حسن جارالله والنابغة الذبياني
حسن جارالله والنابغة الذبياني
رأيت فيما يرى النائم أني وصديقي حسن جارالله نتجول في سوق عكاظ, فرأينا خيمة عظيمة , يؤمها خلق كثير, قلت :ياحسن ماهذه الخيمه؟ قال: هذه خيمة النابغة الذبياني , وهؤلاء الشعراء يذهبون إليه ليحكّم بينهم , قلت : فلنذهب لنحضر هذا اللقاء .
ذهبنا إلى الخيمة وجلسنا في زاوية منها وإذا النابغة قد أقبل وجلس على كرسيه وهو يقول :
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم***وبقيت في خلفٍ كجلدِ الأجربِ
قلت ماذا يقصد ياحسن قال : لا أدري ولكن الظاهر أنه بيت شعر.
فقام أحد الشعراء ليُلقي قصائده على النابغة , قلت : ياحسن من هذا ؟؟ قال : هذا بدر بن عبد المحسن , فألقى عدة قصائد فقال النابغة: يا هذا شعرك جميل ولكن يشوبه نظم كثير ,قلت:يا حسن ..ما الفرق بين الشعر والنظم؟ ,فقال : "ما قد مرت علي"
ثم قام شاعر آخر , فقلت :يا حسن من هذا , فقال : هذا خالد الفيصل , فألقى عدة قصائد فسكت النابغة طويلاً ثم قال : يا هذا , شعرك جميل ولكن عندما تقول:
"يا ليل خبرني عن أمر المعاناة **هي من صميم الذات وإلا أجنبية"
فهذا سؤال من لم يذق المعاناة , ولو ذقتها لعرفتها ولم تسأل .
ثم قام شاعر آخر وألقى قصيدة وعندما وصل إلى البيت الرابع قال له النابغة : حسبك .. فلو لم تقل إلا هذا البيت لكفاك , قلت :يا حسن أليس هذا ابن جدلان؟ , قال :نعم , قلت: فما البيت الذي أعجب النابغة , قال : قوله:
بياض وجهه يغلب أكثر حَمَاره**يشبه غضب محشومةٍ دمّها حار
ثم قام شاعر آخر وارتجل قصيدة حماسية قوية اهتزت لها أرجاء الخيمة فقال حسن : هذا خلف بن هذال , فقال النابغة: يا هذا إلقاؤك أفضل من شعرك .
ثم أتت عجوز وألقت قصيدة رنّانة , قلت : يا حسن ,أليست هذه بخّوت المريّة؟ , قال : بلى , فأثنى عليها النابغة وقال : أنتِ عميدة الشاعرات ولكن حين تقولين :
"عيّدوا بي في الخلا والفريق معيّدين ........................."
ما تدرين اللي مثلك ما يعيّد به؟ فضحكت العجوز وانصرفت .
ثم أتت شاعرة أخرى لفتت انتباه الجميع بجمالها حتى النابغة , فقال حسن : هذي أكيد تعرفها بشاير الشيباني,فألقت عدة قصائد أمام النابغة ولكن النابغة لم يعلق بل ظل مشدوهاً ينظر إليها حتى ذهبت , قلت : ياحسن حفظت من شعرها شيء ؟؟ فقال: لا!!!!!
ثم قام شاعر آخر يلقي قصائده,فقال حسن:هذا خالد المريخي , وعندما انتهى قال النابغة :يا هذا معانيك لا تتعدى سقف هذه الخيمة وأسلوبك في الإلقاء لا يتعدى من سبقك , قلت :يا حسن من الذي سبقه؟ , قال :لا أدري.
ثم أتى محمد بن الذيب فألقى عدة قصائد تعجّب لها الجميع حتى حسن جارالله ,فقال النابغة:لله درك من شاعر ولكن حين تقول :
"قالت ابن الذيب قلت ايّه قالت عطني قصيدة **قلت يا لبيه ذعذع يا نسيم ويا وجودي"
فالشطر الأول غير موزون وحين تقول:
"عربجي وأتعب على البيت القوي وأقدر وأجيده ....................."
فالشاعر الحق يأتيه الشعر بسهوله ولا يتعب عليه .
