الفرزدق ..
هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم ودارم هو ابن تميم الذي إليه تنسب القبيلة المعروفة.
ولد الفرزدق في خلافة عثمان بن عفان أي ما بين سنة 23هـ و35هـ. ولد بالبصرة ونشأ فيها
لقب غالب ابنه الفرزدق، وقد اختلف الآراء في سبب هذا الإطلاق، وإن كانت متقاربة من ذلك أن الفرزدقة هي الفتيتة التي تشربها النساء، فلقب بها لقصره وغلظه. وقريب من ذلك ما في الأغاني من أن الفرزدق هو الرغيف الضخم الذي يجففه النساء للفتوت فكان صفة لوجه الشاعر الغليظ الجهم. واللفظة فارسية الأصل كما في مصادر مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وأصلها برازده أي قطعة العجين. قال الرازي في مختار الصحاح: "وبه سمى الفرزدق واسمه همام".
ويبدو أن ميل الفرزدق إلى التشيع عائد إلى ما غرسه فيه أبوه غالب. فقد جاء به إلى علي ابن أبي طالب بعد وقعة الجنل بالبصرة وقال: إن ابني هذا من شعراء مضر، فاسمع منه. فقال: علمه القرآن. فكان ذلك في نفس الفرزدق، فقيد نفسه وآلى أن لا يحل قيوده حتى يتم حفظ القرآن.
#أطلق الشاعر عنان نفسه للتهاجي والغزل الفاحش، لكن ذلك كان مكبوتاً في الفترة التي قيد بها نفسه لحفظ القرآن، وهي محاولة لم تكتمل فقد بلغه هجاء جرير نساء مجاشع رداً على البعيث فثارت حميته وعلى جأشه وأطلق لسانه في هجاء جرير.
والحق أنه كان متقلب الأطوار فأنت ترى كيف صبر صبراً طويلاً على محاولة حفظ القرآن، كما يذكر عبد الرحيم بن أحمد العباسي أنه روى الحديث عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة والحسين وابن عمر وأبي سعيد الخدري! ومع ذلك تجد انغماسه في الفاحشة، فقد راود امرأة عن نفسها، بعد أن كانت أضافته وأحسنت غليه، فامتنعت عليه، وبلغ الخبر عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ والي المدينة المنورة فأخرجه منه وأركب على ناقته لينفى.
أول ما تزوج الفرزدق من نوار، وهي ابنة أعين بن ضبيعة المجاشعي. وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وجه أباها إلى البصرة أمام التحكيم أي في فترة موقعه صفين، فقتله الخوارج غيلة، فخطب النوار رجل من قريش - بينما أهلها في الشام - فبعثت إلى الفرزدق تسأله أن يكون وليها في النكاح إذ هو أقرب بني قومها إليها في البصرة. فقال لها: إن بالشام من هو أقرب إليك مني ولا آمن أن يقدم قادم منهم فينكر ذلك علي، فاشهدي أنك قد جعلت أمرك إلي. ففعلت، فخرج الشهود ، وقال لهم: قد أشهدتكم أنها جعلت أمرك إلي. ففعلت فخرج بالشهود، وقال لهم: قد أشهدتكم أنها قد جعلت أمرها إلي، وإني أشهدكم أني قد تزوجتها على مائة ناقة حمراء سوداء الحدق. ففزعت من ذلك واستعدت عليه، ثم خرجت إلى عبد الله ابن الزبير - وكان يومئذ مسيطراً على الحجاز والعراق - فأمر ألا يقربها حتى يصيرا إلى البصرة فيحتكما إلى عامله. لكن الفرزدق ظل يلتمس المكايد والحيل حتى استبقاها وكان الخصام يتأجج بينهما من حين إلى آخر، حتى أصرت على الطلاق فأجابها إليه بعد حين. وأكثر أولاده منها. وما لبث أن ندم وقال في ذلك شعراً.
ومن زوجات جهيمة الأزدية، ورهيمة النمرية، وأم مكية وهي زنجية ان يكتني بها إذا حمي الوطيس، وحدراء بنت زيق بن بسطام … وثمة كثيرات.
لقد مكث الفرزدق زماناً لا يولد له فعيرته امرأته الأولى النوار بذلك. وذكر تعييرها له في بعض شعره. ثم ولد له بعد ذلك لبطة وسبطة وخبطة وركضة من النوار، وزمعة وليس لولده عقب إلا من النساء.
أصيب الفرزدق في آخر أيامه بداء يقال له ذات الجنب وهو "وجع تحت الأضلاع ناخس مع سعال وحمى"، فكان هذا الداء سبباً لوفاته.
مات في خلافة هشام بن عبد الملك سنة 110هـ
تعليق