# أوّل العلاج.. الكيّ:
إن كان حبّكِ ما يزال كعهده
فلأجله أدعوكِ.. كفّي
عن هواي:
معي سنخون حبّكِ لي معاً.
بيسوا
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
فلأجله أدعوكِ.. كفّي
عن هواي:
معي سنخون حبّكِ لي معاً.
بيسوا
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
قالت العرّافة:
( مُحرّم على الأهواء مسّك إلا بضوءٍ شتّت في وجهته البدء، يحار فيه الكون و يعمى.
مُقيّد إلى النبض ذريعة الحاجة، و القلق، و الغيرة.. و حنانها الذي يلسع صدرك كلما غبت.
لـ يُلبسك الرب رجاءاً و ممشىً تبصره بقلبك.. و نوراً يملأ عينيك فـ تهدأ.
و ليمنحك نبضاً تعرفه الأعين و لا يقتاده الخَرَق.. و رضاً بقدره..
ومن ثمّ رضاً بها..
…………………. و ثقة بك. )
هكذا ردّدت. نفثتْ في صدري غيّها..
عوّذتني في النشوة الأعمق، و قالت آمين.
قبلها - و أعني بها عرّافتي - جاء الفرح و جاء الوجع و شيء من البهجة ما اعترضت عليهم لأن لا ضير من ذلك في زمني.. و في نبضي.
و ربما لأني ظننتها حاجة لـ ضياع آخر مختلف تماماً عن الموت دون وطن.
- استفتِ قلبك.. يا أنا!
- لكنّه موجع، بحيث لا يمكنه التطرق للحظة ذكرى دون المرور من عنق الموت؟!
- رجاءاً.
- لأجل ماذا ؟
- . . . هه.
- بحق الله، لِم ؟
- لأجل الحزن. لأجل الغياب. لأجل أني أجدها في الصدر كنبضة، كدقة، كدفق يمر أوردتي و شراييني بلا حول و لا قدرة.
- طيب!
- استفتِ قلبها بالمرّة.
كنت أقرأ: الثورات كالموت و الموضة، هي تكنيس النفايات و استئصال الزوائد التي لا نفع فيها؛ و هي لا تقوم إلا إذا كانت هناك أشياء كثيرة في طور الاحتضار (1)
حين امتدّت ببياض غير منتهٍ..
لم تُودعه الروح وجعها بظلّ دمعة سقطت وحدها على كفّ مطر.
كنت الأدنى عمراً و الأغضّ نبضاً حين شقّت عن قلبها و سكبت فيه على دمها دمي.
ما كان مهماً ما سيمليه عليّ القلب حينها أو العقل، كنت فقط بحاجة لأن أعرف ما الذي يحصل معي.. معها.
كان غريب عنّي هذا الاكتفاء بها و جديد عليَّ.
لم يقل لي أحد يوماً عن ماهية الشعور باللذة - غير الآثمة -..، باللهفة، بالضياع، بجوارحي التي تحرك كلّي بحثاً عنها في كل اتجاه، بالشغف الذي لا يهدأ.
ذلك التعلّق و الانغماس فيها.
و لم يذكر أحدهم إن كان للحب الأعمق طقوس تمارس بدقة.. لينتشي طوال العمر مزهواً كـ قوس قزح.
و إذا كنت أذكر العرافة، مُعوّذتي، فذلك لأني لم أكن حينها في حلم و لا وسط يقظة. كما أنني لم أكن في بعد آخر.. كنت ببساطة أتبع قلبي و رغم ذاك كنت ما أزال في أقرب نقطة من الحب.. و أبعدها عن اليقين.
هي التي فاضت قبل أي شيء.. ثم امتطت الغيم بلا إذن.. و هطلت عليَّ.
غاضت في رحم النبض و روت القلب طيباً.. كوردٍ حطّ على عمرٍ باهتٍ فأورق و أزهر.
رغم أنّ حزني كان رفيقاً منذ الصغر، كأوّل الخطى الثقيلة التي جثمت بالقلب على ممشى حجري.. و وأدته.. لكنّه
كان ثمة ما يتورّم بالداخل كفيض بكاء و أشياء أخرى لمّا جاءت في حزنه و صوته دمع:
( كسرت قلبي..
و خلعت روحي..
و في لحظة... (2) )
.
.
.
. سقطت أنا!
الأقرب للجمادات من حياة دهشة.
