاره .
وكأنه أشار لي بلباقة أن هذه الردهة ليست لأمثالك . بعد إن سلّط نظرة فاحصة على حقيبتي التي أحملها في يدي اليسرى .
تظاهرت بأني لم أقرأ اللافتة بعد أن أحسست بغصة وتركته قائما .
توجهت إلى ردهة أمثالي وما أن وقعت عليها عيناي حتى أحسست بأنقباض .
طوابير من العمالة على بوابات الخروج ؛ وأوناس يتحدثون في الهواتف بأصوات عالية .
منهم من يسحب من الحقائب ما تنؤ بحمله الجمال! ومنهم من يحتضن آلة تسجيل مزدوجة كادت أن تكون تلفاز وأوناس تمددوا على المقاعد المستطيلة وراحوا في سبات عميق .فلم يعد لسواهم مفحص قطاة . وأطفال أحالوا أحد أبواب الزجاج المتحركة إلى لعبة شدّ الحبل . والضجيج يذكرني بباعة سوق السمك .
تجولت بصعوبة وتفحصت العديد من الوجوه وتسمّعت للعديد من اللغات
أجريت بعض الأتصالات بعد الطلاعي على التعليمات التي في ظهر الورقة بأنه يجب على كل المسافرين أغلاق هواتفهم الخلوية أثناء الرحلة حرصا على سلامة الرحلة . وتذكّرت في أحد الرحلات من مطار امستردام أنهم عرضوا علينا امكانية الأتصال بمبلغ لم أعد أتذكره لمن أراد ذلك .
حاولت أن أحتسي كوبا من الشاي ولكن كأن الكفتيريا فتحت في أحد معاقل مجاعة الصومال . برهة من الزمن وأنا أتابع المنظر العجيب خصوصا تلك المرأة التي تحمل على ذراعها اليمنى طفل مازال في المهد وعن يمينها وعن يسارها جيش من الأطفال المتكدسة أيديهم وأعينهم في حقيبتها اليدوية ويطالبوها بالمزيد من النقود .
الرجاء من ركاب الرحلة رقم (...) التوجه إلى البوابة رقم (9)
أخذت موضعي في الدور . وبدأ اليأس في حالة مدّ إلى نفسي من العثور على ثلاثة مقاعد أكوّم بها جسدي . لكثرة من دخلوا في طابور بوابتنا . امتلأت حافلة النقل بالركاب مما جعل الوقوف مُحتّما .
لفحت الوجوه ونحن نترجل من الحافلة عند سلّم الطائرة سموم قيظ الخليج ؛
فتسارعت الخُطأ في الصعود على سلّم الطائرة
ونأت أحداهن بحمل حقيبتيها وجالت ببصرها عند أولى السلالم فلم يعيرها أحد أي أهتمام . حتى أنها أستعطفت أحدهم فشاح بوجهه وصعد . حقدتُ عليه بصدق .
عرفت طريق مقعدي . بعد أن أرشدتني اليه أحدى المضيفات التي لا تنقصها الرشاقة والجمال .تحدث قائد الرحلة مع الركاب عبر الراديو وأخبرهم أن الرحلة تربو على ست ساعات ونصف الساعة من الطيران . وتمنى لهم رحلة سعيدة وأنا كذلك تمنيت ولكن يبدو لم تتحقق أمنيتي .
كان مقعدي محاذيا للنافذة وبجانبي امرأة علمت فيمابعد أنها من نيوزيلندا ؛ وذاهبة إلى مؤتمر تأخي الشعوب ضد مرض الايدز في روما !.
تحدثت لي عن نشاطهم ومنحتني بعض الكتيبات وبعض الصور من مدينة اوكلند التي لم أزورها في حياتي . وبعد معرفة المسافة تضرعت أن لا أزورها .
تقدمت احدى المضيفات من المرأة النوزيلندية وهمست في أذنها .هزت المرأة رأسها وألتفتت نحوي وقالت: أعتذر منك هناك رجل يريد الجلوس بجانبك وسوف أتبادل معه المقاعد حسب ما أخبرتني المضيفة .
ماذا يريد منّي هذا الرجل هل في هذه الرحلة أحد أعرفه ولم تقع عيني عليه!(قلت ذلك في نفسي).
شكرتها للطفها معي وعلى ماقدمت لي من معلومات عن بلدها وعن نشاط جمعيتهم وعلى الكتيبات التي أهدتهم ليّ . أقبلت نفس المضيفة السابقة وفي أثرها رجل في حسباني انه شارف على العقد الخامس . حيّاني الرجل وبادلته بمثلها .
