مع هطول الأمطار
قلوب وعيون أبناء البادية تعلقت هذه الأيام بالأرض وسحب السماء
إعداد ـ صبار العنزي
يا الله من مزنة هبت هبايبها
رعادها بات له في البر زلزالي يتباشر الناس هذه الأيام خيرزا بسقوط الأمطار واخضرار بعض المناطق.. ونادرا ما تجد المكالمات أو المقابلات التي تحدث للأصدقاء من المناطق والقرى والهجر عند تقابلهم إلا وتدور عن الحيا والأمطار والخير والربيع.. والجميع بحمد الله متفائلون هذا العام بوافر الخير وجزيل العطاء من كريم لا يشح في عطائه.. قلوب أهل البادية تدق فرحا وسرورا وعيونهم شاخصة هذه الأيام بالسماء وما تلبث إلا ان تعود للأرض لرؤية ما جد واستجد من نبت.
وأبناء الجزيرة العربية وغالبيتهم الشعراء يمثل لهم عنصر المناخ شيئا مهما وان كان البعض يعتقد غير ذلك وذلك بسبب التصاق ذهنية الإنسان بعوامل البيئة والمناخ تعلق بالمطر والسحاب والرعد والبرق والرياح لأنها تمثل له شيء كثيرا يقول الأستاذ أحمد بن مساعد الوشمي في كتابه التراث الجغرافي في الشعر العالمي الذي وصفا للطبيعة الكونية في الشعر العامي والذي قدم له سعادة الدكتور عبدالرحمن السبيت وكيل الحرس الوطني للشؤون الفنية ورئىس اللجنة العامة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بقوله: يعبق تراث هذه الأمة وتاريخها بما يكتنزه من آداب وعلوم كانت هي درة عصرها في فترة ليست قصيرة من الزمن, وسارت بها الركبان حتى أصبحت هذه الأمة معروفة ومتميزة بآدابها وفصيح لغتها وبيانها, ويأتي الشعر الفصيح والعامي في مقدمة الآداب التي تحكى مسيرة تراث وتاريخ هذه الأمة, وتسطره قوافي الشعر أبياتا ندية تردد على الألسنة في المجالس والندوات والحل والترحال, فحفظت هذه الحقائق والمسميات والأمامكن بواسطة الذاكرة ومخزونها للأجيال ستتناقله جيلا بعد آخر.
والشعراء الشعبيون تعلقوا بمفردات غاية في الامتاع والطرافة والتقابل أو التنافر واستطاع الشاعر ان يوظف تلك المفردات في جميل شعره.. فهذا هو الشاعر الشيخ مشعان بن هذال المتوفى عام 1266هـ يقول:
لو يدهجه. وبل الثريا ويسقيه
ويمطر ياقوت ومسك سحابه
ما ينبت النوار لوسال واديه
صبخا وجفجاف هيار جنابهالشاعر أورد عددا من المفردات مثل وبل الثريا, ياقوت, مسك, النوار, صبخا, جفجاف, هيار مفردات من البيئة فهو يعني وبل الثريا المطر في نؤ الثريا وبالجفجاف الأرض البور.. وهنا يظهر تعلق الشاعر بالمطر أي الحيا حتى في وصفه لبعض السلوكيات المرفوضة وعن الحيا يقول الشاعر محسن الهزاني:
سقاها الحيا في ليلة بعد ليلة
من المزن هتاف حقوق الروامعوالشاعر من شدة انجذابه لمغريات الخير والعطاء تعلق بالسحب والمزن وأخذ يسميها ويقسمها مثل المزنة الغرا وهي سحابة بيضاء بين سحاب أسود يقول الشاعر سطام بن حضيفي بن الجبور:
يا مزنة غرا نشت مدلهمه
تمطر على روس الهضاب حقوق
تردم بها الغيم الثقيل وتشتعل
وتوضي على كل الجهات بروقويقول كذلك الشاعر مقحم النجدي من الصقور:
يا مزنة غرا من الوسم ميدار
اللي جذبنا من بعيد رفيفه
تؤمر على كل المغالي بالأمطار
تصبح بها خدان قومي مريفه
ترعى بها قطعاننا سر وجهار
ترعى زماليق الفياض النظيفةويقول الأستاذ الوشمي عن التراث الجغرافي (ومن الطبيعة الكونية) في الجزيرة العربية, من المستحيل معرفة أسماء الأماكن والجبال وأشكال التضاريس وعناصر المناخ من رياح وسحاب ومطر وحرارة وأنواء ونجوم وبروج إلا بالنظر إلى الشعر العامي. بسبب تبدل الأحوال من تغير بطول الزمن وما ذكر من اختلاط العرب بالعجم تغيرت المسميات ولهذا فإن الشعر العامي بمادته العلمية يعتبر الرائد الحقيقي للشعر الفصيح وما يحييه من نفس المادة ولا غنى عنه بالبحث فيه واستخراج المادة الجغرافية منه فهو شعر عربي وحلت كلمات عجمية ثم عربت أو كلمات عامية لها أصل عربي استعملت للضرورة الشعرية أو تغيرت أوزانه لكن مادته صحيحة ويحتاج إليها, فهل من المعقول تجاهلها؟!