أقرب للصمم، للخرس، لمغادرة منفى و عودة لوطن.
هل خطر ببالها حينذاك أنّي تساءلت عمّ جاء بها تقايض ببؤسي الفرح ؟
أكان الشوق الذي يسكب الوريد شمساً .. و المحيط صلاة ؟
أم.. شاءت غربلتي ؟
هي.. التي تسكن الدهشة و ترتدي الأحلام عباءة رغبة..
خلّفتها فيّ كـ جرح في الصدر يحوي بضع ذكريات يتيمات و نصف حياة.
.
.
.. و نصف.. حياة ؟!
يا الله، في البدء كانت الكلمة.
قارب النور الظلّ و انتهك العتمة. و صار تاريخها تاريخ اللقاء الأهدأ.. و ذاكرة الافتعال الأول.
لبست رجائي و مشت بي. ثم مشت عنّي. أوصدت النور عن سكوني و ذهبت بانكسار الغيم.. ( كما لو أنّ شفرة رهيفة قد فضّت روحها فـ أنّت و تأوّهت بلا وجع (3) )، كما لو ولّت بمغيب.
و هي بعد ذاك التاريخ.. تاريخ أول.. باعتذار مسبق.
لكن.. هل شككت في كونها المطر ؟
لا!
لا، كأنها المطر..
( ربما ) كأنها و كأنني حين قالت -للمرة الثانية- أحبّكَ..
أمرت الزمان في صدرها و جعلته آخراً.
لفّت في كفّي حضورها، نقشت عليه خطوطها..
تسع و ستّ تشققات. كان يخضّر عليها العمر و يعشبّ القحط.. فتزهر الورود بذكرها.
كانت.. كائن -حين تطلّ- يأتي من عيون الغياب " بلهفة "..
اشتهاء آخر لـ دقة في الصدر تكبر بلا حد و يستحيل -على التمام- ريّها.
لاقتني ببساطة الرغبة و شجاعة الاحتمالات –و بصدق دهشتي- .
لم تشأ في قدومها معرفة ما بإمكاني أن أقدمه لها.. صداقة.. أو حب.. أو لا شيء أبداً.. كما أنها لم تسأل و بدوري لم أقل.
ربما لم تتنبه أني أحمل على القلب توقيعين لذاكرة سماء حزينة.. و لونين يمتزجان بغربة غير متناسقة.. و غير مسالمة أيضاً..
ربما لم تقتنع -من هيئتي- أنّ قلبي ليس بقلبي أو قلبها، فـجاءت مرة أخرى بودّها.. و مرّت بثقب إلى الذاكرة و اجتازت حزناً خفيّاً سكن الصدر منذ أمد حتى تلاشى بصعوبة.
ظلّت تهزجُ في ميلادنا:
كل عام..
و بيننا حب يستمر
كل عام..
و حلو الأيام بيننا تمر
كل عام..
تتقارب خطانا لأمل منتظر
لأمل يجعلنا نحمل قلباً واحداً..
لا.. ينكسر.
كنت أهزج معها بثقة.. ( لا ينكسر )
وأدري.. وحده قلبي كان سينفطر.. ؟!
لكنّ ما بين هنا و هناك حقيقة جعلتها مسافة ضوئية مرّت كـ لمحة..
أو -بدقة- مسافة لحظة.. بقيت كـ عمر.
هل تفي دمعة بحجم القادم من الوجع.. أم بحجم الماضي من فقدٍ.. لأنسى؟
يا نصفي الآخر من الغياب..
يا هي التي تمادت في جبروت الرحيل..
ترفـّقي!!
حارق طعمهما.. و مرّ كقسوة.. كما لا حياة.
حدّقي في ثغرة من قلبك بدأت.
حدّقي في كفّك التي خنقت عمراً كان مزهواً و صار كـ رشة عطر خبت رائحته بعد انتشاء.
أخشى حين ألقاكِ يوماً أقول بعد رفات طويل:
( هذا رمادي.. انثريه في دمك حيث ابتدأت و انتهيت )..
اكتبي على شاهدتي ( موسوم قلبه باليُتم.. و مُعلنة روحه للوحشة ) ..
عسى إن مر بها نبض -فيكِ متيّم- يُغريه بالهرب، ليعلن أنّ لا مُعين على زمن القلب أكبر ثغراته.. و الذاكرة أسوء ما فيه.
