يقال إن الصراحة نار تحرق الضعيف وتدفئ القوي.. ولأن الأمير الشاعر عبدالعزيز بن سعود (السامر) قوي بشعره ورأيه وصدقه لا يخشى إطلاقاً الصراحة، قلت له قبل بدء اللقاء سوف اسأل عن كل شيء وبكل صراحة ووضوح، فرد عليّ: (خذ راحتك) فأنا أود أن يعرف القارئ الحقيقة كاملة وبكل وضوح،وأَضاف:
جدي الأمير محمد بن سعود الكبير قالوا له نود أن نجري معك لقاء فقال: لست كاذباً، وطالما قبلت المقابلة سأقول الصدق،لذلك سأقول الصراحة شرط ألا تكون تمس الآخرين،ومن هنا بدأ الحوار الذي تحدث من خلاله (شاعر آل سعود) عن العديد من القضايا مثل وضع الشعر الحالي وكذلك المسابقات التي يرعاها من وقت إلى آخر والهدف منها هل هو خدمة نفسه أم خدمة الأدب، كما تحدث عن القرار الذي اتخذه بشأن اعتزاله مجال الكتابة للأغنية، ورد على كافة الأقاويل التي تتردد حول هذا القرار.. والآن إلى التفاصيل:
ـ الشعر والسامر.. كيف تصف العلاقة بينهما الآن؟
أصبح هناك ارتباط مباشر بينهما، فحينما تقول (السامر) تعرف انه الشاعر عبدالعزيز بن سعود،أضف إلى ذلك أنه بفضل من الله سبحانه وتعالى خلال متابعتي لوسائل الإعلام حينما يذكر الشعر يذكر السامر،هذه بلا شك نعمة حباني بها رب العزة والجلال، ثم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) بعد أن شرفني بأعلى وسام وهو لقب (شاعر آل سعود) ولا أحتاج إلى وسام آخر.
ـ بدايتك في الشعر كانت للشهرة أم لصقل موهبتك وحصد محبة الناس؟
أنا منذ صغري كنت قريبا جدا من والدي الأمير سعود بن محمد ، حتى حينما يسافر للخارج لعلاج والدته منيرة بنت عبدالرحمن شقيقة الملك عبدالعزيز كان يأخذني معه ويخرجني من المدرسة ،هذا الالتصاق بالوالد جعلني أحفظ قصائده وأحبها ، والدي والعم عبدالله الفيصل (رحمه الله) والخال محمد السديري (رحمه الله) ، كان الشعر يربطهم برابط قوي وفي اجتماعاتهم كنت دائما أسمع والدي يقول عبدالعزيز يحب الشعر وسيصبح شاعراً،حفظت قصائده ومن ثم بدأت أكتب الشعر وأتذكر أنني كتبت قصيدة أذكر من خلالها بغضي للمدرسة (قالها ضاحكاً)..وكنت حينما أكتب قصيدة أطلع الوالد عليها وكذلك الخال عبدالله بن محمد (رحمه الله) ،وكنت أحصل على التوجيه والإرشاد من قبلهما، من هنا أقول لك أول ما كتبت الشعر لم يكن الهدف الشهرة أما الآن أي شاعر يقول لك أنه لا يكتب للشهرة أشك في مصداقيته باستثناء الوالد سعود بن محمد والذي رفض أن يطبع له ديوان أو أن تنشر قصائده خلال الفترة الأخيرة، كل الشعراء يطمحون للشهرة وكل رجل فيه طموح يطمح للشهرة. الذي لا يطمح للشهرة هو أحد شخصين إما زاهد أو عاجز!
