كلما ركبت قطار أو طائره تأملت نفسي ومن حولي فأجد أن كل الركاب الذين تجمعهم الأقدار في رحلة سفر يحرصون على أن يتعاملوا فيما بينهم برقه وأدب وعطف متبادل واستعداد للمجاملة والحرص على مشاعر الآخرين لأنهم يعرفون أنهم رفاق سفر لن يطول وسوف يفترقون بعده ويذهب كل منهم إلى وجهته لذا فهم يترفعون خلال هذه الرحلة القصيرة عن الصغائر........ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نهون نحن رحلة الحياة على أنفسنا وعلى أحبتنا من متاعب السفر في هذه الدنيا بمثل هذه الروح وهذه المعاملة وبمثل هذا التعاطف المتبادل ، فرحلة الحياة قصيرة مهما طالت ..فالكاتب :" هنريك إبسن " يقول في مسرحيته :" سيد البناءين " على لسان الجيل القديم : سيأتيني يوما من يطرق بابي ليقول لي : أفسح لي الطريق فأنا الجيل الجديد " . وللإمام علي ابن أبى طالب رضي الله عنه كلمه جميلة وحكمه بليغة يقول فيها :" خالطوا الناس مخالطة أن متم بكوا عليكم ، وإن عشتم حنو عليكم "
الله كم لهذه العبارة من صدى بليغ يمتد بين المسافات والطرقات ليقرع باب كل القلوب المتعبة والمنهكة .. فنحن في النهاية لسنا سوى أشخاص عاديين من " تراب الإنسانية " على حد تعبير الفيلسوف " نيتشه " لا يلتفت إلينا ولا يخطب ودنا ولا يتذلل لنا أحد لكنه " الغرور " نعمة الله لأصحاب النفوس الضعيفة والمريضة كما يقول لنا " شكسبير " لأنه يعوضهم عن نقصهم وتفاهتهم ويصور لهم أن الشمس لا تشرق في الصباح إلا لكي تلقي بضيائها على وجوههم .
إن بعض البشر تمتلئ قلوبهم بالحقد فيضيع الزمن من بين أيديهم رغم كل الذي يريدون أن يفعلوه من اجل أن لا تفلت الحياة من قبضة أيديهم وينسون بأن الحقد من مظاهر الضعف البشري ، ينتاب الإنسان في لحظات من الضيق. وبعض البشر تأكل الحيرة قلوبهم فلا يعودون يعرفون أي طريق يسلكون فتتوه بهم الأقدام وتضيع فيهم الشوارع والأزمنة والموانئ.... وبعض البشر تمتلئ نفوسهم بالإحساس بالحب والخير والعطاء ويجيدون صنع حياتهم ويعرفون أين يضعون أقدامهم ومشاعرهم في هذه الحياة فيملؤها بالحب والأمل تمنح النماء والعطاء والصفاء لكل ما يحيط بهم رغم كل ما يجدونه من إحباطات وما يتعرضون له من خيبات وما يجدونه من خيانات .
إن قلوبنا ورقة بيضاء نملأها نحن بالخطوط الزمنية وبكلمات الحب والصدق ، نحن لا نعرف زمن حشدها بالمعاني ولا نستطيع اختيار الكلمات التي تكتب عليها لكننا نستطيع منع تراكمات غبار الحزن وحبر الحقد والحسد الأسود أن يقع عليه أو يطبع لونه على سطورها ....
إن أبسط تعبير وأدق توضيح للحياة هو قول حبيبنا محمد صلى الله عليها أنها مثل الشجرة التي يستظل بها المسافر لفترة قليلة من الزمن ثم يتركها ويرحل مكملا رحلته وسفره ولعل أيضا تعبير " فندق البحر " هو التعبير الأدبي والشعري الذي وصف به شاعر الألمان " جوته " في محاوراته مع صديقه الناقد الشاب " إكرامان " والذي ترجم لحياته وسجل العديد من آرائه فقال له :" حين التفت إلى الوراء وأفكر في قلة عدد الباقين معي منذ أيام الشباب أرى الدنيا كفندق صغير من فنادق الشواطئ التي نلجأ إليها في الصيف ، فحين نصل إليها نصادف من وجدناه قبلنا فلا يمضي وقت طويل حتى يغادر هؤلاء الفندق لانتهاء إجازتهم ويؤلمنا رحيلهم ونتحول نحن إلى الجيل التالي من النزلاء وتقوى العلاقات بيننا وبينهم ، لكنهم يذهبون هم أيضا ويتركوننا وحدنا مع الجيل الثالث الذي يجئ إلى الفندق ونحن نهم بالرحيل عنه ونغادره بالفعل بغير أن تكون هناك بيننا وبينهم أي علاقة ".