أوراقي -بسببكِ- تشي بصعوبة.. حين لا فائدة من بوح تخذله الأرواح..
أصبح للحبر طعم " جريمة " و للورق مذاق حديث عجز صاحبه عن الإفصاح به.. حتى تطاول و ركن إلى سكون؟!
الآن..
أحملُ على كتفي تاريخ أفولها و ذاكرة أعتذر بها عن الأمل. اختصر العمر الذي ولّى.. بها ودونها.. بالطور التالي للاحتضار.
تُطلق الأمانيّ.. ألقاً.. في انحسار الغيب و اطباق النور على الوجود.. كغد تنصّل من مهامه و قرّر الانطفاء.
وكأنها…
حين غُيّب عنها الوجع ارتدت الحداد يقيناً.. و ذَهُلت، تحيك حياتها ( وحياتي ) مع المطر. و كنت مجرد حضور لـ زمن سـ " ينتهي "!
الصدق ( أيضاً ).. غواية المطر!
له رائحة يشتمّها الحزانى.. و يتتبعها الغاوون أول الهطول و آخر الاخضرار.. الغافون في زمن يُتقن التطرّف في الاشتعال!
و كرماً.. أهبهم لك واحداً واحداً.. يامطر.. بلا مواربة و لا تنصل. بدون التورط في حزنهم و غيّهم.. و نبضهم.. و بلا قيد سوى أن تهبني ما شئتَ.. عدا.. ذاكرة يتيمة تتوحد معها الأشياء.. و تطّوف بي الأرجاء دونهم..
و سأمتنّ كثيراً.
سأرضى.. إن جئتني -أيضاً- بدمع تصحو عليه عيني.. و دفء يستفيق به نبضي و قلب لأبكي فيه و يبكي معي..
و سأرضى أيضاً.. إن منحت الشوق سئماً و سبيلاً يجمعني و آخره.
ثق أنّه لاشيء سيضيق بعد و المسافات و غيابنا يفيان بذلك أصلاً.. يا مطر.
مُدّ كما شئت وداعاً.. فلا أحد سيبقى ؟!
- استفتِ قلبك.. إذن.
…………………. ( قلبك المنكسر ) !
____ هوامش _________________
1- الكاتب ويل ديورانت، كتاب مختصر قصة الحضارة.
2- مسلسل ملوك الطوائف، على لسان المعتمد بن عباد.
3- أمين صالح، رواية رهائن الغيب.
( مُحرّم على الأهواء مسّك إلا بضوءٍ شتّت في وجهته البدء، يحار فيه الكون و يعمى.
مُقيّد إلى النبض ذريعة الحاجة، و القلق، و الغيرة.. و حنانها الذي يلسع صدرك كلما غبت.
لـ يُلبسك الرب رجاءاً و ممشىً تبصره بقلبك.. و نوراً يملأ عينيك فـ تهدأ.
و ليمنحك نبضاً تعرفه الأعين و لا يقتاده الخَرَق.. و رضاً بقدره..
ومن ثمّ رضاً بها..
…………………. و ثقة بك. )
هكذا ردّدت. نفثتْ في صدري غيّها..
عوّذتني في النشوة الأعمق، و قالت آمين.
قبلها - و أعني بها عرّافتي - جاء الفرح و جاء الوجع و شيء من البهجة ما اعترضت عليهم لأن لا ضير من ذلك في زمني.. و في نبضي.
و ربما لأني ظننتها حاجة لـ ضياع آخر مختلف تماماً عن الموت دون وطن.
- استفتِ قلبك.. يا أنا!
- لكنّه موجع، بحيث لا يمكنه التطرق للحظة ذكرى دون المرور من عنق الموت؟!
- رجاءاً.
- لأجل ماذا ؟
- . . . هه.
- بحق الله، لِم ؟
- لأجل الحزن. لأجل الغياب. لأجل أني أجدها في الصدر كنبضة، كدقة، كدفق يمر أوردتي و شراييني بلا حول و لا قدرة.
- طيب!
- استفتِ قلبها بالمرّة.
كنت أقرأ: الثورات كالموت و الموضة، هي تكنيس النفايات و استئصال الزوائد التي لا نفع فيها؛ و هي لا تقوم إلا إذا كانت هناك أشياء كثيرة في طور الاحتضار (1)
حين امتدّت ببياض غير منتهٍ..
لم تُودعه الروح وجعها بظلّ دمعة سقطت وحدها على كفّ مطر.