ـ ذكرت أنك تحفظ للوالد ولكن الذي أعرفه (ما شاء الله) أنك تحفظ للكثير من الشعراء أُذهل أحيانا من عملية الحفظ التي تتمتع بها لشعراء قدامى ومعروفين ومغمورين،في الوقت الذي لا يحفظ بعض الشعراء حتى قصائدهم، كيف استطعت فعل ذلك؟
من فضل رب العزة والجلال أحفظ قصائدي وأحفظ قصائد الوالد وأحفظ القصائد الجميلة والقصائد العربية الفصيحة وأحفظ المعلقات وأحفظ القصائد التي تعجبني للآخرين، وبالمناسبة أنا من الناس الذين إذا سمعوا بيت شعر جميل أو قصيدة جميلة أتمنى أنها لو كانت لي،وهذا عكس بعض الشعراء الذين يقولون لدينا ما يكفينا،أنا الشي الجميل أتمنى أن أملكه.
ـ هل تمنيت بالفعل قصائد لشعراء آخرين أن تكون لك ومثل من؟
كثير،تمنيت قصائد و أبيات أن تكون لي ، ولولا خوفي أن يقال أن عبدالعزيز كتب على البيت الفلاني أو القصيدة الفلانية لكتبت على نفس بعض الصورمن جمالها.
ـ للمرة الأولى شاعر يعترف أمامي أنه يتمنى قصائد جميلة للآخرين أن تكون له ويتخلى عن نرجسيته..
(يقاطعني) أقولها بكل فخر وصراحة، أن الشي الجميل يشدني وأقول في نفسي كيف غابت هذه الصورة عني ولم أقلها في إحدى قصائدي.
ـ أعلنت قرار ابتعادك عن الأغنية بالرغم من أنها وسيلة مهمة لانتشار الشاعر كيف اتخذت هذا القرار الشجاع؟
الأغنية كانت سببا في بروزي ولا أنكر هذا الشي، ولكن القرار اتخذته لأسباب شخصية ودينية , من الممكن أن تنشد قصائدي بالدف وفعلت ذلك بالفعل بقصيدتين للأمير سلطان بن عبدالعزيز وقصيدتين للأمير سلمان بن عبدالعزيز وقصيدتين لأخي وصديقي ومن سلب النوم عن عيني الأمير عبدالعزيز بن فهد
ـ الذين لا يعرفونك يرددون خلف الكواليس أن السامر اتخذ هذا القرار بعد أن أصبح المطربون يطلبون مبالغ مالية ضخمة لكي يغنون للشاعر، وبالتالي أردت إغلاق هذا الباب تماماً ماردك؟
هؤلاء الذين يرددون مثل هذا الكلام أقول لهم أنا دفعت للمطربين،ولم يغن لي محمد عبده ببلاش، ولم يغن لي عماد عبدالحليم ببلاش، ولا طلال مداح وعبدالمجيد عبدالله ببلاش ولا صالح الشهري لحن أعمالي ببلاش واسألهم، منحتهم مبالغ لا يستطيع الشعراء الحاضرون أن يمنحوها لهم..!أنا هذه المبالغ لا تهمني ، وما يهمني هو خوف الله سبحانه وتعالى لذلك قررت الابتعاد.
ـ برأيك لماذا يروجون مثل هذا الكلام ويثيرون الزوابع في طريقك؟
لا يعني لي ترويجهم هم أو غيرهم شيئاًَ، أنا يهمني رضا الله سبحانه ثم رضا والدي وأولياء الأمر عني ورضا ذي المكانات من الشعب السعودي أما هؤلاء لا يعنون لي شيئا!
ـ لك العديد من المساجلات مع الشيخ زايد( رحمه الله) والشيخ محمد بن راشد والشيخ سلطان بن زايد والشيخ راشد بن عيسى،ومرشد البذال ،ماذا تعنى لك هذه المساجلات؟
لاشك أنها صقلت موهبتي، لأنها مع أعلام شعر، كذلك لي العديد من المساجلات مع سعود بن بندر (رحمه الله) وعبدالرحمن العطاوي وعبدالله بن عون وطلال الرشيد (رحمه الله) ، أما مساجلاتي الجديدة فهي مع ياسر التويجري فقط.وبعض هذه المساجلات كانت في بداياتي الشعرية وبدون شك أنها نفعتني جداً.
