هي المرة الأولى في النداوي التي أطل فيها بمقال، وأرجو أن يكون خفيفاً على نفوسكم ...
الأسماء ..
هذا العالم الغريب الذي يحوي الكثير من الأسرار، والأمور الغامضة المختبئة خلف كل اسم يحمله شخص لا علاقة له بشخص آخر يحمل الاسم نفسه، هناك أسماء تمر علينا في كل يوم، البعض منها نسمعه ويتكرر علينا ويكون نفس الاسم ولكنه يُطلق على أشخاص مختلفين جداً، أو متشابهين جداً، ولكن الأكيد أنهم يكونون في أماكن مختلفة ولا يكون هناك علاقة قائمة بينهم،و البعض منها يمر علينا في العمر مرةً واحدة، لايتكرر علينا أبداً، نسمع به يُطلق على شخص واحد فقط، ربما كان الكثير من الناس يتسمون به، ولكننا لا نعرف من الناس من يُسمى به إلا شخصاً واحداً وما أن يمر علينا هذا الاسم حتى يخفق له القلب لأن الصورة المرتسمة في الخيال لهذا الاسم هي صورة واحدة!
ولكل منا طريقة اكتسب بها اسمه، فالأغلب في الخليج مثلاً يُسمى على شخصٍ عُرف بالطيب أو يسمى على أحد أقاربه الكبار في السن وهكذا،والغريب في طريقة اكتساب الاسم هو اكتساب الاسم عن طريق رؤيا رآها والده، أو والدته أثناء فترة الحمل، وربما تكون أسماء غريبة ينطق بها هاتفٌ يقول لصاحب الرؤيا بأنه سيُرزقُ ولداً وعليه أن يُسميه فلاناً، أو بنتاً ويُسميها فلانة، وقد حدث هذا الأمر الغريب مع إحدى صديقاتي حيث أتاها هاتفٌ في ليلة الولادة وقال لها أن تحمل طفلة واسمها:"..." وعليها أن تحفظها من الناس، وقد استغربتِ الطلب، ولكنها طبقت الرؤيا فأسمت طفلتها بالاسم المذكور، ولا أستطيع أن أذكر اسم الطفلة هنا فهو اسم غريب ولم أسمع به قط في حياتي، وهو اسمٌ جميلٌ بالفعل يعني أحد أمرين: إما بقايا الأطلال، أو آثار خُطى الإبل على الرمال! وكانت تلك هي المرة الأولى التي تسمع فيها الوالدة والآخرين هذا الاسم، وقد استغرب الجميع الاسم ولكنهم في النهاية أثنوا عليه بعد أن اعتادته آذانهم، وأحبوا الطفلة التي زادت الاسم جمالاً على جمال، وهذا يجرني إلى نقطة أن الأسماء تكتسب جمالاً يضفيه عليها أصحابها، فقد يكون الاسم عادياً ومكرراً ولكن صاحبه بطيبه وجمال روحه أضفى عليه رونقاً خاصاً زاد الاسم بريقاً وألقاً، وقد يحدث العكس فقد يكون الاسم جميلاً ولكنّ صاحبه وبسوء خلقه وتعامله يجعل الاسم قبيحاً حتى وإن كان يحمله شخصٌ غيره لأنه قد ارتبط بشخصٍ مكروه من قبل السامعين.
يُقال أيضاً أن "لكل إنسان نصيبٌ من اسمه!" فالاسم المرافق لصاحبه لابد أن ينعكس شيءُ منه عليه، فـ.."كريم" مثلاً لابد أنه كريمٌ بشكل أو بآخر، و"سعيد" أيضاً ربما كان من السعداء، و"أسامة" الذي يعني الأسد وما نعرفه عن الأسد من الشجاعة والشراسة هو بالتأكيد يحمل شيئاً من هذه الصفات، و "بسمة" كفتاة لابد أن اسمها قد أثّر عليها بشكل أو بآخر فلابدّ أن تكون الابتسامة مرافقةً لها لأنها إن نسيتها لدقائق عاد من يذكرها بها عندما يناديها:"بسمة"، وهكذا..
