إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصائد السامر تحت مجهر المالكي (1)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصائد السامر تحت مجهر المالكي (1)

    هنا احتفاء من نوع اخر
    قراءه في قصيدة من روائع سمو الامير عبدالعزيز بن سعود (السامر) شاعر آل سعود
    شكراً لروعة السامر وقلم الاستاذ محمد بن حمدان المالكي الصحفي الاكثر تألقاً في ساحات الشعر ومجلة فواصل



    رائعة الموسم.. " عادات وسلوم "
    تجود بها قريحة " السامر "
    في كل مرة يفاجئنا الشاعر صاحب السمو الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد آل سعود ( السامر ) بدرة شعرية .. تستفز مكامن قرائحنا .. ولكن هذه المرة فاجأنا برائعة كتبت أبياتها بماء الذهب وعبق التاريخ ..برائعة شعرية استوقفتني كثيراً قبل أن أشرع في محاولة قراءتها والدخول إلى معالمها الأدبية والفكرية والنفسية والاجتماعية الراقية ..
    استوقفني في هذه القصيدة حبكتها الرائعة .. ورصانتها القوية .. وجزالتها الراقية ..
    استوقفني عذوبة أبياتها .. وروعة منهجها .. وسلاسة أسلوبها ..
    وقد كان لهذه الرائعة ( عادات وسلوم ) نظرة ثاقبة .. وحكمة أصيلة ..
    ولنبدأ أولاً بالأبعاد التي رسمها الشاعر الأمير عبد العزيز بن سعود في عنوان القصيدة الموسومة بـ " عادات وسلوم " :
    استطاع شاعرنا من خلال العنوان أن يجدد في دواخلنا أصالة العادات الأصيلة والمبادئ الإسلامية السمحة ..
    وقد آثر شاعرنا على أن تكون كلمتي العنوان نكرتين ليحتوي جميع العادات والمبادئ الأصيلة تحت هاتين الكلمتين الأصيلتين ..

    وفي أول بيت يفتتح به شاعرنا رائعته يقول :

    من يطلب العليا فلا يرخص السوم
    المجد ما هو قسم نفسٍ بخيله

    يقول النقاد إن أحكم بيتٍ ما بدأه صاحبه بـ " مَن " و " من " هنا أداة شرط لا بد أن يتسنى لها جواب شرط يحقق المعادلة اللغوية والمنطقية .. فالمجد ليس من السهولة بمكان الوصول له .. لذا فمن شد رحله لطلب المعالي فلا بد أن يدفع ثمن ذلك من وقت وتضحية وحب للآخرين .. وقد قال الشاعر في ذلك :
    وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
    فالطريق المفروش بالرياحين لا يقود إلى المجد .. كما قال " لافونتين " ..
    وقد زرع شاعرنا أسلوب التضاد في الشطر الثاني بين " المجد " و " البخل " لتتضح الصورة وتنجلي في ثوبها المطرز بالإبداع فبضدها تتبين الأشياء ..
    فالمجد هو نقيض منطقي للبخل .. كما يتناسبا تناسباً عكسياً مع بعضهما ..
    والكرم صورة من صور المجد يقول تعالى في محكم تنزيله : } يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم { ..
    ويقول صلى الله عليه وسلم في ذلك : " السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس " ..
    ولعل الشاعر الذي ناقش ذلك في قوله :
    يجود بالنفس إن ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
    كان محقٍ فيما ذهب إليه ..
    كما أن البخل في مقياس العرف مذموماً قلباً وقالباً .. والله سبحانه وتعالى يقول عنه :
    } وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى ، وما يغني عنه ماله إذا تردى { ..
    ويقول صلى الله عليه وسلم عن البخيل :
    " لا يدخل الجنة خَبٌّ ولا منان بخيل " ..
    ويقول الحسن بن علي رضي الله عنه :
    " من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه " ..
    ولعل شاعر العرضة الجنوبية الذي ربما قرأ هذه الرائعة قد شغف بمحتواها عندما قال :
    المدح ما فاده ذليلٍ ولا جابه
    ولا شراه اللي تكاسل ويتمنى