ـ هذه المساجلات وخصوصاً في البدايات كنت تهدف من خلفها إلى إثبات شاعريتك أم ماذا؟
نعم كنت أهدف من خلالها إلى إثبات شاعريتي، والذي لا يهدف لإثبات شاعريته وإثبات وجوده ليس له بيننا مكان في المجتمع، فهو يعتبر مهمشا.
ـ السامر إلى أين يود الوصول بالشعر؟
الشعر جميله جميل.. وقبيحه قبيح، والتخبط فيه كثير، ومع كثرة الفضائيات الآن أصبح يظهر علينا الجيد والرديء، ولكن دائماً البقاء للأفضل، أنا لدي رسالة سامية أود توصيلها للمتلقي،وأود أن أدعم الآخرين وأشجعهم عن طريق المسابقات والتي أضعها على الطريقة الصحيحة وليس المفتعله،وهذا من الواجب عليّ أنا وعلى غيري من الذين يملكون القدرة على إقامة مثل هذه الأشياء، فخذ مثلاً الأمير فيصل بن خالد ودعمه لشعر الرد،أيادية بيضاء لذا نحتاج أكثر من فيصل بن خالد، لأن هناك شعراء يمتلكون القدرة على دعم الشعر ولكنهم لا يفعلون ويدعمون أشياء أخرى!
ـ دعني أكون صريحاً معك وأقول لك إن المسابقات التي تقيمها هناك من يردد أن المراد منها (التكويش) على الساحة؟
ردي على من قال هذا الكلام: لماذا لا يتفضل هو ويضع جوائز للشعر،عندها سأقوم بوضع مسابقته في موقعي الخاص ولكن من يدفع!
ـ هناك جانب آخر وهو أن الأصدقاء المقربين من السامر هم رجال الإعلام.. البعض يقول إن السامر يحاول أن (يكوش )على الإعلام الشعبي ويشتريه،مارأيك؟
أنا أحاول أن ادعم الداعمين للأدب الشعبي، لأن هؤلاء خدموا تراثنا، وخدموني أنا عبدالعزيز وخدموا والدي وعمي وخالي وخدموا تراث هذا البلد ، وإذا ما كرمناهم ووقفنا معهم من يقف معهم؟..هل تكفي فقط كلمة شكراً؟..المسؤول عن الصفحة أو المحرر ألا يستحق الوقوف بجواره ودعمه؟..هؤلاء الذين يدعمون أدبنا ولا يسمحون للحداثيين بالدخول عليه هل نتركهم يصارعون هذه التيارات بمفردهم؟..أنا أطالب بصوت مرتفع كل الرجالات الذين لهم مقامهم أن يقفوا مع كل إعلامي يخدم هذا التراث وأنا أول واحد سيقف معهم بكل صراحة.
ـ قلت الحداثيين يدخلون ويخربون تراثنا.. من تقصد بالحداثيين؟
كل حداثي،أي أصحاب القصيدة غير المقفاة،وهنا أود أن أسأل القصائد التي ألقيت أمام الرسول عليه الصلاة والسلام ما هي؟..القصائد التي قيلت قبل الإسلام وفي صدر الإسلام وبعد الإسلام ما هي؟.. وقصائد المعلقات ما هي؟..أليست قصائد مقفاة وموزونة؟..أما القصائد غير مقفاة ما هي ؟.. وكيف جاءت إلينا؟..الم تأت من فرنسيين ومن أناس مستشرقين، هل نترك أدبنا العريق والإسلامي ونتبع مستشرقين منهم الفرنسي الذي كتب الحر وقبل أن يموت قال ليس بشعر، أريد منهم أن يأتوا لي بقصيدة غير مقفاة قيلت أمام الرسول أو ما بعد الرسول أو ما قبل الرسول أو قيلت على عهد الخلفاء أو الصحابة أو أمراء المؤمنين، وأنا اتجه معهم،الأمير الشاعر عبدالله الفيصل (رحمه الله) حينما سألوه قال هذه حيلة العاجز ووالدي الأمير سعود حينما سألوه قال ليس بشعر.