ومن الأسماء من تجد أنّ صفات صاحبها مناقضةٌ للمعنى الجميل للاسم، فـ"حسن" مثلاً يمكن له أن يكون شخصاً عاديَّ الوسامة وربما تكون له صلةٌ بالحُسن البتة، و من الممكن أن يكون لشخص اسمه "مطر" صفة سيئة جداً وهي البخل الشديد، والمطر كما معروف أنه صفة ملازمة للشخص الكريم، ومن الممكن أن يكون "صابر" من أكثر الناس تذمراً واستياءاً من كل شيءٍ يمرُّ عليه في يومه حتى وجهه في المرآة!
بالنسبة لعشق الأشخاص لأسماء معينة، فقد كنتُ ممن مروا بهذه التجربة، فقد كنتُ أعشق اسماً نسائياً معروفاً في الشعر العربي القديم والحديث كمحبوبة للشعراء، كنت أحبُّ هذا الاسم ومعجبة به إعجاباً شديداً ومن الغريب أني لم أعرف فتاةً تحمل هذا الاسم أبداً، وكنتُ قد عقدتُ العزم على أن تحمل إحدى بناتي هذا الاسم إن منّ الله عليّ بطفلة، وتمر عليّ الأيام فأجدني في الجامعة وقد جلستُ إلى إحدى الفتيات، ولما سألتها عن اسمها قالت لي أنه "....." وهو الاسم ذاته الذي أعشقه، فما كان مني إلا أن قلت لها أني أعشق هذا الاسم فأشارت إلى أنَّ اسمها لا يعني لها شيئاً بل على العكس فهي لا تشعر بانتماءٍ إليه، فدار بيننا نقاش تلاه آخر وتعددت المواضيع، فصارت صاحبة الاسم من أعز أعز صديقاتي اللائي أثَّرن فيّ، فكان اسمها سبباً في صداقة متينة تربطني بإنسانةٍ أول ما جذبني إليها هو اسمها، إنه فعلاً سحر الأسماء.
ومن الأسماء ما يُقدر بالملايين وبعضها بالمليارات، فأن يُعرض "فيلم سينمائيّ" ويكون قد حمل إعلانه اسم أحد مشاهير "هوليوود"، فهذا يعني أن إقبالاً شديداً على هذا "الفيلم" سيكون النتيجة، فكان لصاحب هذا الاسم أن عاد بالعوائد العظيمة على شركة الإنتاج التي أحسنت استغلال الاسم وقدرته حق قدره،وهذا ما يحدث مع الكتب والمجلات والمقالات والقصائد، فاسم المؤلف أو الشاعر يُحدثُ تأثيراً كبيراً على مسيرة البيع والعوائد المالية الضخمة، فالناس تتأثر بالأسماء أكثر من تأثرها بالمنتج الذي يصل إلى عينها وفكرها، فتثق بأنها مثلاً ستقرأ شيئاً جميلاً وأنيقاً كما اعتادت من الأسماء التي تكرر عليها الجمال وارتبط بها ارتباطاً عميقاً.
وربما كان هذا عيباً في النشر بالنسبة للشعراء الجدد والكتاب الجدد الذين لم تصل أسماؤهم إلى القدر نفسه من القيمة المادية والمعنوية، والتي ربما يمر الكثير من القراء عليها كأن لم يروها!!
وذلك لأن سحر الأسماء القديمة العظيمة التاريخ والمكانة قد سلب العقول والأبصار!
فكان ذلك من سوء طالع الأسماء الجديدة على الرغم من جودة إنتاجها وروعة إبداعها!.
أما أسماؤنا، نحن!