    للناس عاداتٍ مع الناس وسلوم
    يرقى بها الرجال راس الطويله

    على جال المكارم تنبت العادات والمبادئ الأصيلة حتى تصبح سُلّماً يرتقي به كل من رام صعود جبال المجد والإباء والأنفة ..
    ومن هذا البيت كان عنوان هذه الرائعة .. ولا ألوم شاعرنا في هذا البيت .. فالعلاقة التي تنشأ بين الناس تكون من منطلق توافق العادات والتقاليد والسلوم .. والتي تعتبر مقياساً لمدى استمرارية هذه العلاقة أو فسادها .. وشاعرنا هنا أخذ الجانب المشرق من تلك العادات على وجه التغليب .. وهذا بيت القصيد ..

    من قدم الحسنى والاحسان معلوم
    ينال من مولاه كسب النفيله

    وهنا يعود شاعرنا إلى " من " الشرطية ليؤطر حكمةً سال منها الجزاء مغفرةً من رب العزة والجلال ..
    والملاحظ هنا أن هذه الرائعة الشعرية لم تكن إلا ردة فعل طبيعية لتمسك صاحب السمو الأمير عبد العزيز بالعادات والمبادئ الأصيلة فكانت الأبيات الأولى مرآة لحياة " السامر " بشكلٍ عام .. فالمجد والكرم والسمعة الطيبة قد تحلى بها والده صاحب السمو الأمير سعود بن محمد – أطال الله في عمره – ودرسها لأبنائه .. فما تكاد أن تدخل مجلس " السامر " حتى يهب بالترحيب والاحتفاء بالزائر والسؤال عن ذويه وإكرامه وتقديم له ما يطلب .. وما من عادة أو مبدأ أصيل إلا وتجده بين أكفي يديه متجلياً كالشمس ..
    كما أتى البيت الثالث بصورة مصغرة عن حياة " السامر " الدينية فحب الخير والمحافظة الشديدة للصلاة والأذكار ديدن سموه اليومي ..

    ومن قدم الحسنى على اللوم والشوم
    عدله سبق - عن ضيعة الراي - ميله

    دعوة نبيلة للمبادرة إلى الإحسان والذي قرنه بالعدل .. مقتدياً بقوله تعالى :
    } إن الله يأمر بالعدل والإحسان { ..

    ومن مات مسلم قالوا الناس مرحوم
    شفيعه محمد وربي كفيله

    يقول أحد الحكماء :
    " إذا ذكر الميت .. منهم من يدعى له .. ومنهم من يدعى عليه .. ومنهم لا هذه ولا تلك .. فاختر أيهم تكون " ..
    ولو سؤل أحدنا لقال أريد ممن يدعى له .. وهذا ما أشار له شاعرنا بكل بساطة وموضوعية ذاهباً بتلميحاته إلى الحث على العمل الصالح ..

    ولو يرحم الظالم من الناس مظلوم
    الوادي الممحل جرى فيه سيله

    يقول صلى الله عليه وسلم : " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " ..
    وهنا ربط شاعرنا كذلك رحمة من في الأرض برحمة من في السماء .. وهذه دعوة خالصة للتراحم وعدم الظلم ..

    ما نال من شاور على حقه رخوم
    إلا مثل ما نال من هد فيله

    وينتقل بعد ذلك شاعرنا إلى باقة من المفاهيم التي اكتسبتها الأجيال بالتجربة .. ويوظف هنا أسلوب الاستثناء والذي أعطى البيت جمالاً والعبارة بعداً أدبياً رائعاً .. كما أن حرص شاعرنا على توظيف الرمز التاريخي في الشطر الثاني أعطى البيت بعداً تاريخياً جميلاً ..
    فمن استشار ضعاف العقول والشجاعة فإنه لا ينال إلا مثل ما نال إبرهة الأشرم حينما استشار قساوسته والذين أرشدوه إلى طريق الهلاك ..حينما رمته الطير الأبابيل بحجارة من سجيل .. ولعل شاعر العرضة محمد بن حوقان المالكي عندما قرأ هذا البيت استوحى منه بيت العرضة حينما قال :
    " إبرهه لو كان ما هو مخالف للشريعه
    مارمته الطير ما بين مكه واعْرَفه "