ثم قال هناك عائلة لم يروق لهم جلوسي بجانبهم فطلبت من المضيفة أن تبحث لي عن مقعد آخر فوقع الأختيار هنا لا يكون وجودي سبب لك شيء من الضيق ؟. أو أني قطعت عليك خلوتك مع هذه المليانة الشقراء وضحك .
أحسست بأنقباض من جرأته مع رجل لم يمضي معه إلا أقل من دقيقتين .
طمنته بأننا اليوم أخوة سواءً شئنا أم أبينا .ثما أني أحب الحديث مع من خط الشيب في مفارقهم .
التفت نحوي ثم قال لا تغتر بالشيب فأنا قلبي نابض بالشباب والحيوية أكثر من أي وقت مضى .
إن لم يعش الإنسان حياته عاشها غيره ...لا أعلم كيف ساق هذا القول ! هل الرجل يؤمن بتناسخ الأرواح ! أو أنه يردد قولا لا يعرف له حقيقة . وهذا ما اتضح لي بعد ذلك . تحدث الرجل معي في أشياء عدة حتى أنه عرّفني على اسمه الكامل وجهة عمله وكم لديه من الأولاد والبنات وكم مرّة سافر إلى هذا البلد الذين متجهين له وعن مغامراته التي يستحي منها المراهقين . ثرثر معي في أشياء كثيرة .
حتى أني لم أعد أتذكّر ماقال قبل خمس دقايق من كثرة ماسرده بعدها . أشياء تتقبلها النفس على مضض وأشياء تشمئز النفس منها بالخصوص من رجل الشيخوخة إليه أقرب من أي شيء أخر .
قدم لنا مجازا وجبة خفيفة .تذكرني بوصفات الرجيم .
يتبع [/align]
وطلبت من مضيفة ترتيب المقاعد أن تمنحني مقدا في أحد الجوانب . وأنا يحدوني الأمل أن يبتسم لي الحظ بثلاثة مقاعد لم يتم حجزها . أكوّم بها جسدي بعدالإقلاع .
دخلت من بوابة ردهة المغادرين. وتفاجأت بأعداد هائلة من البشر لا يفصلني عنهم إلا حائط من الزجاج .غادون عكس خطواتي .في خطوات متسارعة أوشك بعضهم على الركض ! .
لاحت عن يساري لافتة توضّح بأن هُنا ردهة ركاب الدرجة الأولى.
قادني الفضول لمعرفة بماذا تختلف عن ردهة المسافرين الأخرين ؟
أعترض طريقي شابً لو أردت أن أتمنى لنفسي صورة فلن أزيد عليه .
حَيّاني بلباقة وأبتسامة حمدت الله أني لست أنثى .
طلب مني ورقة الصعود فأعطيتها له فأبتسم أبتسامة دون سابقتها وقدم لي أعتذاره .
وكأنه أشار لي بلباقة أن هذه الردهة ليست لأمثالك . بعد إن سلّط نظرة فاحصة على حقيبتي التي أحملها في يدي اليسرى .
تظاهرت بأني لم أقرأ اللافتة بعد أن أحسست بغصة وتركته قائما .
توجهت إلى ردهة أمثالي وما أن وقعت عليها عيناي حتى أحسست بأنقباض .
طوابير من العمالة على بوابات الخروج ؛ وأوناس يتحدثون في الهواتف بأصوات عالية .
منهم من يسحب من الحقائب ما تنؤ بحمله الجمال! ومنهم من يحتضن آلة تسجيل مزدوجة كادت أن تكون تلفاز وأوناس تمددوا على المقاعد المستطيلة وراحوا في سبات عميق .فلم يعد لسواهم مفحص قطاة . وأطفال أحالوا أحد أبواب الزجاج المتحركة إلى لعبة شدّ الحبل . والضجيج يذكرني بباعة سوق السمك .
تجولت بصعوبة وتفحصت العديد من الوجوه وتسمّعت للعديد من اللغات
أجريت بعض الأتصالات بعد الطلاعي على التعليمات التي في ظهر الورقة بأنه يجب على كل المسافرين أغلاق هواتفهم الخلوية أثناء الرحلة حرصا على سلامة الرحلة . وتذكّرت في أحد الرحلات من مطار امستردام أنهم عرضوا علينا امكانية الأتصال بمبلغ لم أعد أتذكره لمن أراد ذلك .