فكم تعني لنا..البعض منا راضٍِ كل الرضى عن اسمه بل هو معجبٌ به، وعاشقٌ له، ومن هذا النوع شقيقةٌ لي تعيش هذه الحالة، ففي كل مرة نناقش فيها موضوع اسمها تحمد الله أن والداي قد اسمياها بهذا الاسم، الذي يعني بحيرة الماء الصغيرة بعد المطر، وهي عاشقة له متيمة به، وكل من يسمع اسمها يثني عليه ويطري، حتى أن إحدى قريباتنا قد أسمت ابنتها عليها، وقد تورطت بطبيعة الحال أختي فيما يُسمى عندنا "بالسماية"!!..وهي عادة قديمة تجري عندنا وعند أغلب أهل الخليج وهي أن يُقدم المُسمى عليه هديةً للمسمى(المولود الجديد)، على أن تكون الهدية جزلة فهو "سميِّهْ" وقد فعلت أختي ما كان في إمكانها!، وفي بعض القبائل يحدث العكس حيث يهدي المسمي (أهل المولود) المسمى عليه هديةً وكأنها ثمن للاسم!، وطبعاً في مثل حالة شقيقتي فكم كانت تودّ لو أننا سرنا على الطريقة الأخيرة في التعامل مع "السماية"!!
ومن الغريب أيضاً في عالم الأسماء أن من تتشابه أسماؤهم يحملون في الغالب صفاتٍ متشابهة، كأن يتَّحدوا في قوة الشخصية، أو المزاجية، أو الكرم، أو التردد، أو الطيبة، أو غيرها من الصفات التي تجمع أصحاب الاسم الواحد، وربما لا يكون الأمر منطبقاً على كل الأسماء،
فعن نفسي وبصدق لم أجد نورةً تحمل صفاتي ولم أُصادق أبداً صديقةً اسمها نورة، وهو أمرٌ أستغربه، وكم وددت أن أصادق نورةً غيري!!
وأمر غريب آخر، يتعلق بالأسماء، وهو أن يُصادق المرء أشخاصاً متعددين لهم نفس الاسم، كأن يُصادق أحدهم ثلاثة أشخاص يدعون محمد ويُكنُّ لهم قدر كبير من الاحترام والتقدير والحب، ويضطر لتسمية كل واحدٍ منهم باسم أبيه ليستطيع التمييز بينهم!، وقد حصل معي هذا، فقد مرّ علي أن كانت لي ثلاث صديقات بنفس الاسم، وثلاث صديقاتٍ أُخريات باسم آخر، وصديقتان بنفس الاسم كذلك، فكان مجموع صديقاتي ثمان صديقاتٍ بثلاثة أسماء!!!.
ومن الغريب أن يقوم أحدهم بمحاولة خطبة إحدى الفتيات فلا يُوفَّق، ثم يعرض عليه أهله فتاةً أخرى بنفس اسم الأولى، ولا يوفّق، ويأتي الحظ بالثالثة لتحمل الاسم نفسه فلا يُوفّق كذلك!، لدرجة أن تعقد من الاسم،وبات يحقد عليّ لأني أحمل الاسم نفسه!،ويشاء القدر أن يكون الحظ حليفه في المرة الأخيرة التي تكون فيها الفتاة قد حملت الاسم نفسه!!!!، هذه ليست حكاية من خيالي، هي أمرٌ واقعٌ قد تعرّض له أحد أشقائي الذي هو مقبلٌ الآن على الزواج، الذي أرجو من الله أن يتمه على خير ولا يتعقد بسبب الاسم!!
الأسماء..
عالم واسع، لا أستطيع اختصاره في سطور قليلةٍ هي وزن هذا المقال، وأظن أن لها علماً قائماً بذاته يدرسها، وهناك الكثير من المعاجم التي تُعالج هذا الأمر، ولكنه خاطر خطر في بالي، بعد فترة انقطعت فيها عن الكتابة وانقطعت فيها عني، فكانت الأسماء سبب صلحٍ بيننا.