    المجد يبغى له شغاميم وقروم
    يوفون بحقوق الزمان الثقيله

    يقول أناتول فرانس :
    " المجد كالحسناء لا يمنح نفسه إلا لخاطب " ..
    ولكنه ليس أي خاطب بل لا بد أن تتوفر فيه الشجاعة ولإقدام والجود والالتزام الحقيقي بتعاليم الدين حتى يستطيع الإيفاء بحقوق الزمن الثقيلة على المتواني ..

    بادت حضارة قيصر الفرس والروم
    ولا بكتها عين خلقٍ كحيله

    تمر الحضارات مر السحاب على الأمم .. فمنها ما يعل الأرض بالخير والبركة .. ومنها ما يورثها النكبات والمصائب .. ومنها ما يمر وكأنه لم يمر .. هكذا الحضارات ..
    وهنا استطاع شاعرنا أن ينتقل بنا إلى بهو التاريخ برمز تاريخي لا يجهله الجميع .. ألا وهو حضارة الفرس والروم .. وهاتين الحضارتين كانتا تشاركهما حضارة ثالثة وهي الحضارة الإسلامية .. ولكن هاتين الحضارتين نستا الله فنساهما .. مقارنة بالحضارة الإسلامية التي قامت على التوحيد ..

    بالمنتحي ما ينفع العذل واللوم
    إطلب له الله واتركه في سبيله

    لو حاولت أن تقف في وجه صخرة منتحية من أعلى الجبل وقد ساقها السيل .. فإنك لن تستطيع إيقافها .. فشدة الانحدار .. وقوة اندفاع السيل .. وقساوة الصخرة .. جميعها تقف عائقاً دون إيقافها .. ويقول في تصوير ذلك الشاعر إمرؤ القيس :
    " كجلمود صخرٍ هده السيل من علي " ..
    كذلك المنتحي لرأي ما أو قناعة ما فمن الصعب عذله أو لومه .. وهنا وصل بنا شاعرنا إلى حل مشكلة ملموسة في حياتنا اليومية استطاع أن يقدم لها حلاً مقنعاً يخرجنا من دائرة التقاعس عن معالجة المشاكل وعدم التطفل فيما لا يعنينا .. ويدعونا إلى اللجوء إلى الله بالدعاء لهذا المبتلى – فلا يرد القدر إلا الدعاء - ..

    لا بد ما يذكرك يومٍ بعد يوم
    ويحتاج لك حاجة مصر فيض نيله

    في نشوة العناد لا يتقبل المعاند إي رأي من غيره .. ولكنه فيما بعد يعود إلى رشده ويتذكر من نصحه في صورته الخيرة الصالحة .. ويحتاج لذلك النصح ليروي حيرته كما ما يحتاج مصر لفيض نيله ..

    العز من بين المخاليق مقسوم
    ويفوز به من طيب راسه دليله

    أكد شاعرنا في هذه الرائعة على الإشارة وبوضوح إلى المبادئ الأصيلة .. فأشار إلى المجد والجود والإحسان والعدل والتمسك والرحمة وفي هذا البيت يتناول العز بمفهومه الشامل من أنفة وإباء .. ولكن الفوز به مقتصرٌ على من كان طيبه أصلٌ فيه ..
    يقول المتنبي :
    " وكل امرئٍ يولي الجميل محببٌ وكل مكانٍ ينبت العز طيبُ "

    كم واحدٍ وده بمجدٍ مع القوم
    وعيت صواديف الدهر تستوي له

    كثيرون هم الذين يبنون الأماني قصوراً من أحلام .. ولكن قليلون هم الذين يصلون إليها .. وفي هذا البيت دعوة لمواصلة الطلب والجد إلى المعالي .. فما نيل المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ..
    http://www.soqokaz.ocm/vb/

    binhougan@hotmail.com
يعمل...
X