إذا نقول ان الشعر الشعبي دون معلومات جغرافية لا يمكن اغفالها لما ذكرنا من معلومات سابقة بدءا من السحاب ذو الأنواع التي لا تحصر مثل الرباب: قطع السحاب البيضاء التي ترى في حالك سواده, وهو غيم منخفض يتعلق بالسحاب منه الأبيض والأسود, الديمة وهي السحابة المستمر مطرها والتي لا تنقطع, والساريات وهي السحب ذات الرعود وهي التي تمطر بالليل يقول محمد القاضي:
والذ من صافي الحاله بشخبوب
هله روايح ساريات النحاحيبولا يمكن ان نجد مسميات متكاملة وشاملة وان كان جهد المؤلف رائعا في هذا المجال إذ أورد مثل حدوق المخايل, الشبراق, الطها, نواف الطها, برق المخايل, الغيث, السحاب, هماليل, المرزم, السدى, المدلهم, سيل ديما, وبل الثريا, الودق وأخيرا وصف الشاعر راشد الخلاوي حركة السحاب وتصريف الرياح له بقوله:
إذا صار منشاها جنوب ويممت
شمال فهي مثل الخريش المرامح
واذا صار منشاها شمال ويممت
جنوب لقيت الما على الحزم سابحولن نقول لكم وداعا بل نقول ما قال الشاعر بديوي الوقداني وكلنا ثقة برب العالمين ان يغيث العباد بفيض رحمته وكرمه:
يا الله من مزنة هبت هبايبها
رعادها بات له في البحر زلزالي
ريح العوالي من المنشا تجاذبها
جذب الدلي من جبي مطوية الجا
المصدر جريدة الرياض
قلوب وعيون أبناء البادية تعلقت هذه الأيام بالأرض وسحب السماء
إعداد ـ صبار العنزي
يا الله من مزنة هبت هبايبها
رعادها بات له في البر زلزالي يتباشر الناس هذه الأيام خيرزا بسقوط الأمطار واخضرار بعض المناطق.. ونادرا ما تجد المكالمات أو المقابلات التي تحدث للأصدقاء من المناطق والقرى والهجر عند تقابلهم إلا وتدور عن الحيا والأمطار والخير والربيع.. والجميع بحمد الله متفائلون هذا العام بوافر الخير وجزيل العطاء من كريم لا يشح في عطائه.. قلوب أهل البادية تدق فرحا وسرورا وعيونهم شاخصة هذه الأيام بالسماء وما تلبث إلا ان تعود للأرض لرؤية ما جد واستجد من نبت.
وأبناء الجزيرة العربية وغالبيتهم الشعراء يمثل لهم عنصر المناخ شيئا مهما وان كان البعض يعتقد غير ذلك وذلك بسبب التصاق ذهنية الإنسان بعوامل البيئة والمناخ تعلق بالمطر والسحاب والرعد والبرق والرياح لأنها تمثل له شيء كثيرا يقول الأستاذ أحمد بن مساعد الوشمي في كتابه التراث الجغرافي في الشعر العالمي الذي وصفا للطبيعة الكونية في الشعر العامي والذي قدم له سعادة الدكتور عبدالرحمن السبيت وكيل الحرس الوطني للشؤون الفنية ورئىس اللجنة العامة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بقوله: يعبق تراث هذه الأمة وتاريخها بما يكتنزه من آداب وعلوم كانت هي درة عصرها في فترة ليست قصيرة من الزمن, وسارت بها الركبان حتى أصبحت هذه الأمة معروفة ومتميزة بآدابها وفصيح لغتها وبيانها, ويأتي الشعر الفصيح والعامي في مقدمة الآداب التي تحكى مسيرة تراث وتاريخ هذه الأمة, وتسطره قوافي الشعر أبياتا ندية تردد على الألسنة في المجالس والندوات والحل والترحال, فحفظت هذه الحقائق والمسميات والأمامكن بواسطة الذاكرة ومخزونها للأجيال ستتناقله جيلا بعد آخر.
