.
.
.
.أتساءل ، هل يمكن لبدوي في صحراء بدوية ، أن يوقد ناره ، لا ليعد قهوته ، ولكن لأنه وحيد ؟!!! .
مالعيب في ذلك ؟.
أليس البدوي ، في صحرائه البدوية قطعاً ، أول من ابتكر ( الرجم ) لهكذا غرض ؟.
هل سمعنا قط أن بدويين اعتليا رأس ( رجم ) معاً وفي ذات اللحظة ؟ .
النار إذاً ، يوقدها البدوي لدلته حيناً ، ولضيفه أحياناً ، وفي بعض الأحيان ، يوقدها البدوي لأنه وحيد .
هو يعلم أنه وحيد ، لكنه لكي يرى عمق وحدته ، يشعل ناره .
والبدوي ، ذلك البدوي الذي يرتاد ( الرجم ) كثيراً ، يغني كثيراً .
أما البدوي الذي يشعل ناره لأنه وحيد ، فإنه يرتدي صمته ! .
وفرق كبير بين ( الرجم ) والموقد . بين البدوي الذي يبحث عن ذاته في صوته ، والبدوي الذي يبحث عن ذاته في صمته ! . وهذا النوع الأخير ، رغم ندرته ، هو أكثر أنواع البداة إنصاتاً لنبض الصحراء ، وأعمقها اتصالاً بعوالم الآفاق المفتوحة .
فالرمل أفق مفتوح ، والشجر أفق مفتوح ، والجبال ، والريح ، والطير ، والمطر ، والظباء المستنفرة ، وسروح الصيد ، والكائنات المستخفيات بالليل ، الساربات بالنهار .
والبدوي ، هذا البدوي بالذات ، أفق مفتوح ، لكنه أفق متحرك يستقريء ما حوله من أشياء دون أن يدعي فهمها ، ودون أن يقتحمها كصاعقة . ولأنه بوحدته أشعل ناره ، ولأنه بصمته أصبح هو ، رأى الآخرون ( الأنواع الأخرى من البدو ) أن خلوته ، وبتلك الطريقة الغريبة ، تقوض شكل ( الرجم ) ودلالته ووظيفته التقليدية . ليس ذلك فحسب ، بل تقوض شكل الحنجرة ، وإيقاعات الغناء فوق ( الرجم ) .
بل إن البدوي الذي يتمطى في صوته ، يرى في تلك الخلوة الغريبة ، صحارى شاسعة لم تطأها قدماه ، ولم يبلغه من قبل أن أحداً ذكرها من رواة الأخبار ، والمعمرين ، والمشتغلين في جمع الحكمة وعِبَر التاريخ ، و جوَّابي الآفاق .
يرى البدوي المغني أن ( الرجم ) منذ القدم ، مكان نزهته ، وسلوة خاطره ، ومحفزه التليد على الغناء ، وتوقيع الصوت على وتيرة الآباء والأجداد .
يرى البدوي المغني أن ( الرجم ) من العلو بحيث يمكنه ( كما يتصور دائماً ) أن يمسك بأجنحة الطير في السماء ، ويرى الأشياء التي كانت أعلى منه ، تحته ، ويشعر أن صوته بلغ كل الدنيا ، وأن صورته في جزيئات الهواء انطبعت في أطياف قوس قزح ، والتمعت في ناصية الأرض ، ومرايا الجهات .
يفرح البدوي المغني بهذا المجد ، فيحافظ على تكوين ( الرجم ) ، ويحرسه من التخريب ، والإتلاف ، والسرقة ( ؟!! ) .
أما البدوي ، صانع صمته ، وموقد ناره ، فيدرك أنه وحيد ، لأنه مبكراً استيقظ ، فرأى في بياض الصبح معالم الأرض على حقيقتها ، وجواهر الأشياء .
رأى ( الرجم ) مجموعة أحجار ، وكومة تراب خشنٍ لا ينطق . أعلاه أكثره شحوبا . لا ينبت في حواشيه إلا ما يشبهه . يعبره النهار فلا يضيء ، ويغشاه الليل فلا يشف . إذا نزل عليه المطر تململ كالملدوغ بالجمر الحي .
هذا هو الرجم الذي يذود عنه البدو المغنون ، معنى أن يحل مكانه الموقد .
أولئك هم البدو المغنون الإمتداد .
أصدقائي الرائعون .
شكراً من حدائق قلبي ، على السؤال ، رغم أني أعلم أن الكلام نصفه اعتذار .
لم أتوقف عن الكتابة ………. توقفت فقط عن الزج بها في طريق من لا تعنيه كيف تكون .
أنتم ترون … أنا أرى …. هم يرون … أن ما يميز بعضنا عن بعض أن كلاً يرى الحياة على قدر ما وصله منها من حياة …………..!