كنت الأدنى عمراً و الأغضّ نبضاً حين شقّت عن قلبها و سكبت فيه على دمها دمي.
ما كان مهماً ما سيمليه عليّ القلب حينها أو العقل، كنت فقط بحاجة لأن أعرف ما الذي يحصل معي.. معها.
كان غريب عنّي هذا الاكتفاء بها و جديد عليَّ.
لم يقل لي أحد يوماً عن ماهية الشعور باللذة - غير الآثمة -..، باللهفة، بالضياع، بجوارحي التي تحرك كلّي بحثاً عنها في كل اتجاه، بالشغف الذي لا يهدأ.
ذلك التعلّق و الانغماس فيها.
و لم يذكر أحدهم إن كان للحب الأعمق طقوس تمارس بدقة.. لينتشي طوال العمر مزهواً كـ قوس قزح.
و إذا كنت أذكر العرافة، مُعوّذتي، فذلك لأني لم أكن حينها في حلم و لا وسط يقظة. كما أنني لم أكن في بعد آخر.. كنت ببساطة أتبع قلبي و رغم ذاك كنت ما أزال في أقرب نقطة من الحب.. و أبعدها عن اليقين.
هي التي فاضت قبل أي شيء.. ثم امتطت الغيم بلا إذن.. و هطلت عليَّ.
غاضت في رحم النبض و روت القلب طيباً.. كوردٍ حطّ على عمرٍ باهتٍ فأورق و أزهر.
رغم أنّ حزني كان رفيقاً منذ الصغر، كأوّل الخطى الثقيلة التي جثمت بالقلب على ممشى حجري.. و وأدته.. لكنّه
كان ثمة ما يتورّم بالداخل كفيض بكاء و أشياء أخرى لمّا جاءت في حزنه و صوته دمع:
( كسرت قلبي..
و خلعت روحي..
و في لحظة... (2) )
.
.
.
. سقطت أنا!
الأقرب للجمادات من حياة دهشة.
أقرب للصمم، للخرس، لمغادرة منفى و عودة لوطن.
هل خطر ببالها حينذاك أنّي تساءلت عمّ جاء بها تقايض ببؤسي الفرح ؟
أكان الشوق الذي يسكب الوريد شمساً .. و المحيط صلاة ؟
أم.. شاءت غربلتي ؟
هي.. التي تسكن الدهشة و ترتدي الأحلام عباءة رغبة..
خلّفتها فيّ كـ جرح في الصدر يحوي بضع ذكريات يتيمات و نصف حياة.
.
.
.. و نصف.. حياة ؟!
يا الله، في البدء كانت الكلمة.
قارب النور الظلّ و انتهك العتمة. و صار تاريخها تاريخ اللقاء الأهدأ.. و ذاكرة الافتعال الأول.
لبست رجائي و مشت بي. ثم مشت عنّي. أوصدت النور عن سكوني و ذهبت بانكسار الغيم.. ( كما لو أنّ شفرة رهيفة قد فضّت روحها فـ أنّت و تأوّهت بلا وجع (3) )، كما لو ولّت بمغيب.
و هي بعد ذاك التاريخ.. تاريخ أول.. باعتذار مسبق.
لكن.. هل شككت في كونها المطر ؟
لا!
لا، كأنها المطر..
( ربما ) كأنها و كأنني حين قالت -للمرة الثانية- أحبّكَ..
أمرت الزمان في صدرها و جعلته آخراً.
لفّت في كفّي حضورها، نقشت عليه خطوطها..
تسع و ستّ تشققات. كان يخضّر عليها العمر و يعشبّ القحط.. فتزهر الورود بذكرها.
كانت.. كائن -حين تطلّ- يأتي من عيون الغياب " بلهفة "..
اشتهاء آخر لـ دقة في الصدر تكبر بلا حد و يستحيل -على التمام- ريّها.
لاقتني ببساطة الرغبة و شجاعة الاحتمالات –و بصدق دهشتي- .
لم تشأ في قدومها معرفة ما بإمكاني أن أقدمه لها.. صداقة.. أو حب.. أو لا شيء أبداً.. كما أنها لم تسأل و بدوري لم أقل.
ربما لم تتنبه أني أحمل على القلب توقيعين لذاكرة سماء حزينة.. و لونين يمتزجان بغربة غير متناسقة.. و غير مسالمة أيضاً..