ثم أتت شاعرة مبرقعة فعرفها الجميع إنها المبرقعة , فألقت قصيدة , فقال النابغة: معانيك قوية وألفاظك جزلة ولكن حين تقولين:
"وحدي وصلت العز لآخر موانيه**أنثى ولكني عن ألفين رجّال"
فقد أخطأتي في الشطر الأول خطأين , فالأول قلتِ "وحدي" والكثير قبلك وبعدك وصلوا للعز والثاني "لآخر موانيه" فالعز ليس له حد ولا ميناء.
ثم جاء علي بن الحمري فألقى قصيدة طويلة , فأثنى عليه النابغة وقال : أنت شاعر لا تجارى ولكن حين تقول :
كيف أصب عروق دمي في جسدها ** كيف أخلي ديرة الوصل معموره
عروق دمي ؟!!!!!!!!!! أظنك تقصد دم عروقي لكن جل من لا يسهو.
ثم أتت شاعرة أظنها الراسية فألقت عدة قصائد فأَعجب النابغة بشعرها وقال : هل تقربين لتلك العجوز " يقصد بخّوت"؟ قالت: نعم هي عمْتي (يعني عمّتي) فقال : شعركِ يًشبه شعرها ولكن حين تقولين :
"راح الغلا لعنبو جدك على جدي *** لعنبو الغلا واللي يجيب طاريّه"
"هذا اللي حصّله جدّكِ منك؟؟!!"
ثم جاء شاعر آخر فألقى قصيدة جميله قلت من هذا يا حسن؟ قال :هذا ضيدان بن قضعان , فقال النابغة : لولا أني سمعت ابن جدلان قبلك لقلت أنت أشعر من سمعت, ولكن حينما ذكرت شعراء المعلقات السبع بقولك:
الأعشى وعمرو وطرفة بن العبد والعبسي ثبات**والنابغة وابن ربيعة وابن أبي سلمى زهير
فها أنا أمامك وقد ذكرتني معهم ولكني لست منهم,ثم انك لم تذكر امرؤ القيس وهو أشهرهم جميعاً .
وفجأة قام حسن جارالله وألقى قصيدة رنّانة أمام النابغة فنظرت إليه متعجّباً وقلت : منذ متى تقول الشعر يا حسن وأنا أعهدك " ما تركب كلمتين "؟؟ فابتسم ونظر إليّ وقال : لا تنسى أننا في حلم.
حسن جارالله والنابغة الذبياني
رأيت فيما يرى النائم أني وصديقي حسن جارالله نتجول في سوق عكاظ, فرأينا خيمة عظيمة , يؤمها خلق كثير, قلت :ياحسن ماهذه الخيمه؟ قال: هذه خيمة النابغة الذبياني , وهؤلاء الشعراء يذهبون إليه ليحكّم بينهم , قلت : فلنذهب لنحضر هذا اللقاء .
ذهبنا إلى الخيمة وجلسنا في زاوية منها وإذا النابغة قد أقبل وجلس على كرسيه وهو يقول :
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم***وبقيت في خلفٍ كجلدِ الأجربِ
قلت ماذا يقصد ياحسن قال : لا أدري ولكن الظاهر أنه بيت شعر.
فقام أحد الشعراء ليُلقي قصائده على النابغة , قلت : ياحسن من هذا ؟؟ قال : هذا بدر بن عبد المحسن , فألقى عدة قصائد فقال النابغة: يا هذا شعرك جميل ولكن يشوبه نظم كثير ,قلت:يا حسن ..ما الفرق بين الشعر والنظم؟ ,فقال : "ما قد مرت علي"
ثم قام شاعر آخر , فقلت :يا حسن من هذا , فقال : هذا خالد الفيصل , فألقى عدة قصائد فسكت النابغة طويلاً ثم قال : يا هذا , شعرك جميل ولكن عندما تقول:
"يا ليل خبرني عن أمر المعاناة **هي من صميم الذات وإلا أجنبية"
فهذا سؤال من لم يذق المعاناة , ولو ذقتها لعرفتها ولم تسأل .
ثم قام شاعر آخر وألقى قصيدة وعندما وصل إلى البيت الرابع قال له النابغة : حسبك .. فلو لم تقل إلا هذا البيت لكفاك , قلت :يا حسن أليس هذا ابن جدلان؟ , قال :نعم , قلت: فما البيت الذي أعجب النابغة , قال : قوله:
بياض وجهه يغلب أكثر حَمَاره**يشبه غضب محشومةٍ دمّها حار
ثم قام شاعر آخر وارتجل قصيدة حماسية قوية اهتزت لها أرجاء الخيمة فقال حسن : هذا خلف بن هذال , فقال النابغة: يا هذا إلقاؤك أفضل من شعرك .