.
.
.أتساءل ، هل يمكن لبدوي في صحراء بدوية ، أن يوقد ناره ، لا ليعد قهوته ، ولكن لأنه وحيد ؟!!! .
مالعيب في ذلك ؟.
أليس البدوي ، في صحرائه البدوية قطعاً ، أول من ابتكر ( الرجم ) لهكذا غرض ؟.
هل سمعنا قط أن بدويين اعتليا رأس ( رجم ) معاً وفي ذات اللحظة ؟ .
النار إذاً ، يوقدها البدوي لدلته حيناً ، ولضيفه أحياناً ، وفي بعض الأحيان ، يوقدها البدوي لأنه وحيد .
هو يعلم أنه وحيد ، لكنه لكي يرى عمق وحدته ، يشعل ناره .
والبدوي ، ذلك البدوي الذي يرتاد ( الرجم ) كثيراً ، يغني كثيراً .
أما البدوي الذي يشعل ناره لأنه وحيد ، فإنه يرتدي صمته ! .
وفرق كبير بين ( الرجم ) والموقد . بين البدوي الذي يبحث عن ذاته في صوته ، والبدوي الذي يبحث عن ذاته في صمته ! . وهذا النوع الأخير ، رغم ندرته ، هو أكثر أنواع البداة إنصاتاً لنبض الصحراء ، وأعمقها اتصالاً بعوالم الآفاق المفتوحة .
فالرمل أفق مفتوح ، والشجر أفق مفتوح ، والجبال ، والريح ، والطير ، والمطر ، والظباء المستنفرة ، وسروح الصيد ، والكائنات المستخفيات بالليل ، الساربات بالنهار .
والبدوي ، هذا البدوي بالذات ، أفق مفتوح ، لكنه أفق متحرك يستقريء ما حوله من أشياء دون أن يدعي فهمها ، ودون أن يقتحمها كصاعقة . ولأنه بوحدته أشعل ناره ، ولأنه بصمته أصبح هو ، رأى الآخرون ( الأنواع الأخرى من البدو ) أن خلوته ، وبتلك الطريقة الغريبة ، تقوض شكل ( الرجم ) ودلالته ووظيفته التقليدية . ليس ذلك فحسب ، بل تقوض شكل الحنجرة ، وإيقاعات الغناء فوق ( الرجم ) .
بل إن البدوي الذي يتمطى في صوته ، يرى في تلك الخلوة الغريبة ، صحارى شاسعة لم تطأها قدماه ، ولم يبلغه من قبل أن أحداً ذكرها من رواة الأخبار ، والمعمرين ، والمشتغلين في جمع الحكمة وعِبَر التاريخ ، و جوَّابي الآفاق .
يرى البدوي المغني أن ( الرجم ) منذ القدم ، مكان نزهته ، وسلوة خاطره ، ومحفزه التليد على الغناء ، وتوقيع الصوت على وتيرة الآباء والأجداد .
يرى البدوي المغني أن ( الرجم ) من العلو بحيث يمكنه ( كما يتصور دائماً ) أن يمسك بأجنحة الطير في السماء ، ويرى الأشياء التي كانت أعلى منه ، تحته ، ويشعر أن صوته بلغ كل الدنيا ، وأن صورته في جزيئات الهواء انطبعت في أطياف قوس قزح ، والتمعت في ناصية الأرض ، ومرايا الجهات .
يفرح البدوي المغني بهذا المجد ، فيحافظ على تكوين ( الرجم ) ، ويحرسه من التخريب ، والإتلاف ، والسرقة ( ؟!! ) .
أما البدوي ، صانع صمته ، وموقد ناره ، فيدرك أنه وحيد ، لأنه مبكراً استيقظ ، فرأى في بياض الصبح معالم الأرض على حقيقتها ، وجواهر الأشياء .
رأى ( الرجم ) مجموعة أحجار ، وكومة تراب خشنٍ لا ينطق . أعلاه أكثره شحوبا . لا ينبت في حواشيه إلا ما يشبهه . يعبره النهار فلا يضيء ، ويغشاه الليل فلا يشف . إذا نزل عليه المطر تململ كالملدوغ بالجمر الحي .
هذا هو الرجم الذي يذود عنه البدو المغنون ، معنى أن يحل مكانه الموقد .
أولئك هم البدو المغنون الإمتداد .
أصدقائي الرائعون .
شكراً من حدائق قلبي ، على السؤال ، رغم أني أعلم أن الكلام نصفه اعتذار .
لم أتوقف عن الكتابة ………. توقفت فقط عن الزج بها في طريق من لا تعنيه كيف تكون .
أنتم ترون … أنا أرى …. هم يرون … أن ما يميز بعضنا عن بعض أن كلاً يرى الحياة على قدر ما وصله منها من حياة …………..!
تعليق