أختكم
نورة العاصي
الأسماء ..
هذا العالم الغريب الذي يحوي الكثير من الأسرار، والأمور الغامضة المختبئة خلف كل اسم يحمله شخص لا علاقة له بشخص آخر يحمل الاسم نفسه، هناك أسماء تمر علينا في كل يوم، البعض منها نسمعه ويتكرر علينا ويكون نفس الاسم ولكنه يُطلق على أشخاص مختلفين جداً، أو متشابهين جداً، ولكن الأكيد أنهم يكونون في أماكن مختلفة ولا يكون هناك علاقة قائمة بينهم،و البعض منها يمر علينا في العمر مرةً واحدة، لايتكرر علينا أبداً، نسمع به يُطلق على شخص واحد فقط، ربما كان الكثير من الناس يتسمون به، ولكننا لا نعرف من الناس من يُسمى به إلا شخصاً واحداً وما أن يمر علينا هذا الاسم حتى يخفق له القلب لأن الصورة المرتسمة في الخيال لهذا الاسم هي صورة واحدة!
ولكل منا طريقة اكتسب بها اسمه، فالأغلب في الخليج مثلاً يُسمى على شخصٍ عُرف بالطيب أو يسمى على أحد أقاربه الكبار في السن وهكذا،والغريب في طريقة اكتساب الاسم هو اكتساب الاسم عن طريق رؤيا رآها والده، أو والدته أثناء فترة الحمل، وربما تكون أسماء غريبة ينطق بها هاتفٌ يقول لصاحب الرؤيا بأنه سيُرزقُ ولداً وعليه أن يُسميه فلاناً، أو بنتاً ويُسميها فلانة، وقد حدث هذا الأمر الغريب مع إحدى صديقاتي حيث أتاها هاتفٌ في ليلة الولادة وقال لها أن تحمل طفلة واسمها:"..." وعليها أن تحفظها من الناس، وقد استغربتِ الطلب، ولكنها طبقت الرؤيا فأسمت طفلتها بالاسم المذكور، ولا أستطيع أن أذكر اسم الطفلة هنا فهو اسم غريب ولم أسمع به قط في حياتي، وهو اسمٌ جميلٌ بالفعل يعني أحد أمرين: إما بقايا الأطلال، أو آثار خُطى الإبل على الرمال! وكانت تلك هي المرة الأولى التي تسمع فيها الوالدة والآخرين هذا الاسم، وقد استغرب الجميع الاسم ولكنهم في النهاية أثنوا عليه بعد أن اعتادته آذانهم، وأحبوا الطفلة التي زادت الاسم جمالاً على جمال، وهذا يجرني إلى نقطة أن الأسماء تكتسب جمالاً يضفيه عليها أصحابها، فقد يكون الاسم عادياً ومكرراً ولكن صاحبه بطيبه وجمال روحه أضفى عليه رونقاً خاصاً زاد الاسم بريقاً وألقاً، وقد يحدث العكس فقد يكون الاسم جميلاً ولكنّ صاحبه وبسوء خلقه وتعامله يجعل الاسم قبيحاً حتى وإن كان يحمله شخصٌ غيره لأنه قد ارتبط بشخصٍ مكروه من قبل السامعين.
يُقال أيضاً أن "لكل إنسان نصيبٌ من اسمه!" فالاسم المرافق لصاحبه لابد أن ينعكس شيءُ منه عليه، فـ.."كريم" مثلاً لابد أنه كريمٌ بشكل أو بآخر، و"سعيد" أيضاً ربما كان من السعداء، و"أسامة" الذي يعني الأسد وما نعرفه عن الأسد من الشجاعة والشراسة هو بالتأكيد يحمل شيئاً من هذه الصفات، و "بسمة" كفتاة لابد أن اسمها قد أثّر عليها بشكل أو بآخر فلابدّ أن تكون الابتسامة مرافقةً لها لأنها إن نسيتها لدقائق عاد من يذكرها بها عندما يناديها:"بسمة"، وهكذا..