ثم أتت عجوز وألقت قصيدة رنّانة , قلت : يا حسن ,أليست هذه بخّوت المريّة؟ , قال : بلى , فأثنى عليها النابغة وقال : أنتِ عميدة الشاعرات ولكن حين تقولين :
"عيّدوا بي في الخلا والفريق معيّدين ........................."
ما تدرين اللي مثلك ما يعيّد به؟ فضحكت العجوز وانصرفت .
ثم أتت شاعرة أخرى لفتت انتباه الجميع بجمالها حتى النابغة , فقال حسن : هذي أكيد تعرفها بشاير الشيباني,فألقت عدة قصائد أمام النابغة ولكن النابغة لم يعلق بل ظل مشدوهاً ينظر إليها حتى ذهبت , قلت : ياحسن حفظت من شعرها شيء ؟؟ فقال: لا!!!!!
ثم قام شاعر آخر يلقي قصائده,فقال حسن:هذا خالد المريخي , وعندما انتهى قال النابغة :يا هذا معانيك لا تتعدى سقف هذه الخيمة وأسلوبك في الإلقاء لا يتعدى من سبقك , قلت :يا حسن من الذي سبقه؟ , قال :لا أدري.
ثم أتى محمد بن الذيب فألقى عدة قصائد تعجّب لها الجميع حتى حسن جارالله ,فقال النابغة:لله درك من شاعر ولكن حين تقول :
"قالت ابن الذيب قلت ايّه قالت عطني قصيدة **قلت يا لبيه ذعذع يا نسيم ويا وجودي"
فالشطر الأول غير موزون وحين تقول:
"عربجي وأتعب على البيت القوي وأقدر وأجيده ....................."
فالشاعر الحق يأتيه الشعر بسهوله ولا يتعب عليه .
ثم أتت شاعرة مبرقعة فعرفها الجميع إنها المبرقعة , فألقت قصيدة , فقال النابغة: معانيك قوية وألفاظك جزلة ولكن حين تقولين:
"وحدي وصلت العز لآخر موانيه**أنثى ولكني عن ألفين رجّال"
فقد أخطأتي في الشطر الأول خطأين , فالأول قلتِ "وحدي" والكثير قبلك وبعدك وصلوا للعز والثاني "لآخر موانيه" فالعز ليس له حد ولا ميناء.
ثم جاء علي بن الحمري فألقى قصيدة طويلة , فأثنى عليه النابغة وقال : أنت شاعر لا تجارى ولكن حين تقول :
كيف أصب عروق دمي في جسدها ** كيف أخلي ديرة الوصل معموره
عروق دمي ؟!!!!!!!!!! أظنك تقصد دم عروقي لكن جل من لا يسهو.
ثم أتت شاعرة أظنها الراسية فألقت عدة قصائد فأَعجب النابغة بشعرها وقال : هل تقربين لتلك العجوز " يقصد بخّوت"؟ قالت: نعم هي عمْتي (يعني عمّتي) فقال : شعركِ يًشبه شعرها ولكن حين تقولين :
"راح الغلا لعنبو جدك على جدي *** لعنبو الغلا واللي يجيب طاريّه"
"هذا اللي حصّله جدّكِ منك؟؟!!"
ثم جاء شاعر آخر فألقى قصيدة جميله قلت من هذا يا حسن؟ قال :هذا ضيدان بن قضعان , فقال النابغة : لولا أني سمعت ابن جدلان قبلك لقلت أنت أشعر من سمعت, ولكن حينما ذكرت شعراء المعلقات السبع بقولك:
الأعشى وعمرو وطرفة بن العبد والعبسي ثبات**والنابغة وابن ربيعة وابن أبي سلمى زهير
فها أنا أمامك وقد ذكرتني معهم ولكني لست منهم,ثم انك لم تذكر امرؤ القيس وهو أشهرهم جميعاً .
وفجأة قام حسن جارالله وألقى قصيدة رنّانة أمام النابغة فنظرت إليه متعجّباً وقلت : منذ متى تقول الشعر يا حسن وأنا أعهدك " ما تركب كلمتين "؟؟ فابتسم ونظر إليّ وقال : لا تنسى أننا في حلم.
تعليق