إننا في هذه الدنيا لا نملك الحب فقط بل نمتلك الإنسانية والقدرة على زرع السعادة في قلوب الناس والابتسامة على شفاههم وان نمنعهم من الحزن و الألم والحرمان .. فإذا كنا نستطيع أن نزرع زهره جميلة في قلب ودرب إنسان ما في لحظه ما فلماذا لا نفعل ذلك ونبخل عليه بها .
وإذا كنا نستطيع أن نجنب شخصا ما في لحظة ما من أن نجرح قلبه ومشاعره فلماذا لا نفعل ذلك..........
إننا نستطيع أن نجرح شخصا ما ثم نعتذر إليه لكننا لا نستطيع أبدا أن نمحي ذلك الجرح أو أن نزيل مرارته .إنني أجد صعوبة في فهم بعض تصرفات البشر الذي يضيعون من أيديهم فرصة الأيام ويفسدوا على أنفسهم وعلى أحبائهم بالشقاق والجفاء والنزاع حول اتفه الأسباب وكأن الحياة لن تنتهي أبدا وكأنهم لن يفقدوا وجوه أحبتهم يوما ولن يتمكنوا من رؤية وجوههم ذات لحظة .. وتقرأ في رواية " الفضيلة " للمنفلوطي حكمة معبرة وجميلة تقول :" أعلموا أن الحياة أبسط من تحتاج إلي كل هذه الجلبة والضوضاء فخذوها من أقرب وجوهها وألين جوانبها واقنعوا منها بالكفاف الذي يمسك الحدباء ويعين على المسير فإنما انتم مارون لا مقيمون ومجتازون لا قاطنون ولا يوجد بؤس في العالم أعظم من بؤس رجل مسافر نزل على عين ماء ليطفئ بردها غلته ويجد في ظلالها راحته ساعة من نهار ثم يمضي لسبيله فصدف عنها وظل يشتغل بحفر عين أخرى بجانبها فلم يكد يبلغ قاعها حتى قد كان نال منه الجهد فهلك دون مرامه ضما وإعياء " .
إننا في النهاية لا نمتلك كل شئ وأيضا لا نجد كل شئ .. ولكننا يجب أن نقنع بالقليل وان نرضى بحصولنا على جزء مما نحلم ونريد وان نقطع خطوات مسافة العمر بهدوء ورضى وتقبل وان نرى جوانب عديدة مضيئة في الحياة رغم غموضها وهشاشتها ومن بينها الحب .. والحب أن تعطي دون أن تفكر لحظة واحدة في أن تأخذ ..
إن الحياة كالبحر تصفو أحيانا وتضطرب أحيانا وجدير بنا أن نتقبل هدوءها وعواصفها على السواء .
شجاع
الله كم لهذه العبارة من صدى بليغ يمتد بين المسافات والطرقات ليقرع باب كل القلوب المتعبة والمنهكة .. فنحن في النهاية لسنا سوى أشخاص عاديين من " تراب الإنسانية " على حد تعبير الفيلسوف " نيتشه " لا يلتفت إلينا ولا يخطب ودنا ولا يتذلل لنا أحد لكنه " الغرور " نعمة الله لأصحاب النفوس الضعيفة والمريضة كما يقول لنا " شكسبير " لأنه يعوضهم عن نقصهم وتفاهتهم ويصور لهم أن الشمس لا تشرق في الصباح إلا لكي تلقي بضيائها على وجوههم .
إن بعض البشر تمتلئ قلوبهم بالحقد فيضيع الزمن من بين أيديهم رغم كل الذي يريدون أن يفعلوه من اجل أن لا تفلت الحياة من قبضة أيديهم وينسون بأن الحقد من مظاهر الضعف البشري ، ينتاب الإنسان في لحظات من الضيق. وبعض البشر تأكل الحيرة قلوبهم فلا يعودون يعرفون أي طريق يسلكون فتتوه بهم الأقدام وتضيع فيهم الشوارع والأزمنة والموانئ.... وبعض البشر تمتلئ نفوسهم بالإحساس بالحب والخير والعطاء ويجيدون صنع حياتهم ويعرفون أين يضعون أقدامهم ومشاعرهم في هذه الحياة فيملؤها بالحب والأمل تمنح النماء والعطاء والصفاء لكل ما يحيط بهم رغم كل ما يجدونه من إحباطات وما يتعرضون له من خيبات وما يجدونه من خيانات .
