[align=center]
بين سمر المقرن وتركي الدخيل ثمة خيط !!!
لن أتكلم عن تجربتهم الكتابية والتي يرى البعض أن أسماء اصحابها كانت لها الفضل في انتشارها .. ولكن سأتكلم عن الخيط الرفيع الذي يصل بين كلا من الشخصيتين ..
فالممعن في تجربة تركي الدخيل الصحفية والإعلامية يجد بأنه كان صادقاً في حضوره كفكر وذات ، وعندما تُلقى عليه" الإضاءات" نجد بأنه محاور جيد قلما نجد مثيله على القنوات الأخرى فتركي الدخيل عندما يحاور شخصا يحاول أن يسلط الأضواء على أبعاد هذه القضية والشخصية معا ، بعكس أولئك الذين يرتدون أقنعة "نحن معك " وفي الخلف " يتطعمون لحمه ..ولو نظرنا إلى تجربة سمر المقرن نراها تجربة شفافة بلا أقنعة أو رتوش وأبخرة .. فهي زفت كل كلمة من قلب مؤمن بها ومصدق .. بخلاف تلك التجارب الغضة لكاتبات سعوديات يكتبن ليكونوا تحت المجهر فقط فتزف تجربتهم بلون الرماد أو أسود من ذلك.. وكنت أتمنى أن تكون ميتة على الأقل لتلف بكفن " أبيض" فيه من الطهر القليل ..!
وهذا الخيط الرفيع الذي قد لايراه المتابع النهم هو خيط مهم كنت أتمنى لو يصل بين تجارب الكثير من الكتاب والكاتبات السعوديات في تجاربهم الكتابية وحضورهم الإعلامي بعيداً عن الغوص في المناهج الفكرية ومدى تأثيرها على الفرد السعودي والمجتمع ..
واني لأرى قارئ مقالي هذا يستعجب من حرصي على هذا الخيط فهو أعتَقَد في بداية حديثي أنني سأتحدث عن مدى تعاطفهم مع القضايا الانسانية والاجتماعية العربية والسعودية ولكن في نظري هذا التعاطف قد سكن قلوب الكثير من الأدباء ولكن يظل خيط الإيمان أدق وأعمق في التجربة الصحفية..
يوسف المحيميد ولُغطُ موتى
ربما قرأت الكثير من الروايات السعودية بعكس زميلاتي اللواتي لايرغبن في اهدار وقتهن فيها .. فهي -من وجهة نظرهن-أقل مما تستهويه الذائقه .. لكن ربما كنت أنتمائية ووطنية دون علمي أو كان الروائي السعودي يوسف المحيميد ظلاً يطاردني كلما نظرت إلى أرفف مكتبة مكتظة بالروايات .. فأجد أناملي تمسك برواياته اولاً ثم تسقط الأخريات في سلتي ..
أو مازال غازي القصيبي يغوص في ذاتي مطالباً أيضاً بـ"سعودة الذائقة "
فعلى الرغم من اني قرأت روايات كان بعضها يرمي إلى شيء تمقته ذاتي والآخر يعمق بعض الأفكار في روحي .. لكني لم أرى أسلوبا فلسفياً مختلط بأمشاج شخوص الرواية مثلما ارتكب الروائي يوسف المحيميد في لُغط ُموتى .. فعندما انتهيت منها علمت بأن المنهج الفكري البنيوي قد تلخص في هذه الرواية فالمذهب البنيوي توصل إلى عدة نتائج أهمها : ان الادراك لا ينعزل عما يتم ادراكه ، بل هناك علاقة وثيقة دائمة بين مادة الادراك والادراك ذاته والذات المدركة الفاعلة .
فعندما يقول يوسف المحيميد في هذه الرواية :
" كنت قبلا مثلك تماما ، لا أؤمن باللامرئي ، أوقن كثيراً بماهو محسوس ، بماتجسه يداي ، بماتتلوى رائحته كأفعى الماء داخل أنفي ، بكل مايصطخب في حدود بصري ....."
"هناك أشياء ربما لانعود بها الى العقل ، أعني أن هناك لامرئيات قد نحدسها أو نغمض فنراها ..."
" رغما عنك قد ترى عنكبوت ينبت فجأة في الزاوية العلوية لغرفتك ، ضيفاً طارئاً ليس في الحسبان سيهطل عليك بغتة ... وانت أيضا رغما عنك حين تنهال حبات المسبحة على اسفلت الشارع وقد أدرتها بين يديك كالمروحه ، سيقشعر بدنك وتحدس أن شيئا سيسقط منك ، ابنك أو عمرك أو مالك أو ماسواه.
ماذا تسمي ذلك الذي يستحيل فيه اللامرئي إلى يقين أو إلى ظل يصاعد حثيثا حتى يصير يقينا ، ماذا تسمي تلك الوسوسه التي تنتشر في دمك حتى تكون شيئا حسيا تراه امامك "
فعندما يكون روائي مثل يوسف المحيميد يكتب فالواجب علينا ان ننهل منه دونما اكتفاء ، فهو يكتب بفلسفة وفكر، ورواياته ليست روايات سرديه لا قيمة لها سوى كتابة النزوات في أسطر تثير الشهوات ، فهو يجعل الفشل بوابة للنجاح ، والسؤال باب للإيمان واليقين ، والقلق باب للعزيمة .. يكفي أنه أشعل لغط موتى من قلق كاد يقتل الروائي ،ولربما لمس شيء في ذاتي -في قلقي أن اكتب قصيدة أقل من سابقاتها- ،وهو من جعلني أقع في إيمان "فخاخ الرائحة " ...فشكراً يوسف المحيميد وشكراً للموتى لغطهم ..