ـ هناك من يقول إن السامر غير قادر على كتابة قصيدة التفعيلة وبالتالي يقوم بمهاجمتها؟
للأسف في بدايتي كتبتها وغنيت لي وليتها لم تغن وهي مشهورة وغناها الفنان عماد عبدالحليم بعنوان ( قصة غلاك العام) ولم تكن كتابتها صعبة علي ولكن قال لي والدي (وين رايح؟).. (وش هالخرابيط اللي طالع فيها؟..) هو من ردني ونهاني وقال لا اسمعها من فمك ولا تفشلنا أمام الناس!..إما أن تقول قصيدة مثل الناس وإلا اتركها.
ـ وهل تعتقد أن من يكتب قصيدة التفعيلة فقط هو عاجز ويهرب من كتابة القصيدة النبطية والتي تخضع لشروط معينة؟
الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) في لقاء مع قناة أبو ظبي قال هذه حيلة العاجز ولكن أنا لا أستطيع أن أعجز الناس وأنا لا أعرفهم.. ولو جاء أحدهم وألقى قصيدة أمامي عرفت قدرته ،غير ذلك لا أستطيع أن أتهم الناس بالعجز،أو أن أهمش أحدا وحتى وأن فعلت أنا أهمش القصيدة وليس صاحبها، على العموم يجب عليهم ألا يذهبوا بالقصيدة إلى غير مجراها الصحيح.
ـ الملاحظة أن أغلب الشعراء يركزون على غرض الغزل.. هل تغييب الأغراض الأخرى عن القصيدة عيب من وجهة نظرك أم ماذا؟
أنا أعتقد أن الغزل من أجمل أغراض الشعر وان الغزل هو الشعر الصحيح،لا يوجد شك أن الأغراض الأخرى تحضر حينما تحضر مناسبتها أو موقفها، كالقصيدة الوطنية مثلاً، أو القضايا التي تخص المجتمع والأمة، أو مثل قصائد الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام، هذه القصائد تظهر بوقتها،وبالمناسبة الهجاء ليس من باب الشعر،والشحاذة والطلب في الشعر ليس من باب الشعر وأنا سمعت هذا الكلام من والدي،أما الغزل فهو من أبواب الشعر الأساسية،وهو من يحمل الإبداع ويجعلك تبتكر صورة جديدة مثل أن تقول:
كل العيون اللي تدور صورتك
في عيني أخطأت منزلك بين الضلوع
هذه الصورة لا تستطيع أن تقولها في قصيدة مدح.. أيضاًهناك صورة أخرى وهي:
عيني تهل الدمع وحده وثنتين
تبي تغسل الشوف عن شوف غيرك
ـ ولكن يبقى الغزل هما ذاتيا.. أين الشاعر عن هموم مجتمعه وقضاياه؟
على الشاعر أن يدخل في كافة المجالات ولكن عليه أن يبتعد عن الدين والسياسة لأن لكل منهما رجالاتها، إلا إذا طلب منه مثل أزمة الخليج أو حينما تم التطاول على صفوة الخلق اللهم صل وسلم عليه،ولكن كما قلت لك يبقى شعر الغزل هو الأساس،وبالمناسبة أرى في وقتنا الحالي أنه من الواجب على الشعر أن يركز في جانبين هما جانب الإرهاب والمخدرات ومن منبر (الرياضية) أعلن أنني إن شاء الله سأقوم بمسابقة هي من اكبر مسابقاتي التي قمت بها عن الإرهاب و المخدرات.
ـ في السابق كانت النوافذ التي يطل منها الشاعر نادرة وقليلة الآن أصبح هناك زحمة وتعدد في هذه النوافذ من صحف و مجلات وفضائيات هل هذا في صالح الشعر من وجهة نظرك؟
أنا أصفها أنها صحية،وأنت تذكر لأن ظهورك في الساحة ليس ببعيد عن ظهوري كان هناك مجلات عدة ولكن لم يبق منها إلا الأفضل، الآن القنوات بدأت تتقلص ،لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح ،هذه القنوات تخدم الأدب ولكن كثرتها بدون شك تشوش وتأتي بالغث .
تعليق