حاولت أن أحتسي كوبا من الشاي ولكن كأن الكفتيريا فتحت في أحد معاقل مجاعة الصومال . برهة من الزمن وأنا أتابع المنظر العجيب خصوصا تلك المرأة التي تحمل على ذراعها اليمنى طفل مازال في المهد وعن يمينها وعن يسارها جيش من الأطفال المتكدسة أيديهم وأعينهم في حقيبتها اليدوية ويطالبوها بالمزيد من النقود .
الرجاء من ركاب الرحلة رقم (...) التوجه إلى البوابة رقم (9)
أخذت موضعي في الدور . وبدأ اليأس في حالة مدّ إلى نفسي من العثور على ثلاثة مقاعد أكوّم بها جسدي . لكثرة من دخلوا في طابور بوابتنا . امتلأت حافلة النقل بالركاب مما جعل الوقوف مُحتّما .
لفحت الوجوه ونحن نترجل من الحافلة عند سلّم الطائرة سموم قيظ الخليج ؛
فتسارعت الخُطأ في الصعود على سلّم الطائرة
ونأت أحداهن بحمل حقيبتيها وجالت ببصرها عند أولى السلالم فلم يعيرها أحد أي أهتمام . حتى أنها أستعطفت أحدهم فشاح بوجهه وصعد . حقدتُ عليه بصدق .
عرفت طريق مقعدي . بعد أن أرشدتني اليه أحدى المضيفات التي لا تنقصها الرشاقة والجمال .تحدث قائد الرحلة مع الركاب عبر الراديو وأخبرهم أن الرحلة تربو على ست ساعات ونصف الساعة من الطيران . وتمنى لهم رحلة سعيدة وأنا كذلك تمنيت ولكن يبدو لم تتحقق أمنيتي .
كان مقعدي محاذيا للنافذة وبجانبي امرأة علمت فيمابعد أنها من نيوزيلندا ؛ وذاهبة إلى مؤتمر تأخي الشعوب ضد مرض الايدز في روما !.
تحدثت لي عن نشاطهم ومنحتني بعض الكتيبات وبعض الصور من مدينة اوكلند التي لم أزورها في حياتي . وبعد معرفة المسافة تضرعت أن لا أزورها .
تقدمت احدى المضيفات من المرأة النوزيلندية وهمست في أذنها .هزت المرأة رأسها وألتفتت نحوي وقالت: أعتذر منك هناك رجل يريد الجلوس بجانبك وسوف أتبادل معه المقاعد حسب ما أخبرتني المضيفة .
ماذا يريد منّي هذا الرجل هل في هذه الرحلة أحد أعرفه ولم تقع عيني عليه!(قلت ذلك في نفسي).
شكرتها للطفها معي وعلى ماقدمت لي من معلومات عن بلدها وعن نشاط جمعيتهم وعلى الكتيبات التي أهدتهم ليّ . أقبلت نفس المضيفة السابقة وفي أثرها رجل في حسباني انه شارف على العقد الخامس . حيّاني الرجل وبادلته بمثلها .
ثم قال هناك عائلة لم يروق لهم جلوسي بجانبهم فطلبت من المضيفة أن تبحث لي عن مقعد آخر فوقع الأختيار هنا لا يكون وجودي سبب لك شيء من الضيق ؟. أو أني قطعت عليك خلوتك مع هذه المليانة الشقراء وضحك .
أحسست بأنقباض من جرأته مع رجل لم يمضي معه إلا أقل من دقيقتين .
طمنته بأننا اليوم أخوة سواءً شئنا أم أبينا .ثما أني أحب الحديث مع من خط الشيب في مفارقهم .
التفت نحوي ثم قال لا تغتر بالشيب فأنا قلبي نابض بالشباب والحيوية أكثر من أي وقت مضى .
إن لم يعش الإنسان حياته عاشها غيره ...لا أعلم كيف ساق هذا القول ! هل الرجل يؤمن بتناسخ الأرواح ! أو أنه يردد قولا لا يعرف له حقيقة . وهذا ما اتضح لي بعد ذلك . تحدث الرجل معي في أشياء عدة حتى أنه عرّفني على اسمه الكامل وجهة عمله وكم لديه من الأولاد والبنات وكم مرّة سافر إلى هذا البلد الذين متجهين له وعن مغامراته التي يستحي منها المراهقين . ثرثر معي في أشياء كثيرة .
حتى أني لم أعد أتذكّر ماقال قبل خمس دقايق من كثرة ماسرده بعدها . أشياء تتقبلها النفس على مضض وأشياء تشمئز النفس منها بالخصوص من رجل الشيخوخة إليه أقرب من أي شيء أخر .
قدم لنا مجازا وجبة خفيفة .تذكرني بوصفات الرجيم .
يتبع [/align]
تعليق