ومن الأسماء من تجد أنّ صفات صاحبها مناقضةٌ للمعنى الجميل للاسم، فـ"حسن" مثلاً يمكن له أن يكون شخصاً عاديَّ الوسامة وربما تكون له صلةٌ بالحُسن البتة، و من الممكن أن يكون لشخص اسمه "مطر" صفة سيئة جداً وهي البخل الشديد، والمطر كما معروف أنه صفة ملازمة للشخص الكريم، ومن الممكن أن يكون "صابر" من أكثر الناس تذمراً واستياءاً من كل شيءٍ يمرُّ عليه في يومه حتى وجهه في المرآة!
بالنسبة لعشق الأشخاص لأسماء معينة، فقد كنتُ ممن مروا بهذه التجربة، فقد كنتُ أعشق اسماً نسائياً معروفاً في الشعر العربي القديم والحديث كمحبوبة للشعراء، كنت أحبُّ هذا الاسم ومعجبة به إعجاباً شديداً ومن الغريب أني لم أعرف فتاةً تحمل هذا الاسم أبداً، وكنتُ قد عقدتُ العزم على أن تحمل إحدى بناتي هذا الاسم إن منّ الله عليّ بطفلة، وتمر عليّ الأيام فأجدني في الجامعة وقد جلستُ إلى إحدى الفتيات، ولما سألتها عن اسمها قالت لي أنه "....." وهو الاسم ذاته الذي أعشقه، فما كان مني إلا أن قلت لها أني أعشق هذا الاسم فأشارت إلى أنَّ اسمها لا يعني لها شيئاً بل على العكس فهي لا تشعر بانتماءٍ إليه، فدار بيننا نقاش تلاه آخر وتعددت المواضيع، فصارت صاحبة الاسم من أعز أعز صديقاتي اللائي أثَّرن فيّ، فكان اسمها سبباً في صداقة متينة تربطني بإنسانةٍ أول ما جذبني إليها هو اسمها، إنه فعلاً سحر الأسماء.
ومن الأسماء ما يُقدر بالملايين وبعضها بالمليارات، فأن يُعرض "فيلم سينمائيّ" ويكون قد حمل إعلانه اسم أحد مشاهير "هوليوود"، فهذا يعني أن إقبالاً شديداً على هذا "الفيلم" سيكون النتيجة، فكان لصاحب هذا الاسم أن عاد بالعوائد العظيمة على شركة الإنتاج التي أحسنت استغلال الاسم وقدرته حق قدره،وهذا ما يحدث مع الكتب والمجلات والمقالات والقصائد، فاسم المؤلف أو الشاعر يُحدثُ تأثيراً كبيراً على مسيرة البيع والعوائد المالية الضخمة، فالناس تتأثر بالأسماء أكثر من تأثرها بالمنتج الذي يصل إلى عينها وفكرها، فتثق بأنها مثلاً ستقرأ شيئاً جميلاً وأنيقاً كما اعتادت من الأسماء التي تكرر عليها الجمال وارتبط بها ارتباطاً عميقاً.
وربما كان هذا عيباً في النشر بالنسبة للشعراء الجدد والكتاب الجدد الذين لم تصل أسماؤهم إلى القدر نفسه من القيمة المادية والمعنوية، والتي ربما يمر الكثير من القراء عليها كأن لم يروها!!
وذلك لأن سحر الأسماء القديمة العظيمة التاريخ والمكانة قد سلب العقول والأبصار!
فكان ذلك من سوء طالع الأسماء الجديدة على الرغم من جودة إنتاجها وروعة إبداعها!.
أما أسماؤنا، نحن!