10/ 12/ 2008
نوض سدير
[/align]
بين سمر المقرن وتركي الدخيل ثمة خيط !!!
لن أتكلم عن تجربتهم الكتابية والتي يرى البعض أن أسماء اصحابها كانت لها الفضل في انتشارها .. ولكن سأتكلم عن الخيط الرفيع الذي يصل بين كلا من الشخصيتين ..
فالممعن في تجربة تركي الدخيل الصحفية والإعلامية يجد بأنه كان صادقاً في حضوره كفكر وذات ، وعندما تُلقى عليه" الإضاءات" نجد بأنه محاور جيد قلما نجد مثيله على القنوات الأخرى فتركي الدخيل عندما يحاور شخصا يحاول أن يسلط الأضواء على أبعاد هذه القضية والشخصية معا ، بعكس أولئك الذين يرتدون أقنعة "نحن معك " وفي الخلف " يتطعمون لحمه ..ولو نظرنا إلى تجربة سمر المقرن نراها تجربة شفافة بلا أقنعة أو رتوش وأبخرة .. فهي زفت كل كلمة من قلب مؤمن بها ومصدق .. بخلاف تلك التجارب الغضة لكاتبات سعوديات يكتبن ليكونوا تحت المجهر فقط فتزف تجربتهم بلون الرماد أو أسود من ذلك.. وكنت أتمنى أن تكون ميتة على الأقل لتلف بكفن " أبيض" فيه من الطهر القليل ..!
وهذا الخيط الرفيع الذي قد لايراه المتابع النهم هو خيط مهم كنت أتمنى لو يصل بين تجارب الكثير من الكتاب والكاتبات السعوديات في تجاربهم الكتابية وحضورهم الإعلامي بعيداً عن الغوص في المناهج الفكرية ومدى تأثيرها على الفرد السعودي والمجتمع ..
واني لأرى قارئ مقالي هذا يستعجب من حرصي على هذا الخيط فهو أعتَقَد في بداية حديثي أنني سأتحدث عن مدى تعاطفهم مع القضايا الانسانية والاجتماعية العربية والسعودية ولكن في نظري هذا التعاطف قد سكن قلوب الكثير من الأدباء ولكن يظل خيط الإيمان أدق وأعمق في التجربة الصحفية..
يوسف المحيميد ولُغطُ موتى
ربما قرأت الكثير من الروايات السعودية بعكس زميلاتي اللواتي لايرغبن في اهدار وقتهن فيها .. فهي -من وجهة نظرهن-أقل مما تستهويه الذائقه .. لكن ربما كنت أنتمائية ووطنية دون علمي أو كان الروائي السعودي يوسف المحيميد ظلاً يطاردني كلما نظرت إلى أرفف مكتبة مكتظة بالروايات .. فأجد أناملي تمسك برواياته اولاً ثم تسقط الأخريات في سلتي ..
أو مازال غازي القصيبي يغوص في ذاتي مطالباً أيضاً بـ"سعودة الذائقة "
فعلى الرغم من اني قرأت روايات كان بعضها يرمي إلى شيء تمقته ذاتي والآخر يعمق بعض الأفكار في روحي .. لكني لم أرى أسلوبا فلسفياً مختلط بأمشاج شخوص الرواية مثلما ارتكب الروائي يوسف المحيميد في لُغط ُموتى .. فعندما انتهيت منها علمت بأن المنهج الفكري البنيوي قد تلخص في هذه الرواية فالمذهب البنيوي توصل إلى عدة نتائج أهمها : ان الادراك لا ينعزل عما يتم ادراكه ، بل هناك علاقة وثيقة دائمة بين مادة الادراك والادراك ذاته والذات المدركة الفاعلة .
فعندما يقول يوسف المحيميد في هذه الرواية :
" كنت قبلا مثلك تماما ، لا أؤمن باللامرئي ، أوقن كثيراً بماهو محسوس ، بماتجسه يداي ، بماتتلوى رائحته كأفعى الماء داخل أنفي ، بكل مايصطخب في حدود بصري ....."
"هناك أشياء ربما لانعود بها الى العقل ، أعني أن هناك لامرئيات قد نحدسها أو نغمض فنراها ..."
" رغما عنك قد ترى عنكبوت ينبت فجأة في الزاوية العلوية لغرفتك ، ضيفاً طارئاً ليس في الحسبان سيهطل عليك بغتة ... وانت أيضا رغما عنك حين تنهال حبات المسبحة على اسفلت الشارع وقد أدرتها بين يديك كالمروحه ، سيقشعر بدنك وتحدس أن شيئا سيسقط منك ، ابنك أو عمرك أو مالك أو ماسواه.
ماذا تسمي ذلك الذي يستحيل فيه اللامرئي إلى يقين أو إلى ظل يصاعد حثيثا حتى يصير يقينا ، ماذا تسمي تلك الوسوسه التي تنتشر في دمك حتى تكون شيئا حسيا تراه امامك "
فعندما يكون روائي مثل يوسف المحيميد يكتب فالواجب علينا ان ننهل منه دونما اكتفاء ، فهو يكتب بفلسفة وفكر، ورواياته ليست روايات سرديه لا قيمة لها سوى كتابة النزوات في أسطر تثير الشهوات ، فهو يجعل الفشل بوابة للنجاح ، والسؤال باب للإيمان واليقين ، والقلق باب للعزيمة .. يكفي أنه أشعل لغط موتى من قلق كاد يقتل الروائي ،ولربما لمس شيء في ذاتي -في قلقي أن اكتب قصيدة أقل من سابقاتها- ،وهو من جعلني أقع في إيمان "فخاخ الرائحة " ...فشكراً يوسف المحيميد وشكراً للموتى لغطهم ..
10/ 12/ 2008
نوض سدير
[/align]
تعليق