إن قلوبنا ورقة بيضاء نملأها نحن بالخطوط الزمنية وبكلمات الحب والصدق ، نحن لا نعرف زمن حشدها بالمعاني ولا نستطيع اختيار الكلمات التي تكتب عليها لكننا نستطيع منع تراكمات غبار الحزن وحبر الحقد والحسد الأسود أن يقع عليه أو يطبع لونه على سطورها ....
إن أبسط تعبير وأدق توضيح للحياة هو قول حبيبنا محمد صلى الله عليها أنها مثل الشجرة التي يستظل بها المسافر لفترة قليلة من الزمن ثم يتركها ويرحل مكملا رحلته وسفره ولعل أيضا تعبير " فندق البحر " هو التعبير الأدبي والشعري الذي وصف به شاعر الألمان " جوته " في محاوراته مع صديقه الناقد الشاب " إكرامان " والذي ترجم لحياته وسجل العديد من آرائه فقال له :" حين التفت إلى الوراء وأفكر في قلة عدد الباقين معي منذ أيام الشباب أرى الدنيا كفندق صغير من فنادق الشواطئ التي نلجأ إليها في الصيف ، فحين نصل إليها نصادف من وجدناه قبلنا فلا يمضي وقت طويل حتى يغادر هؤلاء الفندق لانتهاء إجازتهم ويؤلمنا رحيلهم ونتحول نحن إلى الجيل التالي من النزلاء وتقوى العلاقات بيننا وبينهم ، لكنهم يذهبون هم أيضا ويتركوننا وحدنا مع الجيل الثالث الذي يجئ إلى الفندق ونحن نهم بالرحيل عنه ونغادره بالفعل بغير أن تكون هناك بيننا وبينهم أي علاقة ".
إننا في هذه الدنيا لا نملك الحب فقط بل نمتلك الإنسانية والقدرة على زرع السعادة في قلوب الناس والابتسامة على شفاههم وان نمنعهم من الحزن و الألم والحرمان .. فإذا كنا نستطيع أن نزرع زهره جميلة في قلب ودرب إنسان ما في لحظه ما فلماذا لا نفعل ذلك ونبخل عليه بها .
وإذا كنا نستطيع أن نجنب شخصا ما في لحظة ما من أن نجرح قلبه ومشاعره فلماذا لا نفعل ذلك..........
إننا نستطيع أن نجرح شخصا ما ثم نعتذر إليه لكننا لا نستطيع أبدا أن نمحي ذلك الجرح أو أن نزيل مرارته .إنني أجد صعوبة في فهم بعض تصرفات البشر الذي يضيعون من أيديهم فرصة الأيام ويفسدوا على أنفسهم وعلى أحبائهم بالشقاق والجفاء والنزاع حول اتفه الأسباب وكأن الحياة لن تنتهي أبدا وكأنهم لن يفقدوا وجوه أحبتهم يوما ولن يتمكنوا من رؤية وجوههم ذات لحظة .. وتقرأ في رواية " الفضيلة " للمنفلوطي حكمة معبرة وجميلة تقول :" أعلموا أن الحياة أبسط من تحتاج إلي كل هذه الجلبة والضوضاء فخذوها من أقرب وجوهها وألين جوانبها واقنعوا منها بالكفاف الذي يمسك الحدباء ويعين على المسير فإنما انتم مارون لا مقيمون ومجتازون لا قاطنون ولا يوجد بؤس في العالم أعظم من بؤس رجل مسافر نزل على عين ماء ليطفئ بردها غلته ويجد في ظلالها راحته ساعة من نهار ثم يمضي لسبيله فصدف عنها وظل يشتغل بحفر عين أخرى بجانبها فلم يكد يبلغ قاعها حتى قد كان نال منه الجهد فهلك دون مرامه ضما وإعياء " .
إننا في النهاية لا نمتلك كل شئ وأيضا لا نجد كل شئ .. ولكننا يجب أن نقنع بالقليل وان نرضى بحصولنا على جزء مما نحلم ونريد وان نقطع خطوات مسافة العمر بهدوء ورضى وتقبل وان نرى جوانب عديدة مضيئة في الحياة رغم غموضها وهشاشتها ومن بينها الحب .. والحب أن تعطي دون أن تفكر لحظة واحدة في أن تأخذ ..
إن الحياة كالبحر تصفو أحيانا وتضطرب أحيانا وجدير بنا أن نتقبل هدوءها وعواصفها على السواء .
شجاع
تعليق