فكم تعني لنا..البعض منا راضٍِ كل الرضى عن اسمه بل هو معجبٌ به، وعاشقٌ له، ومن هذا النوع شقيقةٌ لي تعيش هذه الحالة، ففي كل مرة نناقش فيها موضوع اسمها تحمد الله أن والداي قد اسمياها بهذا الاسم، الذي يعني بحيرة الماء الصغيرة بعد المطر، وهي عاشقة له متيمة به، وكل من يسمع اسمها يثني عليه ويطري، حتى أن إحدى قريباتنا قد أسمت ابنتها عليها، وقد تورطت بطبيعة الحال أختي فيما يُسمى عندنا "بالسماية"!!..وهي عادة قديمة تجري عندنا وعند أغلب أهل الخليج وهي أن يُقدم المُسمى عليه هديةً للمسمى(المولود الجديد)، على أن تكون الهدية جزلة فهو "سميِّهْ" وقد فعلت أختي ما كان في إمكانها!، وفي بعض القبائل يحدث العكس حيث يهدي المسمي (أهل المولود) المسمى عليه هديةً وكأنها ثمن للاسم!، وطبعاً في مثل حالة شقيقتي فكم كانت تودّ لو أننا سرنا على الطريقة الأخيرة في التعامل مع "السماية"!!
ومن الغريب أيضاً في عالم الأسماء أن من تتشابه أسماؤهم يحملون في الغالب صفاتٍ متشابهة، كأن يتَّحدوا في قوة الشخصية، أو المزاجية، أو الكرم، أو التردد، أو الطيبة، أو غيرها من الصفات التي تجمع أصحاب الاسم الواحد، وربما لا يكون الأمر منطبقاً على كل الأسماء،
فعن نفسي وبصدق لم أجد نورةً تحمل صفاتي ولم أُصادق أبداً صديقةً اسمها نورة، وهو أمرٌ أستغربه، وكم وددت أن أصادق نورةً غيري!!
وأمر غريب آخر، يتعلق بالأسماء، وهو أن يُصادق المرء أشخاصاً متعددين لهم نفس الاسم، كأن يُصادق أحدهم ثلاثة أشخاص يدعون محمد ويُكنُّ لهم قدر كبير من الاحترام والتقدير والحب، ويضطر لتسمية كل واحدٍ منهم باسم أبيه ليستطيع التمييز بينهم!، وقد حصل معي هذا، فقد مرّ علي أن كانت لي ثلاث صديقات بنفس الاسم، وثلاث صديقاتٍ أُخريات باسم آخر، وصديقتان بنفس الاسم كذلك، فكان مجموع صديقاتي ثمان صديقاتٍ بثلاثة أسماء!!!.
ومن الغريب أن يقوم أحدهم بمحاولة خطبة إحدى الفتيات فلا يُوفَّق، ثم يعرض عليه أهله فتاةً أخرى بنفس اسم الأولى، ولا يوفّق، ويأتي الحظ بالثالثة لتحمل الاسم نفسه فلا يُوفّق كذلك!، لدرجة أن تعقد من الاسم،وبات يحقد عليّ لأني أحمل الاسم نفسه!،ويشاء القدر أن يكون الحظ حليفه في المرة الأخيرة التي تكون فيها الفتاة قد حملت الاسم نفسه!!!!، هذه ليست حكاية من خيالي، هي أمرٌ واقعٌ قد تعرّض له أحد أشقائي الذي هو مقبلٌ الآن على الزواج، الذي أرجو من الله أن يتمه على خير ولا يتعقد بسبب الاسم!!
الأسماء..
عالم واسع، لا أستطيع اختصاره في سطور قليلةٍ هي وزن هذا المقال، وأظن أن لها علماً قائماً بذاته يدرسها، وهناك الكثير من المعاجم التي تُعالج هذا الأمر، ولكنه خاطر خطر في بالي، بعد فترة انقطعت فيها عن الكتابة وانقطعت فيها عني، فكانت الأسماء سبب صلحٍ بيننا.
أختكم
نورة العاصي
تعليق