ربما لم تقتنع -من هيئتي- أنّ قلبي ليس بقلبي أو قلبها، فـجاءت مرة أخرى بودّها.. و مرّت بثقب إلى الذاكرة و اجتازت حزناً خفيّاً سكن الصدر منذ أمد حتى تلاشى بصعوبة.
ظلّت تهزجُ في ميلادنا:
كل عام..
و بيننا حب يستمر
كل عام..
و حلو الأيام بيننا تمر
كل عام..
تتقارب خطانا لأمل منتظر
لأمل يجعلنا نحمل قلباً واحداً..
لا.. ينكسر.
كنت أهزج معها بثقة.. ( لا ينكسر )
وأدري.. وحده قلبي كان سينفطر.. ؟!
لكنّ ما بين هنا و هناك حقيقة جعلتها مسافة ضوئية مرّت كـ لمحة..
أو -بدقة- مسافة لحظة.. بقيت كـ عمر.
هل تفي دمعة بحجم القادم من الوجع.. أم بحجم الماضي من فقدٍ.. لأنسى؟
يا نصفي الآخر من الغياب..
يا هي التي تمادت في جبروت الرحيل..
ترفـّقي!!
حارق طعمهما.. و مرّ كقسوة.. كما لا حياة.
حدّقي في ثغرة من قلبك بدأت.
حدّقي في كفّك التي خنقت عمراً كان مزهواً و صار كـ رشة عطر خبت رائحته بعد انتشاء.
أخشى حين ألقاكِ يوماً أقول بعد رفات طويل:
( هذا رمادي.. انثريه في دمك حيث ابتدأت و انتهيت )..
اكتبي على شاهدتي ( موسوم قلبه باليُتم.. و مُعلنة روحه للوحشة ) ..
عسى إن مر بها نبض -فيكِ متيّم- يُغريه بالهرب، ليعلن أنّ لا مُعين على زمن القلب أكبر ثغراته.. و الذاكرة أسوء ما فيه.
أوراقي -بسببكِ- تشي بصعوبة.. حين لا فائدة من بوح تخذله الأرواح..
أصبح للحبر طعم " جريمة " و للورق مذاق حديث عجز صاحبه عن الإفصاح به.. حتى تطاول و ركن إلى سكون؟!
الآن..
أحملُ على كتفي تاريخ أفولها و ذاكرة أعتذر بها عن الأمل. اختصر العمر الذي ولّى.. بها ودونها.. بالطور التالي للاحتضار.
تُطلق الأمانيّ.. ألقاً.. في انحسار الغيب و اطباق النور على الوجود.. كغد تنصّل من مهامه و قرّر الانطفاء.
وكأنها…
حين غُيّب عنها الوجع ارتدت الحداد يقيناً.. و ذَهُلت، تحيك حياتها ( وحياتي ) مع المطر. و كنت مجرد حضور لـ زمن سـ " ينتهي "!
الصدق ( أيضاً ).. غواية المطر!
له رائحة يشتمّها الحزانى.. و يتتبعها الغاوون أول الهطول و آخر الاخضرار.. الغافون في زمن يُتقن التطرّف في الاشتعال!
و كرماً.. أهبهم لك واحداً واحداً.. يامطر.. بلا مواربة و لا تنصل. بدون التورط في حزنهم و غيّهم.. و نبضهم.. و بلا قيد سوى أن تهبني ما شئتَ.. عدا.. ذاكرة يتيمة تتوحد معها الأشياء.. و تطّوف بي الأرجاء دونهم..
و سأمتنّ كثيراً.
سأرضى.. إن جئتني -أيضاً- بدمع تصحو عليه عيني.. و دفء يستفيق به نبضي و قلب لأبكي فيه و يبكي معي..
و سأرضى أيضاً.. إن منحت الشوق سئماً و سبيلاً يجمعني و آخره.
ثق أنّه لاشيء سيضيق بعد و المسافات و غيابنا يفيان بذلك أصلاً.. يا مطر.
مُدّ كما شئت وداعاً.. فلا أحد سيبقى ؟!
- استفتِ قلبك.. إذن.
…………………. ( قلبك المنكسر ) !
____ هوامش _________________
1- الكاتب ويل ديورانت، كتاب مختصر قصة الحضارة.
2- مسلسل ملوك الطوائف، على لسان المعتمد بن عباد.
3- أمين صالح، رواية رهائن الغيب.
تعليق