والشعراء الشعبيون تعلقوا بمفردات غاية في الامتاع والطرافة والتقابل أو التنافر واستطاع الشاعر ان يوظف تلك المفردات في جميل شعره.. فهذا هو الشاعر الشيخ مشعان بن هذال المتوفى عام 1266هـ يقول:
لو يدهجه. وبل الثريا ويسقيه
ويمطر ياقوت ومسك سحابه
ما ينبت النوار لوسال واديه
صبخا وجفجاف هيار جنابهالشاعر أورد عددا من المفردات مثل وبل الثريا, ياقوت, مسك, النوار, صبخا, جفجاف, هيار مفردات من البيئة فهو يعني وبل الثريا المطر في نؤ الثريا وبالجفجاف الأرض البور.. وهنا يظهر تعلق الشاعر بالمطر أي الحيا حتى في وصفه لبعض السلوكيات المرفوضة وعن الحيا يقول الشاعر محسن الهزاني:
سقاها الحيا في ليلة بعد ليلة
من المزن هتاف حقوق الروامعوالشاعر من شدة انجذابه لمغريات الخير والعطاء تعلق بالسحب والمزن وأخذ يسميها ويقسمها مثل المزنة الغرا وهي سحابة بيضاء بين سحاب أسود يقول الشاعر سطام بن حضيفي بن الجبور:
يا مزنة غرا نشت مدلهمه
تمطر على روس الهضاب حقوق
تردم بها الغيم الثقيل وتشتعل
وتوضي على كل الجهات بروقويقول كذلك الشاعر مقحم النجدي من الصقور:
يا مزنة غرا من الوسم ميدار
اللي جذبنا من بعيد رفيفه
تؤمر على كل المغالي بالأمطار
تصبح بها خدان قومي مريفه
ترعى بها قطعاننا سر وجهار
ترعى زماليق الفياض النظيفةويقول الأستاذ الوشمي عن التراث الجغرافي (ومن الطبيعة الكونية) في الجزيرة العربية, من المستحيل معرفة أسماء الأماكن والجبال وأشكال التضاريس وعناصر المناخ من رياح وسحاب ومطر وحرارة وأنواء ونجوم وبروج إلا بالنظر إلى الشعر العامي. بسبب تبدل الأحوال من تغير بطول الزمن وما ذكر من اختلاط العرب بالعجم تغيرت المسميات ولهذا فإن الشعر العامي بمادته العلمية يعتبر الرائد الحقيقي للشعر الفصيح وما يحييه من نفس المادة ولا غنى عنه بالبحث فيه واستخراج المادة الجغرافية منه فهو شعر عربي وحلت كلمات عجمية ثم عربت أو كلمات عامية لها أصل عربي استعملت للضرورة الشعرية أو تغيرت أوزانه لكن مادته صحيحة ويحتاج إليها, فهل من المعقول تجاهلها؟!
إذا نقول ان الشعر الشعبي دون معلومات جغرافية لا يمكن اغفالها لما ذكرنا من معلومات سابقة بدءا من السحاب ذو الأنواع التي لا تحصر مثل الرباب: قطع السحاب البيضاء التي ترى في حالك سواده, وهو غيم منخفض يتعلق بالسحاب منه الأبيض والأسود, الديمة وهي السحابة المستمر مطرها والتي لا تنقطع, والساريات وهي السحب ذات الرعود وهي التي تمطر بالليل يقول محمد القاضي:
والذ من صافي الحاله بشخبوب
هله روايح ساريات النحاحيبولا يمكن ان نجد مسميات متكاملة وشاملة وان كان جهد المؤلف رائعا في هذا المجال إذ أورد مثل حدوق المخايل, الشبراق, الطها, نواف الطها, برق المخايل, الغيث, السحاب, هماليل, المرزم, السدى, المدلهم, سيل ديما, وبل الثريا, الودق وأخيرا وصف الشاعر راشد الخلاوي حركة السحاب وتصريف الرياح له بقوله:
إذا صار منشاها جنوب ويممت
شمال فهي مثل الخريش المرامح
واذا صار منشاها شمال ويممت
جنوب لقيت الما على الحزم سابحولن نقول لكم وداعا بل نقول ما قال الشاعر بديوي الوقداني وكلنا ثقة برب العالمين ان يغيث العباد بفيض رحمته وكرمه:
يا الله من مزنة هبت هبايبها
رعادها بات له في البحر زلزالي
ريح العوالي من المنشا تجاذبها
جذب الدلي من جبي مطوية الجا
المصدر جريدة الرياض
تعليق